أصدر محافظ لبنان الشمالي القاضي رمزي نهرا قراراً بترحيل السوريين “غير الشرعيين” من عشرات القرى والبلدات بالمنطقة، وسط حملة مستمرة على اللاجئين، وحديث الحكومة عن خطط جديدة.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن نهرا طلب من المدير الإقليمي لأمن الدولة في الشمال إجلاء “السورين غير الشرعيين” من بلدات عدة في قضاء البترون، و”في حال عدم التجاوب إقفال المساكن التي يشغلونها بالشمع الأحمر”.
وجاء في نص القرار: “حضرة المدير الإقليمي لأمن الدولة في الشمال، يرجى الاطلاع والإيعاز لمن يلزم استنادا إلى قرار اللجنة المشكلة لمتابعة موضوع السورين في قضاء البترون، والعمل على تأمين المؤازرة الأمنية لكل من البلديات التالية:
كفر عبيدا – البترون، سلعاتا، راسنحاش، حامات، الهري، شكا، اجدبرا، بقسميا، كفرحي، تنورىن، شاتين.
والبلديات التالية:
وجه الحجر، بجدرفل، عبدللي، دريا، تولا، صغار، الدوق، جربتا، مارماما، مسرح، ضهر ابي ياغي، العلالي، راشا، عورة، حدتون، كفرحتنا، راشكدة، حلتا، رام، عورا.
وقالت المديرية العامة لأمن الدولة في بيان، اليوم: “بعد عدّة إنذارات كانت قد توجّهت بها مديريّة أمن الدولة في الشمال، للنازحين السوريّين غير المستوفين للشروط القانونيّة في بلدة رشكيدة في قضاء البترون، بضرورة إخلاء البلدة وترك العقارات التي يشغلونها لإعادتها إلى أصحابها، وبعد رفضهم تنفيذ هذه الإنذارات، قامت دوريّات من أمن الدولة في الشمال، بإخلاء البلدة المذكورة من النازحين، وتمّ ختم بعض المنازل بالشمع الأحمر”، فيما تستمر الحملة.
وقال المحامي اللبناني محمد صبلوح، لموقع حلب اليوم، إن وجود السوريين ليس سببا في مشاكل البلاد، مؤكدا أن لبنان “يجب أن يستضيف اللاجئين وفق قواعد حقوق الإنسان فيما تتهرب الحكومة من تصنيف السوريين كلاجئين وتسميهم نازحين وهي تسمية خاطئة”.
وتستمر الحكومة اللبنانية في الإعلان عن خطط جديدة لترحيل اللاجيين السوريين، منذ سنوات، دون جدوى، حيث يبقى الملف عالقا، فيما يتعرض السوريون لمزيد من الضغوط، مع خطر التسليم لسلطة الأسد.
وقال مجلس النواب اللبناني، أمس الثلاثاء، إن السوريين ليسوا لاجئين بل “مهاجرون غير شرعيين”، فيما طالب نائب رئيس المجلس إلياس بو صعب، الاتحاد الأوروبي بعدم إطلاق صفة اللاجئين على السوريين في لبنان “بل صفة مهاجرين غير شرعيين”، لأن هدف وجودهم على الأراضي اللبنانية بات “اقتصادياً”.
ولفت صبلوح إلى أن الحكومة تحاول بشتى الوسائل استغلال المجتمع الدولي لتحصيل أموال عبر تهديده بموضوع اللاجئين السوريين، مضيفا بالقول: “رأينا كيف فعل ذلك عبر السماح بالهجرة غير الشرعية عن طريق البحر، حيث استمرت حتى جاء الرئيس القبرصي لبيروت ووعد بمساعدات لتتوقف الهجرة غير الشرعية بنسبة تسعين بالمئة.. لماذا؟ لأن الأجهزة الأمنية كانت تساهم عبر غض النظر عن هذه الهجرة للضغط على المجتمع الدولي وتهديده أي أنه يستغل موضوع اللاجئين لهذه الأعمال”.
وخلال رسالة إلى الاتحاد الأوروبي، عبر السفير البلجيكي في لبنان أرناوت باولس، دعا بو صعب إلى “تفهم حقيقة الأزمة والضرر الناجم عن وجود اللاجئين السوريين في لبنان”.
وفيما تتجاهل سلطة الأسد التعاون في حل الملف، تتحدث الحكومة اللبنانية عن “مؤامرة” من المجتمع الدولي، حيث تحاول “تحذير” الغرب بين فترة و أخرى من تبعات اللجوء السوري، وهو ما يعقبه عادة دعم مادي جديد مقابل تأجيل حل الملف.
وأوضح صبلوح وهو مدافع عن حقوق الإنسان، وحقوق اللاجئين، ومدير برنامج الدعم القانوني في مركز سيدار للدراسات القانونية، أن الدولة اللبنانية تحاول منذ عدة أشهر الحصول على قاعدة البيانات الشخصية (الداتا) الخاصة باللاجئين السوريين المسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيما تدعو الأخيرة لتقديم تبرير مقنع لذلك، رافضة تقديم تلك البيانات.
وأضاف أن الحكومة تتحجج بموضوع إحصاء عدد اللاجئين وفي كل مرة تذكر أرقاما مخيفة، مشيرا إلى أن 800 ألف شخص فقط مسجلون بمفوضية الأمم المتحدة في لبنان رسميا، لكن الحكومة تتحدث عن مليونين و800 ألف لاجئ سوري و”هذا الرقم مبالغ فيه”.
ولبنان هو من الدول الموقعة على اتفاقيات مناهضة التعذيب، وبالتالي فهي تمنعه من القيام بهذه الإجراءات و الجريمة غير القانونية، كما يرى صبلوح، أما بالنسبة للخطة التي وضعتها الحكومة اللبنانية لترحيل السوريين مؤخرا وتحدثت عنها الشهر الماضي، فهي “مجرد محاولة لإعادة ابتزاز المجتمع الدولي، وليست خطة حل”.
وكانت الحكومة اللبنانية قد أعلنت الشهر الماضي أنها تناقش خطة أعدها فريق رئيس الوزراء “نجيب ميقاتي” تتكون من 5 بنود للتعامل مع ملف اللاجئين السوريين وإعادتهم إلى سوريا.
وتشمل الخطة التي اعتمد ميقاتي في وضعها على خطة الحكومة السابقة “جمع بيانات السوريين وتصنيفهم بين اقتصاديين أو طالبي لجوء إلى بلد ثاني”، و “ضمان إعادة نحو 2.8 مليون لاجئ سوري” و”تشديد الرقابة على الحدود ومكافحة التهريب” و “تقديم المساعدات لدعم جميع الفئات الضعيفة بمن فيها النازحون” و”تحديد الإطار القانوني لفرص العمل”.