لا تزال القوات الإسرائيلية تتوغل بريا في جنوب لبنان، بالتزامن مع استمرار الغارات الجوية العنيفة، حيث طالت خلال الساعات الأخيرة محيط مشفى رفيق الحريري، ومشافي أخرى، وسط أزمة نزوح كبيرة لمئات آلاف المدنيين.
ورغم المواجهات العنيفة الجارية بالمنطقة، فإن جبهة الجولان والجنوب السوري تحافظ حتى الآن على حالة من الهدوء الحذر، فيما تتحرك الدبابات الإسرائيلية بشكل محدود.
وفي هجوم هو الرابع من نوعه منذ مطلع الشهر الجاري، على حي المزة بالعاصمة دمشق، قالت المصادر الإسرائيلية إنها استهدفت شخصية قيادية، فيما أعلنت سلطة الأسد مقتل شخصين دون الكشف عن هويتيهما.
واستهدفت أيضا غارة إسرائيلية منطقة وادي الحرير بين معبري المصنع وجديدة يابوس على الحدود اللبنانية – السورية، الليلة الماضية دون ورود معلومات عن وقوع إصابات.
وحول ما إذا كان من الممكن أن تتوقف الحرب الإسرائيلية عند الجنوب اللبناني، أو تمتد للأرض السورية، قال مصطفى النعيمي المحلل السياسي المختص بالملف الإيراني، لموقع حلب اليوم، إنه يرجح أن تكون الساحة السورية “أحد مسارح العمليات التي ستلحق بالساحة اللبنانية بالدرجة الأولى”.
وأوضح أن هناك الكثير من الميليشيات الإيرانية التي وصلت إلى المنطقة لجانب حزب الله، وبات هناك تواصل مباشر بينهم، كما أن قوة الرضوان ما زالت موجودة في الجنوب السوري، وتشكل عائقا لأي تفاهمات سياسية مستقبلية، كما أنها تطلق حتى الآن صواريخ الكاتيوشا من خلف النقاط العسكرية، وهي الصواريخ التي تستخدمها ميليشيا حزب الله في ضرباتها على منطقة الجولان المحتل.
ورجّح أن الجولان سيكون أحد أهم الوسائل التي سيستخدمها الجانب الإسرائيلي في ضغطه على المنظومة الدولية، حيث سيقول الإسرائيليون إنهم ما زالوا مهددين من تلك الجبهة، وبالتالي سيتخذون إجراءات لحمايتها من خلال التوغل البري.
وتبدو جبهة الجولان كما كانت منذ عقود هادئة تماما، إلا أن الدبابات الإسرائيلية تقدمت فيها لمئات الأمتار دون أي اعتراض ولو كان لفظيا من قبل سلطة الأسد.
ويعيش سكان القنيطرة حالة من القلق، جراء مشاهدة أبناء المنطقة لحشود القوات الإسرائيلية على الجانب الآخر من الحدود، وتحركها بشكل غير مفهوم.
وبحسب النعيمي فقد بدأ التوغل بمسافة 100 متر، منذ أسابيع، ووصل اليوم إلى أكثر من 500 متر، وهنالك بناء لسواتر ترابية وإنفاق وتوغل بري بدبابات المركافا، إضافة إلى عربة النمر لنقل الجنود، وكذلك أيضا الجرافات التي ترفع السواتر الترابية لمنع الاستهداف من قبل الميليشيات الإيرانية، وما زالت القوات الإسرائيلية حتى اليوم تعمل على إنشاء شبكة من الخنادق لتحصين القوات الموجودة في تلك الجبهة.
وأوضح أن كل تلك التحركات تأتي استعدادا لمعركة محتملة قد تنشب في أي لحظة، لكنها “ربما تكون مغايرة للعمليات السابقة؛ نظرا لأن تل أبيب تعتمد في عملياتها العسكرية على عنصر المباغتة في استهداف خصومها لتحقيق أكبر ضرر يلحق بهم في هذا الاشتباك”.
كيف سيتطور الوضع في سوريا؟
تتجه الأنظار إلى موقف بشار الأسد الذي اختار الصمت التام على ما يجري، وسط أنباء عن محاولة سلطته التضييق على تحركات حزب الله في سوريا، ومطالبة إسرائيلية له بذلك، تحت التهديد.
وبعد يوم من زيارة وزير الخارجية الأردني لدمشق، وإيصاله “رسالة شفوية” للأسد، انطلقت مسيرتان على الأقل من الجنوب السوري، نحو الأراضي المحتلة، تم اعتراض أحدهما في شمال الأردن.
ويقول متابعون إن الأسد عجز عن تحقيق المطلب الإسرائيلي بلجم الميليشيات، خصوصا بالجنوب، مما يعني أنه قد يصبح مهددا على نحو مباشر.
من جانبه يرى النعيمي أن “المواجهة ستكون إيجابية على الملف السوري، وذلك من خلال قطع الطريق الرابط ما بين طهران ودمشق وإضعاف المحور برمته؛ سواء العراقي الذي يعتبر شريان الاقتصاد الرئيس لكل هذه الميليشيات أو اللبناني الذي أصبح في أضعف حالاته”.
وأكد أن الضربات الجوية التي استهدفت حزب الله فجر اليوم، أضعفته بشكل كبير، وأدت إلى تحييد الكثير من المؤسسات الاقتصادية، وبعض المؤسسات الإعلامية، حيث بعثت برسالة واضحة تتضمن ضرورة إنهاء أي نشاط اقتصادي أو إعلامي للمحور.
وأشار إلى أن تلك الاستهدافات بدأت في لبنان وستنتقل إلى سوريا ومن ثم إلى العراق وصولا إلى إيران، وأن “هذا ما يعلنه الكثير من المسؤولين الإسرائيليين السياسيين والعسكريين، حيث يقولون إنهم مضطرون للانتقال إلى مرحلة استهداف رأس الأخطبوط وليس الذيول”.
وكان الجيش الإسرائيلي، قد أعلن في بيان له صباح اليوم، قتله رئيس وحدة تحويل الأموال في حزب الله، خلال غارة على سوريا.
ماذا عن المنطقة الشرقية
أفاد مراسل حلب اليوم بأن قوات التحالف الدولي في قاعدة حقل كونكيو، شمال شرقي سوريا، استهدفت صباح اليوم الثلاثاء مواقع للميليشيات الإيرانية في بلدة “المريعية” المتاخمة لمطار دير الزور العسكري، بـ 4 قذائف، دون ورود معلومات حول الخسائر.
وذكرت مواقع محلية أن الميليشيات الإيرانية أخلت بشكل مفاجئ مقراتها في مربع الموارد البشرية، ومحيط منطقة الصوامع خلف مدرسة المعري، وشارع السبعين قرب منطقة الهجانة في مدينة البوكمال شرقي دير الزور.
كما نقلت الميليشيات قسمًا من عناصرها إلى “غابة الأسد” جنوب غربي البوكمال، في حين نُقل القسم الآخر إلى منطقة البطين ببادية الهري القريبة من الحدود السورية – العراقية حيث توجد أنفاق وسراديب، وفقا لموقع “دير الزور 24”.
وتمثل المنطقة خط إمداد رئيسي من إيران إلى حزب الله جنوب لبنان، مرورا بالعراق والبادية السورية، نحو ريف حمص ثم الحدود اللبنانية.
وتعرضت مقار وآليات الميليشيات الموالية لإيران هناك لعشرات الضربات الجوية، على مدى السنوات الفائتة، فيما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن ذلك.