انتقد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، طريقة تعاطي سلطة الأسد مع العرض الذي قدّمه الرئيس رجب طيب أردوغان باللقاء معه، وتطبيع العلاقات بين الجانبين لحل الملفات العالقة، محذرا من تبعات العملية العسكرية الإسرائيلية في المنطقة.
وقال فيدان أثناء استعراضه أسس سياسة بلاده تجاه الملف السوري، في كلمته أمام البرلمان، يوم الخميس الفائت، حيث تطرق فيها للملفات الخارجية التي تعمل عليها وزارته، إن الأسد يبدو غير راغب بالسلام.
وقال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السوري أحمد مظهر سعدو في إفادته لموقع حلب اليوم، إن الأسد “غير قادر على أن يعيد اللاجئين ولا أن يفتح خط الترانزيت ولا يؤمن شمال شرق البلاد لحفظ الأمن القومي التركي، وإزاحة قسد وpkk من المنطقة”، وهي مطالب أنقرة لتحقيق التطبيع.
وأضاف أن إيران تلعب دورا سلبيا في هذا الاتجاه، حيث أن “هناك دورا واضحا لها في إعاقة المصالحة ولكن روسيا ما زالت مصرة على ذلك، وتصريحاتها أكدت أن التطبيع قائم، إلا أن هناك صعوبة في تحقيق الشروط الموضوعة من قبل تركيا”.
وكرر فيدان في تصريحاته الأخيرة، مطالب بلاده وهي تطهير البلاد من “العناصر الإرهابية”، والحفاظ على وحدتها وسلامة أراضيها، وتحقيق تقدم في العملية السياسية، وضمان العودة الآمنة والطوعية للسوريين إلى وطنهم.
وأكد أن “الاتصالات والمحادثات منفصلة”، داعيا إلى “حوار حقيقي وتواصل مع المعارضة السورية” حتى “يتوصل الأسد إلى اتفاق مع معارضيه”.
واستدرك بالقول: “لكن، على حد علمنا، هو وشركاؤه غير مستعدين للتوصل إلى اتفاق مع المعارضة وإجراء التطبيع.. حتى الآن لا يبدو أن الأسد وشركائه مستعدون لحل بعض المشاكل”، مشبرا إلى مطالبته بسحب القوات التركية من سوريا.
وقال وزير الخارجية إن بلاده لا يمكنها مناقشة الانسحاب من سوريا إلا بعد قبول دستور جديد وإجراء انتخابات وتأمين الحدود، موضحا أن “موقف سلطة الأسد يجعلنا نتصور الأمر على أنه: ‘لا أريد العودة إلى السلام’ “.
بدوره أكد سعدو أن “هناك عثرات؛ لكن لم يتوقف التطبيع ولن يتوقف في المنظور القريب لأن هناك مصالح دولية روسية – تركية ومصالح أيضا لسلطة الأسد وإيران في هذا السياق”.
كما أشار إلى أن الأسد أغرق نفسه بالوعود التي لا يستطيع تنفيذها، مقابل التطبيع مع الدول العربية، فهو مرتهن للإرادة الإيرانية، بينما يتعرض للضغوط من عدة جهات.
وكانت تقارير متقاطعة قد أكدت أن إسرائيل عرضت على الأسد والروس تولي قطع طرق إمداد حزب الله في سوريا – يشمل ذلك ميليشيات إيران بطبيعة الحال – مقابل رفع العقوبات الدولية عنه وإعادة تأهيله أمام المجتمع الدولي والغرب.
ويتحدث المسؤولون الإسرائيليون عن ترتيب جديد في المنطقة، يشمل سوريا، والوجود الإيراني فيها، وهو ما تنظر إليه تركيا بعين القلق.
وحذّر الوزير التركي فيدان من أن العمليات العسكرية الإسرائيلية الجارية في سوريا ولبنان، قد تقوض مسار أستانا الذي عملت عليه أنقرة لسنوات مع كل من روسيا وإيران، ما قد يهدد أجواء الاستقرار بالمنطقة.
ويعتبر هذا التحذير الثاني من نوعه من قبل أنقرة خلال أسابيع، حيث قال أردوغان الشهر الماضي، إنه يخشى من وصول قوات إسرائيلية إلى حدود بلاده، كما حذّر من إمكانية اجتياح دمشق، داعيا الأسد لاستغلال عرضه بالتطبيع معه.
واعتبر الوزير التركي أن جهود روسيا وإيران ضمن عملية أستانا ضرورية للحفاظ على الهدوء الميداني، مؤكدا استمرار المشاورات التي بدأت مع الولايات المتحدة بشأن الملف السوري، مضيفا أن “محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي أوجدتها عملية أستانا التي أوقفت إراقة الدماء في سوريا، ما يجعلها مفتوحة على كل أشكال عدم اليقين”.
وفي أعلى التصريحات نبرةً منذ بدء مسار التطبيع، قال فيدان موجهاً حديثه للأسد: “لتجر انتخابات حرة، ومن يصل إلى السلطة نتيجة لذلك، فنحن مستعدون للعمل معه”، مشيرا إلى أن الحوار الذي اقترحه أردوغان، “يجب أن يتم تقييمه من قبل دمشق بما يعطي الأولوية لمصالح الشعب السوري، وهو ما يمثل التوقع الأساسي لتركيا”.
وكان فيدان قد اعتبر في تصريح له منتصف الشهر الفائت أن موسكو “تقف على الحياد” مضيفا: “إذا أرادت حكومة دمشق اتخاذ خطوات بشأن بعض القضايا فلا أعتقد أن الروس سيقولون لا، لكنني لا أعتقد ولا أرى أن الروس سيمارسون ضغوطًا عليها لاتخاذ هذه الخطوات”.