سعود الرحبي، مستشار أسواق مالية
منذ الأول من شهر شباط وحتى نهاية حزيران، حافظ اليورو على وتيرة صعوده مستفيدًا من خطط الإنفاق الموسعة للاتحاد الأوروبي، والتي بدأتها ألمانيا أكبر اقتصادات منطقة اليورو في أواخر عام 2024 بإعلانها زيادة إنفاق بقيمة 500 مليار يورو. ليعقب ذلك إعلان رئيسة المفوضية الأوروبية في مطلع 2025 عن رغبة دول الاتحاد بتوسيع الإنفاق في مختلف المجالات، وفي مقدمتها الدفاع والابتكار والتكنولوجيا والتحول للبيئة النظيفة وتشجيعها للاستثمار في هذه القطاعات.
أثارت هذه الخطوات المتسارعة للاتحاد الأوروبي شهية المستثمرين وازداد تدفق السيولة باتجاه اليورو. والسؤال هنا، من أين جاءت السيولة التي أدت إلى ارتفاع أسعار اليورو؟ بالتزامن مع زيادة دول الاتحاد الأوروبي لمستوى الإنفاق، بدأ الرئيس الأمريكي بتطبيق سياسة التعريفات الجمركية، والتي اتسمت بالمزاجية وطغت عليها الضبابية بالتزامن مع حالة عدم اليقين بشأن سياسة الفيدرالي النقدية. وهو ما زاد من يقين المستثمرين بأنه من الأفضل التوجه لليورو، خصوصًا مع إعلان الاتحاد الأوروبي توسيعه للإنفاق، وهو ما شكل طلبًا على اليورو وساهم بضعف كبير للدولار وتراجع ملحوظ في عوائد السندات الأمريكية.
هل سيستمر اليورو بقيادة صعود العملات الرئيسية؟
في آخر تقارير التزامات التجار، كان واضحًا ارتفاع رهانات المستثمرين والوسطاء المكلفين بتنفيذ العمليات بالإنابة على صعود اليورو في المدى القصير، وهو ما قد يعني صعود الأسعار مجددًا لتلامس مستوى 1.1900 – 1.20500، وهي أرقام لم يصلها اليورو منذ شهر يونيو/حزيران من عام 2021، بشرط حفاظه على تمركزه أعلى 1.1670.
المتوسطات المتحركة تدعم ذلك: على إطار التداول اليومي، نلاحظ استقرار الأسعار أعلى المتوسط المتحرك 200 و50 بالتزامن مع حدوث تباعد إيجابي بين السعر من جهة والمتوسطات من جهة أخرى، وهو ما قد يعد إشارة إلى قوة الصعود. وعلى إطار التداول الأسبوعي، نلاحظ وجود التقاطع الذهبي (Golden Cross) أو ما يعرف بتقاطع الحياة بين المتوسط المتحرك 200 والمتوسط المتحرك 50، مما قد يعني استمرار هذا الصعود على المدى الطويل، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الإشارة لا تلغي احتمال حدوث هبوط تصحيحي.
اليورو والدولار والوصول إلى حالة التشبع!
بإلقاء نظرة على السلوك السعري لزوج اليورو دولار، نلاحظ محافظة اليورو على هيكلية الاتجاه الصاعد لخمسة أشهر متتالية منذ بداية شباط وحتى نهاية حزيران، هناك خمسة قيعان صاعدة، وهذا مؤشر على أن اليورو قد يكون وصل فعليًا إلى حالة التشبع الشرائي، وأن الوقت قد حان ليبدأ المستثمرون بجني أرباحهم وإغلاق مراكزهم الشرائية، أي أن اليورو قد يكون اقترب من تنفيذ تصحيح هابط قد يصل بالأسعار إلى 1.1150 – 1.1050. من جهة أخرى، فإن اقتراب الدولار الأمريكي من منطقة مقاومة نصف سنوية ممتدة من (96.00 إلى 95.00) يعزز من فرص عودة الصعود للدولار، وقد يعد هذا عنصر جذب هام للسيولة التي ستخرج من اليورو والباحثة عن فرص جديدة قد تجدها في الدولار.
مؤشر الزخم RSI يدعم ذلك: على الإطارين اليومي والأسبوعي (الأطر طويلة الأمد)، يظهر مؤشر الزخم RSI تشبعًا شرائيًا كبيرًا إلى حد ما، مما قد يُعد إشارة إلى أن موعد إغلاق المستثمرين لمراكزهم الشرائية قد يكون قريبًا، ليلعنوا دخول الأسواق في مرحلة جني الأرباح وبالتالي حدوث تصحيح هابط للأسعار.