لا تزال ساحة معبر “عون الدادات” الفاصلة بين مناطق سيطرة الجيش الوطني السوري وقوات قسد، بالقرب من جرابلس في ريف حلب الشرقي؛ تغص بالنازحين القادمين من لبنان إلى الشمال السوري.
ويبدو أن الأمور تتجه للحل مع دخول تدريجي لمجموعات النازحين العالقين، وسط انتقادات واسعة طالت الجهات المسيطرة على المنطقة.
وأكد الصحفي السوري محمود الوعر، لحلب اليوم، أن المجلس المحلي لمدينة جرابلس شرقي حلب، يتحرك لإيجاد آلية تنظم عملية الدخول عبر استخراج بطاقات شخصية للوافدين.
الدفع مقابل الدخول
ترجع أسباب التأخير في دخول العائلات إلى شقين، الأول يتعلق بالمدعو “زكوري” الذي يسيطر على الساحة الفاصلة بين مناطق سيطرة قسد والجيش الوطني، والثاني يتعلق بالإجراءات الأمنية.
ويتعمد “زكوري” إعاقة دخول الناس لإجبارهم على دفع الأموال، وعلى الراغبين بالدخول للشمال السوري عبر معبر “عون الدادات” دفع مبلغ 160 دولاراً أمريكياً عن كل شخص يريد المرور، مهما كان عدد أفراد العائلة.
وأوضح الوعر أن المبلغ يُقسم على عدة جهات يأخذ “زكوري” منها “حصة الأسد”، حيث يُدْفَع المبلغ في مكاتب متخصصة بنقل الركاب بين مناطق السيطرة المختلفة في سوريا، وفي حالة النازحين القادمين من لبنان لريف حلب، فإن كثيرا من تلك المكاتب يقع في إدلب.
ويأخذ المكتب 25 دولارا عن الشخص كأجر، فيما يتم دفع 25 دولارا أخرى عن الشخص مقابل “الترفيق” وذلك فقط من مدينة حلب حتى المعبر، ويدفع المكتب أيضا 10 دولارات للشرطة العسكرية كرسوم دخول عبر المعبر، فيما يبقى لزكوري 100 دولار عن الشخص الواحد.
ويتمتع الأخير بعلاقات مع متنفذين في الجيش الوطني من جهة ومع آخرين من قسد على الجهة الأخرى بحكم موقعه، ما يثير الكثير من الأسئلة حول تحكمه في آلاف الناس.
تسريع الإجراءات
يعود أيضا التأخير في دخول النازحين إلى “أسباب أمنية” حيث أصدر المجلس المحلي في جرابلس قرارا تم من خلاله التوجيه بإنشاء مكتب للنفوس في المعبر لتنظيم إدخال بيانات النازحين، وإنشاء مكتب للشرطة المدنية لتسريع عمليات “التفييش” للكشف عن وجود أشخاص مشبوهين أو مدانين بتهم أمنية أو جنائية.
ولا يزال الازدحام عند معبر “عون الدادات” الفاصل بين منبج وجرابلس كبيرا، حيث يوجد ما يقرب من ألف شخص ما زالوا حتى لحظة تحرير الخبر عالقين بالمكان، في انتظار السماح لهم بالدخول.
واستطاع أمس نحو 950 شخصا العبور نحو ريف حلب الشرقي، فيما لا يزال نحو 900 آخرين عالقين، مع العلم بأن البعض يدخلون عبر “مهربين” يساعدونهم على اجتياز خطوط التماس.
وكان نحو 2000 شخص قد دخلوا إلى مناطق سيطرة الجيش الوطني السوري، منذ نحو 6 أيام، قادمين من لبنان عبر معبر “عون الدادات” بريف جرابلس شرقي حلب، وذلك بعد فترة من الانتظار وسط انتقادات حادة للقائمين على شؤون المنطقة.
وتكبد النازحون السوريون مبالغ باهظة منذ بداية عبورهم من لبنان نحو الشمال السوري، حيث تضاعفت أجور النقل بشكل كبير داخل لبنان، وعلى الحدود وأيضا في مناطق سيطرة الأسد، خصوصا العاصمة والمناطق الغربية المتاخمة للحدود.
وبات على الراغب بالنزوح من اللبنانيين أو السوريين دفع مئات الدولارات للسائقين لقاء نقلهم من مكان لآخر، فيما تركوا ورائهم مقتنياتهم وأغراضهم لاستحالة نقلها.
وعند الدخول لسوريا يتوجب على كل شخص تصريف 100 دولار أمريكية بأسعار بعيدة عن الواقع، ما يعني خسارة 40 في المائة من قيمتها، وذلك عن الشخص الواحد، ما يعني تكبد كلفة كبيرة للعائلة ككل.
وبعد الدخول يتوجب على النازحين دفع المزيد من الأموال لضباط الفرقة الرابعة والمخابرات الجوية وأفرع الأمن، من أجل “شراء الطريق” نحو المكان الذي يرغبون في الوصول إليه لضمان عدم حجزهم أو تصفيتهم.
ويبقى السوريون عرضة للاحتجاز، حتى لو نجحوا في العبور نحو قراهم ومدنهم، حيث تجري مداهمات وعمليات تفتيش مستمرة في الأحياء وعلى الحواجز.
ومع تفضيل الكثيرين التوجه نحو الشمال السوري وجدوا أنفسهم عالقين في معبر “عون الدادات” على تخوم مناطق سيطرة الفصائل المعارضة، ليدفعوا مزيدا من الأموال ويفترشوا الأرض لأيام منتظرين الإذن بالدخول.