شهدت مناطق سيطرة سلطة الأسد ارتفاعاً ملحوظاً في تكاليف التعليم الجامعي، حيث سجلت أقساط الجامعات الخاصة رقماً قياسياً يقترب من 80 مليون ليرة سورية سنوياً.
بحسب مراسلة حلب اليوم في حلب، فإن هذه الأرقام باتت غير قابلة للتحمل بالنسبة للكثير من الأسر السورية التي تعاني من تبعات الأزمة الاقتصادية المستمرة، في ظل ارتفاع معدلات التضخم، وانخفاض قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي بشكل غير مسبوق، ما جعل من الصعب على العديد من الأسر توفير نفقات التعليم الجامعي الخاص لأبنائهم، خاصة في ظل ارتفاع معدل القبول في الجامعات العامة.
شهادات الطلاب
يقول محمد.خ، وهو طالب كان يطمح لدراسة الهندسة في جامعة خاصة، “كنت أحلم بدراسة الهندسة في جامعة مرموقة، لكن مع تكاليف الأقساط الحالية، أدركت أن هذا الحلم بعيد المنال لعائلتي، سأضطر الآن لإعادة البكالوريا لتحسين علاماتي والالتحاق بالجامعة العامة.
من جانبها، تصغ والدة محمد التحديات التي تواجهها قائلة: “نحن نعيش في ظروف اقتصادية صعبة للغاية. عندما زادت أقساط التعليم، أصبحنا في وضع لا نستطيع فيه تحمّل تكاليف التعليم الخاص. كان لدينا أمل في أن نتمكن من تأمين تعليم جيد لأبنائنا، ولكن مع هذه التكاليف الباهظة، يبدو أن هذا الأمل بعيد المنال.”
توضح والدة محمد أن العائلة تجد صعوبة في تغطية نفقات الحياة الأساسية، مما يجعل من الصعب عليها تخصيص أموال للتعليم العالي. وتشير إلى أن الضغوط المالية تجعل من الصعب عليها توفير أبسط احتياجات الأسرة، مما يزيد من تعقيد الوضع الحالي.
مساعي وأحلام متعثرة
ريم,ع، طالبة في مرحلة التحضير للجامعة، تروي لحلب اليوم كيف أثرت الزيادة في الرسوم على خططها المستقبلية، إذ قالت: “كنت أأمل في الالتحاق بجامعة خاصة لدراسة إدارة الأعمال، ولكن مع الزيادة الكبيرة في الأقساط، أصبح تحقيق هذا الهدف صعبًا للغاية. الآن، أفكر في العمل بدوام جزئي للمساهمة في تغطية التكاليف، لكن الخيارات تبدو محدودة ويبدو أنني سأضطر للبحث عن بدائل أخرى.”
ووفق مراسلة حلب اليوم فإن واقع ريم يعكس تماما الوضع المالي الصعب الذي يؤثر على خيارات الطلاب، ويجعلهم في غالبيتهم يبحثون عن وسائل إضافية لدعم دراستهم. تشير إلى أن الزيادة في الرسوم قد تجبر الطلاب على التنازل عن أحلامهم الأكاديمية أو البحث عن مصادر دخل إضافية لمواجهة التحديات المالية.
في ظل هذه الظروف، يجد الطلاب أنفسهم مضطرين لإعادة التفكير في خياراتهم التعليمية وإيجاد حلول بديلة، مما يعكس التحديات المتزايدة التي يواجهونها في ظل الأزمات الاقتصادية المستمرة.
قرار وزارة التعليم العالي
وكانت أعلنت وزارة التعليم العالي التابعة لسلطة الأسد في 28 آب/أغسطس، عن رفع رسوم التسجيل في الجامعات الخاصة والتعليم الموازي، ونوّهت على أن الرسوم الجديدة ستُطبق بدءاً من العام الدراسي 2024-2025.
وبحسب الوزارة، فقد ارتفعت رسوم التسجيل للكليات الطبية إلى مليونين و400 ألف ليرة (بزيادة قدرها 100% مقارنة بالعام الماضي وفق مراسلتنا)، كما ارتفعت رسوم كليات الهندسة والفنون الجميلة إلى مليون و800 ألف ليرة، والكليات الأخرى إلى مليون ليرة، وفيما يخص المعاهد، حُددت رسوم التسجيل للمعاهد الملتزمة والطبية بـ800 ألف ليرة، وللباقي بـ700 ألف ليرة.
بالإضافة إلى ذلك، أصدر مجلس التعليم العالي التابع لسلطة الأسد في 28 آب الماضي قراراً برفع الحد الأعلى لرسم الساعة المعتمدة في الجامعات الخاصة، حيث حدّد القرار أجور ساعة الطب البشري إلى 700 ألف ليرة، وطب الأسنان إلى 600 ألف ليرة، في حين زادت رسوم الساعة للعلوم الإدارية والحقوق إلى 205 آلاف ليرة.
تقديرات كلفة الدراسة
تقول مراسلة حلب اليوم، أن الحسابات الجديدة لهذه الأسعار فقد تصل كلفة دراسة الطب البشري في جامعة خاصة إلى حوالي 30 مليون ليرة سنويًا، أو 177 مليون ليرة خلال سنوات الدراسة كاملة، كما قدرت كلفة دراسة طب الأسنان بنحو 21 مليون و600 ألف ليرة سنويًا، و90 مليون ليرة لدراسة الصيدلة على مدى خمس سنوات.
وعلى إثر ما سبق، يقول الخبير الاقتصادي، علي الأحمد، لحلب اليوم، إن الزيادات في الأقساط الجامعية الخاصة، هي نتيجة طبيعية للانهيار الاقتصادي العام في البلاد، الذي لعب دوراً كبيراً في تدهور مستوى التعليم.
واعتبر الأحمد في حديثه لحلب اليوم، أن ارتفاع أقساط الجامعات الخاصة بهذا الشكل سيساهم في تعميق الفجوة بين الطبقات الاجتماعية، مما يحد من فرص الشباب الطموح في الحصول على تعليم جيد.
وزاد القول: “بات من الملاحظ للجميع انخفاض مستوى التنوع الطلابي في التعليم الموازي والمفتوح والجامعات الخاصة، حيث يقتصر القبول على القادرين على تحمل التكاليف الباهظة فقط”.
تحديات المستقبل
وفق مراسلة حلب اليوم، فإن التعليم في الجامعات الخاصة يُعد السبيل الوحيد لتحقيق أحلام العديد من الشباب، خاصة في ظل ارتفاع معدلات القبول على مقاعد الجامعات العامة، ولكن مع هذه الزيادات فقد يجد بعض الطلاب أنفسهم مضطرين لإعادة السنة الدراسية في مرحلة الثانوية العامة للحصول على علامات أعلى تؤهلهم لدخول الجامعات العامة، هروباً من كلفة الجامعات الخاصة.
وأوضحت ان التعليم الموازي، الذي كان يُنظر إليه كبديل اقتصادي للجامعات الخاصة، لم يعد هو الآخر في متناول اليد، حيث ارتفعت تكاليفه إلى ملايين الليرات، ما أدى إلى تقليص الخيارات المتاحة أمام الطلاب، الذين باتوا بين مطرقة ارتفاع التكاليف وسندان تراجع الفرص التعليمية المجانية.