دعت وزيرة الطاقة في السويد “إيبا بوش” إلى إعادة النظر في شروط منح الجنسية للمهاجرين، وفي حقهم بالتصويت، وسط تشديد مستمر للإجراءات المفروضة على اللاجئين وطالبي اللجوء.
وقالت بوش في مقابلة مع صحيفة أفتونبلادت إن على وكالة الهجرة السويدية إبطاء منح الجنسية حتى يجري تطبيق تعديلات اتفاقية تيدو، التي تنص على ضرورة إخضاع المهاجرين لدورات دراسية عن قوانين ونظم المجتمع السويدي، وامتحانات اللغة، قبل الحصول على الجنسية.
وتنحو السويد نحو تشديد القوانين على اللاجئين، وطالبي اللجوء في أراضيها، وذلك ضمن توجه أوروبي عام تزايدت وتيرته بعد وصول الأحزاب اليمينية للسلطة في العديد من دول الاتحاد.
وفي إفادته لحلب اليوم، قال حافظ قرقوط الكاتب الصحفي السوري المقيم في السويد، إن هناك تغيرا واسعا في المزاج الشعبي والحكومي تجاه اللاجئين والأجانب، بعد فوز الأحزاب اليمينية والمحافظة بالبرلمان وتشكيلها لحكومة محافظة ويمينية.
وأعلنت الحكومة خلال الشهر الماضي، تشديد الإجراءات المفروضة على طالبي اللجوء، بعد إصدار قانون جديد يلزمهم بالبقاء الإجباري في مراكز استقبال المهاجرين0، وتقييد إمكانية حصولهم على الدعم المادي، وتنقلهم بين المقاطعات، مع دراسة إمكانية الترحيل القسري.
وأضاف الكاتب السوري أن هناك تراجعا في الاهتمام باللاجئين، بل تشديدا للقيود عليهم، كجزء من التغيرات التي طالت أوروبا عموما، وهي مرتبطة بالمشاكل المالية.
وقالت بوش إن “المسلم السويدي المؤيد لقيم المساواة للجميع هو موضع ترحيب كبير وجزء منا”، فيما لم توضح موقفها ممن لديهم آراء مختلفة.
وطالبت بتمديد فترة الإقامة اللازمة للمهاجرين (تبلغ حالياً 3 سنوات) للحصول على حق التصويت في الانتخابات المحلية، كما دعت لإبطاء وتيرة إصدار جنسيات جديدة “حتى يتم تقديم متطلبات أكثر صرامة واختبارات معرفة جديدة للمواطنين المحتملين”.
وشككت الوزيرة في القواعد الحالية التي تسمح للأشخاص الذين ليسوا مواطنين سويديين بالتصويت في الانتخابات البلدية، مقترحة مراجعة هذه القواعد، حيث قالت: “نسمح للناس بالتصويت في الانتخابات البلدية بسهولة إلى حد ما.. إن هذا يمكن أن يخيف الأغلبية في بلدية بأكملها”.
وخاطبت المسلمين قائلة: “لا يمكن تطبيق الإسلام في السويد كما حدث في أفغانستان أو بالطريقة التي يريدها الملالي في إيران الشمولية.. باعتبارك مسلمًا سويديًا ملتزمًا وله جذور إيرانية، يجب أن تكون قادرًا على التمتع بنفس الحرية والمساواة التي يتمتع بها جميع السويديين الآخرين، إذن يجب على الإسلام أن يتكيف”.
لكن عندما تمّ الحديث عن اليهود، قال بوش في مقالة نقاشية حديثة نشرتها صحيفة SvD، بالتعاون مع برلمانية الاتحاد الأوروبي أليس تيودوريسكو ماوي، إن “المجتمع السويدي يعتمد على الأخلاق اليهودية المسيحية، التي تتضمن من المساواة بين الجنسين، ومساواة الجميع أمام القانون وحرية الدين والتعبير”.
يؤكد قرقوط أن الأحزاب اليمينية التي وصلت إلى سدة الحكم اعتمدت خطابا شعبويا، محرضا ضد اللاجئين، والمسلمين عموما، في محاولة لكسب الأصوات، عبر تحميل هؤلاء مسؤولية مشاكل البلاد، بدلا من العمل على حلها.
وتتفق أحزاب اليمين على أن المهاجرين الذين يريدون الحصول على الجنسية يجب أن يخضعوا لتدريب معرفي موسع حول قوانين وأعراف المجتمع السويدي، وأن يجتازوا اختبار معرفة اللغة من خلال الامتحان.
ويحمّل الكاتب السوري الحكومة اليمينية مسؤولية عرقلة الاندماج وتعلم اللغة، حيث يقول إن القوانين تعوق ذلك أكثر من كونها تساعد عليه، بينما تتخذ الأحزاب اليمينية من عدم الاندماج السريع للاجئين بالمجتمع السويدي حجة للتحريض عليهم.
ومضى بالقول: “لا ندري ما هو السبب الذي جعل الأحزاب اليمينية تصعد بشكل عام في السويد وفي أوروبا كلها، حيث بدأت تقترح قوانين جديدة منها ما تتم دراسته لتطبيقها بسرعة.. لقد كانت البلاد بالفعل دولة مرحبة باللاجئين سابقا، بسبب المساحة الكبيرة وطبيعة شعبها”.
وجرى مؤخرا – يضيف قرقوط – الحد من تنقل اللاجئين؛ ولم يعد الأمر كما كان سابقا لمن يحصل على بطاقة اللجوء، حيث كان يأخذ كل التصاريح التي تتيح له التنقل في كافة أنحاء السويد والبحث عن عمل، لكن الآن توجد اقتراحات بجعل مراكز الهجرة خارج المدن المكتظة بالسكان أو على أطرافها، وهو ما يقلل الاندماج.
وأصبح اليوم على طالب اللجوء أن يقيم في مراكز الاستقبال فقط، وهي التي توزع اللاجئين لاحقا على المحافظات السويدية بحسب قدرة المحافظة أو المدينة على تأمين فرصة عمل، وفي حال لم يجد اللاجئ فرصة عمل فسيبقى في مركزه، بينما كان يمكن لطالب اللجوء سابقا أن يأخذ شقة أو يسكن في مكان يناسبه عند قريب له مثلا.
وتدرس السويد حاليا ترحيل كل من رُفض طلبه للجوء لأول مرة وطُلب منه الرحيل عن البلاد، خصوصا من تكون عليهم قضايا جنائية أو مخالفات أو قضايا أخرى، وكان في السابق بإمكانه التواري عن الظهور أمام السلطات لعدّة سنين، كما يؤكد قرقوط أن البلاد بدأت تتجه مؤخرا إلى الترحيل القسري.
وبحسب وسائل إعلام أوروبية، فإن هذا الوضع لا يقتصر على السويد، بل بات اللاجئون السوريون في عموم أوروبا يعيشون حالة من التخوف والقلق بشأن مستقبلهم، بما في ذلك ألمانيا وهولندا اللتين كانت حتى وقت قريب من البلدان المرحبة باللاجئين.
وعقد الاتحاد الأوروبي قمة في بروكسل، منتصف الشهر الماضي، “لتشديد اللهجة حيال سياسات الهجرة واللجوء أوروبا ضمن إطار الجهود الأوروبية لمواجهة تحديات الهجرة غير الشرعية”، حيث وافق على اتفاقية اللجوء التي تتيح بذل الجهود لمنع وصول المهاجرين، وأصبحت على رأس جدول أعماله.
ويدرس الاتحاد إنشاء “مراكز عودة” للمهاجرين في دول أخرى، وهي السياسة التي بدأت إيطاليا في تنفيذها بإرسال مهاجرين إلى ألبانيا المجاورة، كما يدرس إنشاء أماكن مخصصة لنقل المهاجرين إلى مراكز استقبال في دول أخرى.
ووسط كل تلك الإجراءات دعت الوزيرة السويدية بوش، إلى التشدد مع اللاجئين، قائلة إنه “لن يكون من الحكمة أن نحصل الآن فجأة على عشرات الآلاف من المواطنين السويديين الجدد الذين يحملون أقوى جواز سفر في العالم كله، وهو جواز السفر السويدي، ولكنهم لا يشتركون حقًا في هذه القيم الأساسية التي تجعل السويد سويدية”.
وأضافت: “هذا يعني أن لدينا أشخاصًا يحصلون على الجنسية الكاملة ولا يشترون حقًا شروط كونهم سويديين.. إنه طريق خطير جدًا”.
وكانت مصلحة الهجرة السويدية قد منحت ما يقرب من 54000 جنسية جديدة، بين يناير وأكتوبر من هذا العام.