أعفت الحكومة في الأردن اللاجئين على أراضيها من المسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، من بعض الإجراءات التي قد تعيق تعليم أبنائهم في المدارس الحكومية، لكن ذلك الإعفاء لم يشمل السوريين، دون توضيح الأسباب.
وفي قرار نقلته وسائل إعلام رسمية، وجه وزير التربية والتعليم الأردني “عزمي محافظة” بإعفاء اللاجئين من غير الجنسية السورية، والمسجلين لدى المفوضية من شرط الحصول على تصريح عمل أو الإقامة السنوية كشرط مسبق للحاق أبنائهم بالمدارس للعام الدراسي 2024/2025.
كما اشترط الوزير تصويب أوضاعهم خلال مدة أقصاها 30/6/2025، “حرصا على استمرارية حصول الأطفال اللاجئين على حقهم في التعليم”.
وحول أسباب استثناء السوريين من القرار، قال أحمد فهيم المحلل السياسي الفلسطيني الأردني، لموقع حلب اليوم، إنه يعتقد أن الموضوع مرتبط بالضغوطات التي يواجهها اقتصاد الأردن، وضعف التمويل الدولي، وذلك “بلا أدنى شك”، مضيفا أن هذا الأمر ليس بالجديد، فعمان تواجه مشكلة حقيقية في هذا الإطار منذ أمد بعيد.
لكن يمن حلاق الباحثة في الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وصفت القرار بأنه “تمييز ضد السوريين مئة في المئة”، لافتة إلى أنهم يعانون أصلا من مسألة استخراج تصاريح العمل والإقامة السنوية، لأن هذا النوع من الأوراق يرتبط بحصولهم على أوراق ثبوتية من سوريا وهناك “أزمة أوراق ثبوتية حقيقية بالنسبة للسوريين”.
وأوضحت في إفادتها لحلب اليوم، أن هناك كثيرا من السوريين لا يستطيعون استخراج الأوراق الثبوتية بسبب وضعه الأمني، وسلطة الأسد تستخدم ذلك كسلاح ضدهم، كما أن من يستطيع استخراج تلك الأوراق عليه دفع مبالغ كبيرة تبدأ أحيانا من 50 دولارا، وتصل إلى 300 دولار، وذلك للأوراق العادية مثل إخراج القيد وغيره، أما جواز السفر مثلا “فكلنا يعلم أن تكلفته أعلى بكثير”.
خطر يواجه أجيالا بأكملها
من غير المعروف عدد السوريين المسجلين لدى المفوضية في الأردن على وجه الدقة، وعدد السوريين الذي يملكون الأوراق الثبوتية المطلوبة، لكنهم قلة على أي حال.
وبحسب الباحثة السورية، فإن اللاجئين السوريين في الأردن معظمهم ليس لديهم استطاعة لدفع الأموال، ويواجهون صعوبات للحصول على تصاريح العمل أو الإقامة السنوية، وذلك في كل دول الجوار السوري، ما يعني أن هناك الآلاف من الأطفال سيحرمون من إمكانية استمرار تعليمهم بسبب هذا القرار.
وحول الجهة التي تتحمل المسؤولية، رأى الباحث الأردني أن “الأردن الرسمي يرى المجتمع الدولي تخلى عن اللاجئين السوريين، وأن بعض الجهات المانحة والممولة للاجئين السوريين في الأردن تعتقد بأنه لا توجد أسباب موجبة لبقائهم هناك، فبعض الجهات المانحة تعتقد أن الأوضاع في سوريا استقرت، وبات حاليا على هؤلاء العودة الطوعية إلى ديارهم”.
وأكدت حلاق أن هناك انخفاضا مستمرا في الدعم المخصص للاستجابة الإنسانية، خلال السنوات السابقة، وذلك بسبب وجود أزمات أخرى حول العالم تؤدي إلى تحويل الأنظار عن سوريا من ناحية، ومن ناحية أخرى بسبب انتشار فرضية أن “سوريا آمنة”، ويُستخدم ملف اللاجئين للضغط على عدة جهات، فأوروبا لم تعد بحاجة إلى اللاجئين السوريين، ولا تريدهم أن يتدفقوا إلى أراضيها ودول الطوق في أوروبا بدأت بممارسات الإعادة القسرية، أي أن الكل صار من مصلحته أن يروج لفرضية “سوريا الآمنة” “.
وأشارت إلى أن “سوريا ليست آمنة، واحصائياتنا تثبت هذا الشيء فالانتهاكات والاعتقالات مستمرة حتى للاجئين المعادين قسريا، فرضية أن سوريا آمنة هي ادعاء وتضليل تتبناها الدول مع الأسف لتكون ذريعة للتخلص من حمل اللاجئين”.
لكن الأردن هنا – يضيف فهيم – “معني بلفت أنظار المجتمع الدولي إلى أنه يتكبد خسائر وتبعات اقتصادية لا ترتبط فقط بالتعليم بل بجميع مناحي الحياة.. فضلا عن أن المنطقة الآن تمر بحالة من الغليان الذي قد تنتج عنه موجات جديدة من اللاجئين”.
ولفت إلى ضرورة “التحوط واتخاذ ما يلزم من إجراءات تحسبا للأسوأ لا سمح الله.. لأنه في مثل هذه الحالات يجب أن تكون دولة مثل الأردن في موقع جاذب للاجئين، ويجب أن تكون مهيأة ومستعدة من نواحي اقتصادية واجتماعية وسياسية وأمنية لأي ظرف طارئ أو مفاجئ”.
ويجب على السوريين التسجيل في مفوضية شؤون اللاجئين، للحصول على بطاقة الخدمة الخاصة باللاجئين السوريين، من أجل أن يستفيد الطالب السوري من التعليم المجاني، لكن ذلك غير متاح لشريحة كبيرة منهم، ما يعني أن عليهم التسجيل بمدارس خاصة وتحمل تكاليف باهظة أو البقاء بلا تعليم.