أفادت مراسلة حلب اليوم في دمشق أن مستشفى المجتهد يشهد نقصاً حاداً في الكادر التمريضي، ويتراوح هذا النقص بين 100 و150 ممرضاً وممرضة في مختلف التخصصات، وفقاً لمصادر طبية من داخل المشفى رفضت الكشف عن هويتها.
وأشارت هذه المصادر إلى أن العجز يتركز بشكل خاص في الأقسام الفنية الأساسية التي تعتمد على الكوادر التمريضية بشكل كبير، مثل قسم الأشعة، والتخدير، والمختبر، ما أدى إلى تزايد الضغوط على الكوادر المتبقية وتراجع مستوى الخدمات الصحية المقدمة للمرضى.
ولفتت إلى أن هذا الوضع يخلق بيئة عمل قاسية على العاملين، حيث يضطرون للعمل لساعات طويلة وبأعباء إضافية، مما يؤثر سلباً على جودة الرعاية الصحية.
وأوضحت المصادر لحلب اليوم أن هناك عدة أسباب وراء هذا النقص، أبرزها عدم التزام بعض خريجي مدارس التمريض بالخدمة في المستشفيات التابعة لسلطة الأسد بعد التخرج، حيث يختار بعضهم دفع بدل مالي عوضا عن العمل الفعلي، الأمر الذي يسهم في تفاقم العجز.
وأضافت أن صعوبة تأمين المواصلات تعد من العوائق الكبيرة أمام الكوادر التمريضية، لا سيما للذين يقطنون في مناطق بعيدة عن المشفى، ما يضيف عليهم عبئاً مالياً إضافياً في ظل تدني الرواتب.
ولفتت إلى أن المشكلة تتفاقم بسبب عدم وجود حوافز كافية تشجع الكوادر التمريضية على البقاء والاستمرار في وظائفهم ضمن القطاع العام، ما يدفع بالكثير منهم إلى الانتقال إلى القطاع الخاص لتحسين أوضاعهم المعيشية.
وأشارت المصادر إلى أن إدارة المشفى تحاول التخفيف من الضغوط المفروضة على الكادر التمريضي المتبقي من خلال تقديم بعض التعويضات، حيث يحصل بعض الممرضين على ربع راتب كتعويض طبيعة عمل كل ثلاثة أشهر، بالإضافة إلى توفير وجبات غذائية للعاملين في قسم الأشعة، إلا أن هذه الإجراءات، وفقاً للمصادر، لا تزال غير كافية لتلبية احتياجات العاملين الأساسية، ولا تلبي طموحاتهم المهنية والمعيشية، ما يجعلها حلولاً مؤقتة وغير قادرة على احتواء المشكلة بشكل جذري.
بدوره، أفاد “محمد.ع” أيضاً، وهو إداري يعمل في المستشفى، بأن الضغط الكبير الناتج عن نقص الكادر التمريضي يؤدي في بعض الأحيان إلى تحميل كل ممرضة مسؤولية رعاية عدد كبير من المرضى، حيث يتعين على الممرضة الواحدة في بعض الأحيان الاهتمام بنحو 30 مريضاً، بينما المعدل المثالي والمتعارف عليه عالمياً هو ممرضة لكل 3 مرضى فقط.
واعتبر محمد أن هذا الوضع يؤثر على نحو مباشر على مستوى جودة الرعاية الصحية المقدمة للمرضى، حيث تصبح الكوادر التمريضية غير قادرة على تلبية احتياجات جميع المرضى بدرجة كافية وفعّالة، ما قد يؤدي إلى تداعيات صحية خطيرة.
وأضاف أن الحوافز المالية المقدمة للممرضين في المشفى محدودة للغاية، حيث يحصل العاملون على تعويض طبيعة عمل لا يتجاوز ربع راتب أربع مرات في العام، ما يعادل حوالي 50 ألف ليرة سورية في كل مرة.
وأوضح أن هذا المبلغ لا يكفي لتغطية احتياجاتهم اليومية، كما لا يعوضهم عن الجهد الكبير الذي يبذلونه في العمل، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع تكاليف المعيشة، منوّها إلى أن غياب الحوافز المالية المجزية والتقدير الكافي لأدوارهم يجعل الممرضين يشعرون بالإحباط، ويدفعهم إلى التفكير في فرص عمل أخرى قد توفر لهم دخلاً أفضل وظروف عمل أقل ضغطاً.
وذكر أن تسرّب الكوادر التمريضية والصحية من المستشفيات العامة ليس مقتصراً على مشفى المجتهد فقط، بل هو ظاهرة عامة في سوريا.
وكانت قد أشارت نقيبة التمريض والمهن الطبية والصحية في دمشق، يسرى ماليل، في تصريحات سابقة خلال شهر آذار، إلى أن أعداداً كبيرة من الكوادر التمريضية والصحية تركت المستشفيات العامة بسبب تدني مستوى الدخل وغياب الحماية اللازمة للكوادر الصحية، فضلاً عن تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
وأكدت أن هذا التسرّب يترك المستشفيات في وضع صعب، حيث تزداد الأعباء على الكوادر المتبقية التي باتت تعاني الإجهاد والضغط النفسي.
في ظل هذه الظروف، تخشى جميع المصادر التي تحدثت إليهم مراسلتنا أن يؤدي استمرار هذا الوضع إلى مزيد من التدهور في مستوى الخدمات الصحية، مما يزيد معاناة المرضى الذين يعتمدون على الرعاية المقدمة في المستشفيات العامة، خاصة أن مشفى المجتهد يعد أحد المشافي المركزية الرئيسية في دمشق، ويخدم أعداداً كبيرة من السكان.