تعاني الصرافات الآلية في مناطق سلطة الأسد من نقص حاد في السيولة، ما يجبر الموظفين والمتقاعدين للانتظار لساعات طويلة للحصول على رواتبهم دون ضمان تأمين النقود.
وبحسب مراسلة “حلب اليوم” في دمشق، فإن القيود المفروضة على السحب من الصرافات تجعل عملية استلام الرواتب أكثر تعقيدًا، على الرغم من زيادة سقف السحب الأسبوعي من قبل المصارف، مثل رفع “المصرف التجاري السوري” التابع لسلطة الأسد سقف السحب إلى مليون ليرة سورية في نيسان 2023، ورفع “المصرف العقاري” التابع للأسد سقف السحب إلى نصف مليون ليرة في تشرين الأول 2023. ومع ذلك، لم تحل هذه الإجراءات المشكلة بشكل كامل، فالمواطنون يضطرون لسحب رواتبهم على دفعات، مما يزيد من تعقيد عملية الحصول على النقود.
شكاوى
تعكس الشهادات الميدانية التي جمعتها مراسلة “حلب اليوم” في دمشق مدى تأثير هذه الأزمة على حياة المواطنين، إذ يصف أنس.ع، موظف في شركة الكهرباء، معاناته قائلاً: “أصبح من المعتاد بالنسبة لي أن أستيقظ في الرابعة صباحاً وأتوجه إلى الصراف الآلي، فقط لأجد نفسي في طابور طويل، وبحلول الوقت الذي يأتي دوري، تكون النقود قد نفدت. هذا الوضع لا يُحتمل.”
أما ليلى.ش، وهي امرأة متقاعدة، فتقول: “أعاني من مشاكل صحية ولا أستطيع الوقوف لفترات طويلة. الانتظار في طوابير الصرافات هو عقوبة شهرية لي. يجب على سلطة الأسد أن تجد حلاً لهذه المشكلة.”
من جانبه، يضيف محمد، موظف في القطاع الخاص: “حاولت البحث عن صرافات أخرى بعيدة عن مركز المدينة، ولكن دون جدوى. جميع الصرافات تعاني من نفس المشكلة. يجب أن يكون هناك نظام لتوزيع النقود بطريقة أكثر كفاءة.”
مشاكل السلامة والأمان
تؤكد مراسلة “حلب اليوم” أن نقص السيولة في الصرافات ليس المشكلة الوحيدة التي يعاني منها السكان، بل إن هناك مشاكل تتعلق بالأمان والسلامة. بعض الأشخاص يتعرضون للصعق الكهربائي الخفيف عند سحب رواتبهم من الصرافات التابعة للمصرف العقاري، بسبب تسرب كهربائي. وأوضحت أن العديد من السكان يستخدمون أساليب وقائية لتجنب الصعق، مثل استخدام المناديل الورقية كعازل أو الضغط السريع على الأزرار، مما يعرض المواطنين لخطر إضافي.
أسباب الأزمة
بدوره، عزّى الخبير الاقتصادي مناف رشيد لحلب اليوم نقص السيولة في الصرافات إلى ثلاثة عوامل رئيسية. أولها، نقص السيولة النقدية، مؤكداً أن اقتصاد سلطة الأسد يعاني من مشاكل مالية حادة، مما ينعكس سلباً على توفر النقود في الصرافات الآلية. ثانيها، ضعف البنية التحتية، والذي يعود إلى نقص عدد الصرافات وصيانتها، مما يزيد من الضغط على الصرافات المتاحة ويؤدي إلى تفاقم المشاكل. أما العامل الثالث فهو سوء الإدارة، والذي يعود أساساً إلى سوء إدارة مؤسسة القطاع المصرفي وتوزيع النقود بشكل فعال، مما يؤدي إلى نقص السيولة في الصرافات.
وتعد ثقافة التعاملات البنكية في مناطق سلطة الأسد “شبه غائبة” بسبب القوانين التي تفرضها حكومة النظام، كسقف سحب يومي محدد من جهة، وتدهور قيمة الليرة من جهة أخرى، ما يؤدي إلى خسارة قيمة المال في حال الاحتفاظ به في البنوك بعملة متعرضة للانخفاض باستمرار.