تشهد مناطق سيطرة الأسد ظاهرة ملحوظة تزداد انتشارا منذ سنوات، وهي تصاعد الخلافات وحالات العنف بين الأقارب، والتي تصل كثير منها إلى حد الجريمة، وسط زيادة في الضغوط الاجتماعية الناجمة عن تدهور الأوضاع العامة.
ويؤكد مصدر من أهالي مدينة حلب شمالي البلاد، لموقع حلب اليوم، أن المشاكل والخلافات والشجار بات أمرا شبه يومي تراه في العديد من شوارع المدينة، وذلك الواقع منذ سنوات وليس جديدا.
ويشير إلى أن تدهور الواقع الاقتصادي وارتفاع تكاليف المعيشة، فضلا عن سوء الخدمات العامة والازدحام وانتشار القمامة والانقطاع المستمر للكهرباء وغير ذلك؛ يخلق حالة من الضغط النفسي الكبير على الأهالي.
كما يؤكد أنه لاحظ واقعا مشابها في العاصمة دمشق، حيث يتردد عليها بين الحين والآخر، مشيرا إلى وحدة الظروف في كافة مناطق سيطرة الأسد.
وفيما تحدث الكثير من الوقائع السلبية دون أن تصل لوسائل الإعلام، فقد بلغ عدد جرائم القتل المعلن عنها خلال الأسبوع الأول من الشهر الحالي 7 حتى اليوم، وذلك في استطلاع أجرته حلب اليوم على المواقع المحلية الموالية لسلطة الأسد.
وتجدر الإشارة إلى أنه من الصعب إحصاء عدد الجرائم الأخرى المعلن عنها، خلال الفترة نفسها، مع العلم أن ما لا يُعلن عنه يشكل الأغلبية الساحقة من الحوادث اليومية، وفقا للمصدر السابق.
وفي اليوم الأول من الشهر الجاري، تم الكشف عن جريمة قتل ارتكبها شخص بحق والده، في ناحية دير عطية قرب العاصمة دمشق جنوبي البلاد.
واعترف الجاني بإقدامه على قتل والده بمسدس حربي عائد للأخير، ودفنه في حفرة ضمن المزرعة التي كانا يعملان بها، قبل أن يغادر بمركبة والده مع مبلغ مالي عائد له، حيث قال إن سبب ارتكاب الجريمة هو خلاف بينهما بشأن فتاة يريد الزواج منها، وقد برر فعلته بأن “تعامل والده معه كان قاسياً”.
وفي الثالث من الشهر الجاري، تورط شخصان بسرقة مصاغ ذهبي في حي “حلب الجديدة جنوبي” بمدينة حلب شمالي البلاد، حيث أقدم شاب على سرقة منزل والد زوجته، مستخدماً مفتاحا مطابقا.
وفي اليوم نفسه سُجلت أيضا جريمة قتل بحق طفلة صغيرة في ريف دمشق تبلغ من العمر سنتين، حيث كانت تقيم في منزل خالتها لكون والدها متوفى، وقد تركتها والدتها لدى شقيقتها لتقوم برعايتها.
وأقرت الخالة وزوجها بإقدامهما على تعنيف الطفلة (مرح) وضربها بواسطة عصاً حتى فارقت الحياة، حيث قاما بإخفاء جثتها في براد بمنزلهما لمدة أربعة أيام وحاولا التخلص من الجثة إلا أنهما لم يتمكنا من ذلك فطلبا من شخصين آخرين مساعدتهما بالتخلص من الجثة ليقوما بنقلها إلى المقبرة ودفنها سراً.
وبعد ذلك بيوم، أعلنت داخلية سلطةالأسد، عن إقدام شاب على قتل شقيقته من مواليد 1996 في أحد أحياء مدينة الرياض بالسعودية قبل أن يهرب إلى دمشق، محاولا التوجه نحو ريف الرقة.
واعترف الشاب بإقدامه على طعن شقيقته بواسطة سكين عدة طعنات في الرقبة بسبب “خلافات عائلية” وذلك أثناء تغيب زوجها عن منزله الكائن في حي النظيم بمدينة الرياض بالسعودية.
وفي الخامس من الشهر الجاري، وقعت حادثة قتل لفتاة تبلغ من العمر 38 عاماً في حي ساحة بزّة بباب النصر في مدينة حلب، حيث تبين تورط صديقتها التي قتلتها أثناء زيارتها لها في منزلها، حيث هربت إلى مدينة اللاذقية بعد وضع جنزير حديدي على باب المنزل الذي عُثر بداخله على جثة الفتاة ضمن برميل بلاستيكي.
وأقرت الجانية بتخطيطها المسبق لقتل صديقتها وسرقة مصاغها الذهبي الذي كانت ترتديه، حيث قامت بخنقها بيديها وأجبرت ولديها المدعوَين (صالح وحيدرة) على وضع الجثة بأكياس خيش ونايلون وإخفائها ضمن برميل بلاستيكي ووضع مادة الرمل فوقها بالإضافة إلى بعض أثاث المنزل.
وفي نفس اليوم أصيب شخصان إثر مشاجرة ليلية عنيفة وقعت في حي الصابونية بمدينة حماة، شارك فيها ستة أشخاص على الأقل حيث تم استخدام سيف محلي الصنع “شنتيانة” و”سكين كباس”، بسبب خلاف مروري.
يوم أمس الأول السبت، تم تسجيل مقتل شاب من مواليد 2006، بعد إصابته بطعنتين بأداة حادة في الصدر إحداها في القلب، وإصابة ابن خالته برضوض خطيرة في الرأس إثر مشاجرة وقعت بينهما في “المزة 86” بحي المغارة.
وشارك في الشجار 5 أشخاص من أقاربهم (أحدهم متورط في توزيع المخدرات) لكنهم فروا بعد وقوع جريمة القتل إلى السومرية والمزة، حيث “عثر بحوزتهم على السكين المستخدمة في الطعن”.
وفي منطقة تل سلحب بحماة كشفت مصادر محلية، أمس الأحد، عن جريمة قتل وقعت بحق امرأة بالعقد السابع من العمر ضمن منزلها في قرية الصقلية، حيث اعترف رجل بإقدامه على دخول منزل المغدورة بقصد السرقة، قبل أن يتورط بالجريمة بسبب اكتشافها لأمره.
ويؤدي تصاعد معدلات الفقر والبطالة في عموم سوريا، ومناطق سيطرة الأسد تحديدا، إلى تزايد العديد من الظواهر الاجتماعية السلبية المرتبطة بذلك، بما فيها العنف الأسري والتفكك.
ويؤكد موقع أثر برس الموالي لسلطة الأسد، أن التعنيف ضد النساء والفتيات، ازداد مؤخراً، سواء من الأهل أو الزوج، حتى أن هناك حالات تصل لحد التسبب بالوفاة، لا سيما خلال السنوات الأخيرة، كما يؤكد أن هذه الزيادة مرتبطة بالعامل الاقتصادي وصعوبة العيش.
وحول ذلك قالت الباحثة الاجتماعية السورية، وضحة العثمان، لموقع حلب اليوم، إن الفقر حقيقةً له دائما انعكاسات سلبية جدا، وخاصة في الظروف التي يكون فيها الإنسان بعيدا عن بيئته الاجتماعية الأولى والحاضنة الأولى التي تضم أناسا من أقاربه ومن بيئته الاجتماعية من الممكن أن يسندوه.
ويوجد هناك ربط دائما بين الفقر والضغوط الاقتصادية من جهة، وبين العنف الأسري والتفكك من جهة أخرى، وهو ما تراه الباحثة السورية صحيحا، حيث تؤكد أن الظروف القاسية جدا تنعكس بشكل سلبي على الإنسان، وعندما يصبح عاجزا عن تقديم متطلبات عائلته فقد يتجه اتجاهات سلبية لتغطية هذا العجز والضعف أمام الأسرة، وربما يتحول إلى شخص سلبي و عدواني ما ينعكس على الأسرة بشكل عام، ويسبب العنف.
وتشير البيانات الأممية والتقارير الإعلامية إلى تراجع مستمر في الوضع المعيشي للسوريين، مع تراجع الدعم الإغاثي المقدم من الأمم المتحدة.
وتضيف العثمان أن محاولة التخلص من الحالة النفسية التي يعيشها الرجل، والناتجة عن عجزه عن تأمين احتياجات البيت، تخلق بيئة مناسبة لقضية العنف.
يشار إلى أن حالة الانتشار الواسع للمخدرات التي تنتجها ميليشيا حزب الله وسلطة الأسد، ساهم في تفاقم الظواهر الاجتماعية السلبية.