أعربت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية مجددا، عن مخاوفها من احتمال وجود كميات كبيرة من المواد المحظورة، لدى سلطة الأسد في سوريا.
جاء ذلك خلال الاجتماع السنوي للمنظمة، أمس الاثنين، حيث قال مديرها العام فرناندو أرياس للمندوبين، إنه يشعر بقلق بالغ بشأن الثغرات الكبيرة في إعلان سلطة الأسد حول مخزونها من الأسلحة الكيميائية، إذ لا زالت هناك شكوك حول وجود مخزون لم يعلن عنه.
ويُعتبر هذا التحذير الثاني من نوعه خلال 3 أشهر، حيث قال نائب الممثلة السامية للأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح، أديديجي إيبو، في أيلول الفائت، إن المعلومات القادمة من سوريا تشكل “تطورًا مقلقًا للغاية”.
وفيما لا تزال سلطة الأسد تمارس نفس الأساليب المبنية على المماطلة والمراوغة، تبقى الجهود الأممية تراوح في مكانها، وتبقى قوات الأسد قادرة على استخدام سلاح التدمير الشامل ذاك في أي وقت.
وفي تعليقه على الموضوع، قال نضال شيخاني، مدير مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سوريا، لموقع حلب اليوم، إن الجهود الدولية أعاقت قدرة السلطة على إنتاج الأسلحة الكيميائية وحدّت من استيراد المواد الأولية، لكن الأخيرة استطاعت “بأساليب ملتوية”، الحصول على مواد وإن كانت أقل جودة.
وعلى الرغم من “العمل المكثّف منذ أكثر من عقد”، يقول المدير العام للمنظمة إنه “ما زال من غير الممكن إغلاق ملف الأسلحة الكيميائية في سوريا”، مضيفا: “أبلغت عن 26 مسألة عالقة بشأن مخزونات الأسلحة الكيميائية هناك، وتم حل سبع منها فقط”.
وأوضح أن القضايا الـ19 المتبقية، “تثير قلقًا لاحتمال وجود كميات كبيرة أخرى غير المعلنة أو لم يتم التحقق منها”.
وأضاف شيخاني، أن مكتب السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي أصدر قوائم عقوبات متكررة على كيانات وأشخاص يدعمون برنامج السلاح الكيماوي التابع للأسد، كما زادت الضغوط من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا.
لكن ذلك – يضيف مدير مركز التوثيق في بروكسل لحلب اليوم – لم يُنهِ برنامج الأسد، رغم تحجيمه، إنما أدى إلى تراجع إنتاجه فقط.
ولا يعتقد شيخاني أن الدول الغربية تتسامح مع برنامج الأسد الكيماوي، حيث تمارس الضغوط، إلا أنه لا يزال حتى الآن قادر على استخدام تلك الأسلحة، بعد أكثر من 11 عاما من انضمامه للمنظمة.
وأعلنت السلطة صيف عام 2013 انضمامها إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، بموجب اتفاق عقدته مع واشنطن ودول غربية، لتجنب ضربات عسكرية واسعة، بعد الهجوم بالغازات السامة على الغوطة الشرقية الذي أسفر عن مقتل أكثر من 1400 مدني.
وأشار أرياس، في كلمته أمس إلى أن هناك قلقا بالغا بشأن كميات كبيرة محتملة من عناصر أسلحة كيميائية، أو ذخائر كيميائية غير معروفة.
وتتهم سلطة الأسد المنظمة ومديرها بالترويج لما تسميه “الادعاءات والاتهامات الكاذبة التي توجهها الدول الغربية المعادية لسوريا”، دون تقديم أي ردود منطقية على تساؤلات المنظمة منذ سنوات، وهو ما أدى لتعليق حق السلطة بالتصويت في المنظمة عام 2021 كتدبير عقابي ردا على هجمات بالغاز السام عام 2017.
ومع بقاء مخزون وسلاسل الإنتاج لدى سلطة الأسد، يحذّر معارضون سوريون من إمكانية عودته إلى استخدام تلك المواد، خصوصا مع إفلاته من العقاب بسبب محاولاته السابقة، فيما تؤكد التقديرات الغربية أن آلاف الذخائر ومئات الأطنان من المواد الكيماوية لا تزال موجودة.
وأكد شيخاني أن مركز التوثيق الذي يديره، يعتقد أن خطر ضرب قوات الأسد للمدنيين بالكيماوي لا يزال قائما، مشيرا إلى أن “الصواريخ المصنعة في معامل الدفاع بالتعاون مع مركز الدراسات والبحوث العلمية هي مصنعة أساساً لتحمل رؤوسا كيميائية وخاصة صواريخ سكود وبركان الإيرانية”.
وكانت المنظمة قد طلبت توضيحات بشأن نتائج تحليل العينات التي جمعها فريقها في سوريا بين أيلول 2020 ونيسان 2023 في موقعين يظهر فيهما وجود أنشطة مقلقة محتملة، لكن سلطة الأسد لم تقدم أجوبة.
وتشير التقديرات إلى وجود “دورة إنتاج كاملة” للمواد الكيماوية، تبدأ من البحث والتطوير وتنتهي بالإنتاج والاختبار والتخزين.