لا تزال أسعار الزيت والزيتون مرتفعة في الشمال السوري، رغم بدء موسم القطاف، حيث تعتبر المنطقة غنية بالكروم والأشجار دائمة الخضرة، وتعتمد على منتجاتها وثمارها بشكل كبير.
وفيما بدأت بعض المناطق عمليات القطاف فإن هناك مناطق أخرى لا تزال في انتظار هطول المطر، وفقا لمراسل حلب اليوم.
ويقول مزارعون إن هطول “أول مطرة” ولو كانت بسيطة من شأنه أن يُحدث تغيرات مهمة في المحصول، حيث تنتعش الثمار وتصبح غنية الزيت، كما أن طعمها يكون أفضل وأقل مرارة.
وكان شهر تشرين الأول الجاري قد شهد هطولات جيدة في بدايته، وأيضا في أواخر أيلول الفائت، في بعض مناطق ريف حلب الشمالي، وريف إدلب الغربي، لكن هناك مناطق واسعة لا تزال في انتظار المطر حتى اليوم.
ويمثل الزيتون عنصرا أساسيا في موائد السوريين، كذلك الأمر بالنسبة للزيت، بالإضافة إلى “التفل” وهو عبارة عن الناتج المتبقي بعد العصر في المعاصر.
ويُستخدم “التفل” مع بواقي الزيت بعد “العصرة الثانية” في صناعة الصابون، المعروف باسم صابون الغار، عوضا عن المنتجات الصناعية والكيميائية، مع العلم بأن الغار لا يُستخدم لارتفاع سعره.
كما تستعمل بواقي العصر في صناعة “البيرين” المخصص للتدفئة، حيث يتم ضغطها في قوالب ونشرها في الشمس حتى تجف، ويستخدم كبديل عن الحطب على نطاق واسع في الشمال السوري، وقد أدى غلاء الزيت والزيتون لارتفاع سعره إلى جانب الصابون.
وفي مناطق سيطرة هيئة تحرير الشمال، لا تزال هيئة الزكاة التابعة لحكومة الإنقاذ تفرض على المزارعين الراغبين بعصر محصولهم تقديم نسبة من الزيت، وذلك إجباريا.
وتُعيّن الهيئة مع بداية الموسم من كل عام في الشمال السوري مندوبين عنها في كافة معاصر الزيتون بالمنطقة، حيث يجلس المندوبون في المعاصر لإحصاء كافة الكميات التي ترد إليها، وفرض تحصيل “نسبة الزكاة” على الفلاحين.
ومنذ إنشائها في عام 2019؛ لم تقدم الهيئة العامة للزكاة بيانات شفافة حول مصارفها وأسماء وشرائح المستحقين، مما يدفع ببعض المزارعين لإخراج الزكاة بأنفسهم مرة أخرى،رغم تحصيلها من قبل الحكومة.
ومنذ العام الماضي شهدت أسعار زيت الزيتون ارتفاعا كبيرا بلغ أكثر من الضعف، وذلك بسبب ارتفاعه عالميا، من جراء الأزمة التي شهدتها إسبانيا، أكبر منتجي تلك المادة في العالم.
وبسبب تغيرات مناخية طالت تلك البلاد ارتفعت الأسعار داخليا من 3.60 إلى 6.48 أورو للكيلوغرام في عام واحد فقط، ما يمثل زيادة قدرها نحو 80 في المائة، ومع تراجع تصديرها ارتفعت أسعاره على مستوى العالم، مما شجّع التجار في الشمال السوري على تصدير الزيت نحو دول الخارج عبر تركيا.
وارتفعت أسعار “تنكة” الزيت في ذلك العام من 45 دولارا في المتوسط، لتقترب من 120 دولارا خلال أشهر قليلة، رغم كون المنطقة منتجة للزيت، خصوصا إدلب وعفرين.
وعقب ذلك تراجعت الأسعار بشكل تدريجي لتتراوح اليوم بين 70 و 80 دولارا بحسب جودة الزيت، وهناك مخزونات قديمة من الزيت تباع بأقل من 70 دولارا، فضلا عن انتشار الأنواع المغشوشة والمخلوطة بأنواع أخرى من الصعب كشفها.
ورغم انطلاق الموسم الحالي، لا تزال الأسعار كما هي حتى الآن، ويقول أبو محمد تاجر المواد الغذائية في إدلب، لحلب اليوم، إنه ما يزال من المبكر الحكم على مجريات الأمور، حيث أن عمليات القطاف والعصر تمتد حتى كانون الأول، وما زال من غير الواضح ما إذا كان الموسم جيدا أم لا.
ويوضح أن السوق يحكمه العرض والطلب، وأن الطلب ما يزال مرتفعا بسبب استمرار فتح باب التصدير، بينما لم يتضح حجم العرض بعد.
وينشر بعض الأشخاص أسعارا غير واقعية على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وفيس بوك، ويقول الأخير إن ذلك مرتبط برغبة البعض برفع الأسعار أو خفضها، لكن السوق هو من يتحكم بالسعر الحقيقي بعيدا عن المنشورات الوهمية.
من جانبه يعرب الشاب “ماهر .ع” عن استياءه من ذلك متسائلا لما يُسمح برفع أسعار المواد الأساسية مع ارتفاع مستويات الفقر.
يعمل الشاب كعامل مياومة يتراوح أجره اليومي حول 100 ليرة تركية فقط، فيما يبلغ سعر كيلو الزيت الواحد اليوم نحو 170 – 180 ليرة تركية.
ويقول ماهر إنه لم يشتر الزيت “بالتنكة” منذ زمن بسبب ارتفاع الأسعار، لكنه اليوم لم يعد قادرا حتى على شرائه “بالكيلو”، فيما يبلغ سعر كيلو الزيتون الواحد الجاهز نحو 50 ليرة تركية.
أما الزيتون غير الجاهز فيباع بنحو 35، ويحتاج لتكسير أو “تكليس”، وبالتالي فإن العائلة المكونة من 4 أو 5 أشخاص تحتاج لما يعادل 500 ليرة ثمنا “لمونة” الزيت.
يذكر أن أسواق الشمال السوري تشهد حالة من الركود، وسط تراجع مستمر في المقدرة الشرائية للسوريين، مع تزايد الاحتياجات المرتبطة بقدوم فصل الشتاء.