تشهد شوارع دمشق يومياً حملات لدوريات الشرطة التابعة لسلطة الأسد ضد شاغلي الأرصفة، لإزالة البسطات العشوائية التي تُعد مخالفة للقوانين، وتعيق حركة المشاة، مما أثار استياء أصحاب العربات المتنقلة الذين يعتمدون عليها كمصدر رزق رئيسي.
وأفادت مراسلة قناة حلب اليوم في دمشق أن شوارع المدينة أصبحت تشهد بشكل يومي حملات مكثفة لدوريات الشرطة المسؤولة عن إزالة عربات البيع المتنقلة .
وأوضحت مراسلتنا أن هذه الإجراءات أثارت استياءً واسعاً بين أصحاب البسطات، الذين اعتبروها تهديداً لمصدر رزقهم الوحيد، خاصةً وأن هذه الحملات لم تعد تقتصر على إزالة عربات البيع المتنقلة وتحذير الباعة، بل باتت تتجاوز ذلك إلى مصادرة البضائع والتعامل معهم بطرق وصفوها بأنها تعسفية وغير قانونية.
يقول أحد الباعة في سوق الحميدية -رفض الكشف عن اسمه لدواعٍ أمنية- لمراسلتنا: “إن شرطة البلدية تأتي يومياً إلى الأسواق بحثاً عن عربات البيع المتنقلة بهدف مصادرتها، حيث يجمعون بعد نهاية كل حملة أكياساً من البضائع وكأنها لهم”. وأضاف أن البسطة التي يملكها هي مصدر رزقه الوحيد، وأنه إذا تعرض يوماً للمصادرة، فقد يتسبب ذلك في قطع رزقه مباشرة.
ونقلت المراسلة عن أبو علي، وهو أيضاً صاحب بسطة في سوق الحميدية، قوله إنهم كأصحاب عربات بيع متنقلة، يعانون يومياً من إزالة عرباتهم المتنقلة من قبل الدوريات، دون تقديم أي بدائل. يتابع أبو علي: “نضع البسطة، فتأتي الشرطة فجأة، وتجبرنا على إزالتها، ورغم أننا نعتمد عليها لكسب قوت يومنا، إلا أن سلطة الأسد لا تقدم لنا حلاً بديلاً”. وأضاف متسائلاً: “إذا كانت البسطات غير قانونية، فلماذا لا يُخصص لنا مكان مرخص نتمكن فيه من العمل بشكل نظامي؟”
وفي السياق ذاته، نقلت مراسلتنا في دمشق أصوات العديد من المواطنين الذين أعربوا عن رأيهم المتباين حول هذه البسطات، إذ اعتبر بعضهم أن انتشار البسطات العشوائية “مشكلة” تؤثر في حركة المشاة، وتسبب ازدحاماً وتشويهاً للمشهد العام، بينما تعاطف آخرون مع أصحاب هذه البسطات، نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الناس.
أحد المارة -رفض الكشف عن اسمه- في شارع الحلبوني قال لمراسلتنا: “الأرصفة صارت مليئة بالبسطات، ولم يعد هناك مكان للمشي بحرية. يجب تنظيم هذا الأمر للحفاظ على النظام في الشوارع”. بينما عبّرت سيدة أخرى تُدعى “أم مصطفى” عن تعاطفها مع أصحاب البسطات بقولها: “حرام أن تتم إزالتهم دون إيجاد حل بديل، فهؤلاء الناس ليس لديهم مصدر رزق آخر، وإذا أُزِيلَت بسطاتهم، فماذا سيفعلون؟ من الأفضل إيجاد حل عوضا عن أن يلجؤوا إلى التسول”.
من جانب آخر، أفادت مراسلة حلب اليوم أن هناك مطالبات متزايدة من أصحاب البسطات بإيجاد حلول تنظيمية دائمة لهم، مشيرةً إلى أن بعضهم اقترح إقامة أسواق مخصصة ومرخصة لهذه البسطات، بحيث يُنَظَّم عملهم بشكل قانوني دون التأثير في حركة المشاة.
أحد أصحاب المحلات في حي ساروجة يُكنى “أبو محمد” قال لمراسلتنا: “إن تخصيص سوق للبسطات سيكون حلاً عادلاً للجميع؛ فأصحاب البسطات سيعملون بشكل قانوني دون أي مشاكل، وفي الوقت نفسه ستعود الأرصفة إلى المشاة”. وأضاف أن هذه الفكرة ليست جديدة، بل تم اقتراحها مرات عديدة في الماضي، لكن لم يتم اتخاذ أي خطوات فعلية لتنفيذها.
وتستمر قضية البسطات في دمشق في إثارة الجدل بين مختلف الأطراف، وسط غياب الحلول الجذرية حتى الآن، فيما تبقى المطالب بضرورة إيجاد توازن يضمن لأصحاب البسطات فرص العمل بشكل مشروع، دون المساس بحقوق الآخرين، وفقاً لمراسلتنا.