تتجه السويد نحو تشديد القوانين على اللاجئين، وطالبي اللجوء في أراضيها، وذلك ضمن توجه أوروبي عام تزايدت وتيرته بعد وصول الأحزاب اليمينية للسلطة في العديد من دول الاتحاد.
وذكرت وسائل إعلام محلية، أن ستوكهولم تخطط لحصر تنقلات اللاجئين الجدد ضمن محافظة واحدة، وإلزام طالبي اللجوء بالإقامة في المراكز المؤقتة ريثما يتم البت في طلباتهم، فضلا عن إمكانية اللجوء إلى الترحيل القسري.
وسيتم وضع قيود على حركة وتنقل طالبي اللجوء، من خلال تحديد إقامتهم ومنعهم من التحرك أو الانتقال خارج أماكنهم المخصصة، وإلا فسيواجهون عقوبات، كما هو الحال في تركيا منذ سنوات، حيث سيُسجل اسم المحافظة على هوية اللجوء، وإذا اكتشف وجود اللاجئ خارجها فسيتم فرض عقوبات.
وقال حافظ قرقوط الكاتب الصحفي السوري المقيم في السويد، لموقع حلب اليوم، إن فوز الأحزاب اليمينية والمحافظة بالبرلمان وتشكيلها لحكومة محافظة ويمينية، أدى إلى تراجع الاهتمام باللاجئين، بل تشديد القيود عليهم.
وكانت الحكومة قد تسلمت نتائج التحقيق لهذا القانون بعد أسبوعين من إعلانها خططاً لإلزام طالبي اللجوء بالبقاء في مراكز الإقامة التابعة لمصلحة الهجرة كشرط للحصول على الدعم المالي.
ويتضمن القانون الجديد البقاء الإجباري في تلك المراكز بانتظار دراسة الطلبات، تحت طائلة فقدان حق الحصول على تعويض يومي أو منع الدخول لسوق العمل.
تغير المزاج الشعبي والحكومي
يرى قرقوط أن اعتماد الأحزاب المحافظة خطابا شعبويا أتاح لها استغلال ملف اللاجئين، للحصول على أصوات الناخبين، وتحميل هؤلاء المهاجرين مسؤولية المشاكل التي تواجهها البلاد بدلا من حلّها بالطرق المناسبة.
وخلال السنوات العشر الماضية، بدأت الأحزاب اليمينية تحظى بالشعبية نتيجة التحريض الموجه ضد هؤلاء، حيث تمّ تحميلهم مسؤولية الأزمات، وهذا طبعا هروب من مواجهة تلك المشاكل، وفقا للكاتب السوري الذي يرى أن اللاجئين هم الحلقة الأضعف في المجتمعات التي تضيفهم، وأن استهدافهم واضح حاليا.
وأشار إلى أن هؤلاء هربوا بالأساس من مجتمعات ضعيفة، وفيها حروب وأزمات، طلبا لحماية القانون؛ وإذ به يصدهم ويقف ليحاصرهم من جديد.
تغير كبير في القانون
أوصى التحقيق الحكومي الصادر مؤخرا حول القانون الجديد، بتسجيل حضور طالبي اللجوء، حيث سيتعين عليهم في بعض الحالات الالتزام بتقديم تقارير حول وجودهم، وحول موعد خروجهم وعودتهم.
وتقول وسائل الإعلام المحلية إن هذا النظام متبع في بعض مراكز اللجوء بالدول الأوروبية، والهدف منه تشديد القوانين على حركة وحرية طالبي اللجوء في التحرك والعمل والحد من “السلبيات المتوقعة من نشاطهم”.
لكن قرقوط يلفت إلى أن القوانين بحد ذاتها كانت معرقلة لاندماج اللاجئين بالمجتمع أكثر من كونها مساعدة، ورغم ذلك فإن الأحزاب اليمينية أخذت من عدم الاندماج السريع للاجئين بالمجتمع السويدي حجة للتحريض عليهم، بالإضافة لاستغلال الأزمة الاقتصادية العالمية والمحلية التي زادت بعد مرض كورونا.
لقد كانت البلاد بالفعل دولة مرحبة باللاجئين سابقا، بسبب المساحة الكبيرة وطبيعة شعبها، “لكن لا ندري ما هو السبب الذي جعل الأحزاب اليمينية تصعد بشكل عام في السويد وفي أوروبا كلها، حيث بدأت تقترح قوانين جديدة منها ما تتم دراسته لتطبيقها بسرعة” وفقا للكاتب السوري.
ومن تلك القوانين الحد من تنقل اللاجئين؛ فسابقا كان يمكن لمن يحصل على بطاقة اللجوء أن يأخذ كل التصاريح التي تتيح له التنقل في كافة أنحاء السويد والبحث عن عمل، لكن الآن توجد اقتراحات بجعل مراكز الهجرة خارج المدن المكتظة بالسكان أو على أطرافها، وأن تكون أيضا خارج “المناطق الضعيفة” التي تكثر فيها الجريمة، كما سيكون التحقيق الأولي مع طالبي اللجوء في تلك المراكز، وهو الذي يحدد ما إذا كان المهاجر سيُمنح حق اللجوء.
وكان يمكن لطالب اللجوء سابقا أن يأخذ شقة أو يسكن في مكان يناسبه عند قريب له مثلا، أما اليوم فقد أصبح من الضروري أن يقيم في مراكز الاستقبال فقط، وهي التي توزع اللاجئين لاحقا على المحافظات السويدية بحسب قدرة المحافظة أو المدينة على تأمين فرصة عمل، وفي حال لم يجد اللاجئ فرصة عمل فسيبقى في مركزه.
كما كانت هناك إمكانية لمن يتم رفض طلبه للجوء في السويد أن يتهرب من الظهور أمام السلطات لمدة أربع سنوات ثم يقدم طلبا جديدا للجوء بعد هذه المدة، ولكن الآن – يضيف قرقوط – تم إلغاء ذلك ولم يعد ممكنا للشخص أن يقدم طلب لجوء مرة أخرى إذا رفض طلبه إلا في حال غادر السويد.
وتجري حاليا دراسة قرار بعدم قبول طلب من رُفض طلبه لأول مرة وطُلب منه الرحيل عن البلاد، أيضا هنالك رفض لطلبات من تكون عليهم قضايا جنائية أو مخالفات أو قضايا أخرى، وقد صدر قانون يوجه بترحيلهم من البلاد.
ويؤكد قرقوط أن السويد بدأت تتجه مؤخرا إلى الترحيل القسري للاجئين، و”هذا للأسف لم يكن موجودا، بل نتج عن الخطاب الشعبوي للأحزاب الحالية”.
ويعيش اللاجئون السوريون في عموم أوروبا حالة من التخوف والقلق بشأن مستقبلهم، وخاصة في السويد ألمانيا وهولندا، حيث شهدت هذه البلدان الثلاثة تشديدا كبيرا في الإجراءات الخاصة بالهجرة.
يأتي ذلك بعد عقد قمة أوروبية في بروكسل، منتصف الشهر الجاري، “لتشديد اللهجة حيال سياسات الهجرة واللجوء أوروبا ضمن إطار الجهود الأوروبية لمواجهة تحديات الهجرة غير الشرعية”، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية.
ووافق الاتحاد بعد عدة جلسات في العاصمة البلجيكية بروكسل على اتفاقية اللجوء وأصبحت على رأس جدول أعماله، حيث لوحظ انخفاض عدد الوافدين إلى الدول الأوروبية.
وتبرز دعوات العديد من القادة لإنشاء “مراكز عودة” للمهاجرين في دول أخرى، وهي السياسة التي بدأت إيطاليا في تنفيذها بإرسال مهاجرين إلى ألبانيا المجاورة، كما يبحث الأوروبيون اقتراحا بإنشاء أماكن مخصصة لنقل المهاجرين إلى مراكز استقبال في دول أخرى.