أعلن الموقعون على “وثيقة المناطق الثلاث”، في بيان، عن “تطويرها” إلى “آلية تَضامنٍ وعملٍ سوري مشترك”، على أن تكون “سورية محضة، لم تشارك أي جهة غير سورية فيها” بأي شكل، مؤكدين أنها “ليست تنظيمًا سياسيًا، وليست كيانًا أيديولوجيًا، أو مشروعًا حزبيًا، أو فكرةً عقائدية”.
وقال البيان الصادر أمس الثلاثاء، إن تلك الخطوة جاءت بعد “سلسلة حوارات ضمَّت مجموعة من القوى والتشكيلات المحلية من المؤمنين بضرورة تنسيق العمل على المستوى الوطني السوري، وبتلازم الأخلاق والسياسة، والاستقواء بالسوريين بوصفه منهجًا لازمًا في العمل السياسي”.
وأصبحت هذه “التَضامُنيَّة”، “تمتد الآن إلى مناطق سورية كثيرة، ولكنها لا تدعي تمثيلًا كاملًا لأيٍ من هذه المناطق”، كما اتفقت القوى المحليَّة الموقعة على تسميتها “تَضَامُنيَّة العمل والاجتماع السوري”.
وفي تعليقه على ذلك، قال حافظ قرقوط الكاتب الصحفي السوري من السويداء، لحلب اليوم، إن هذا الإعلان المشترك يعتبر “خطوة هامة جدا لتطوير الوثيقة التي ضمت المناطق الثلاث (السويداء ودرعا وحلب)، وبالطبع لاحقا كانت هنالك انضمامات لمناطق ولشخصيات سورية أخرى، وعمليا هي إثبات بأن السوريين قادرون على أن يجدوا السبل والطرق المناسبة للتعبير عن إرادتهم و عن متطلباتهم”.
أما حسام نجار، الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السوري، فقد أبدى في تعليقه لحلب اليوم، حول البيان، بعض التحفظات والانتقادات.
وقال نجار إنه “لا بد في البداية من التأكيد على ملاحظة أثيرت سابقاً وتثار حالياً بقوة ألا و هي التسمية، إذ يعلم الجميع أن انطلاقة الوثيقة تمت بتلك التسمية ( وثيقة المناطق الثلاث ) لكن انضمت مناطق عدة لها وأيدتها وكان لا بد من أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار حتى يعطي دافعاً لها”.
وأضاف أن وثيقة المناطق الثلاث “بقيت في إطارها الداخلي فلم تقدم عملاً يساعدها على اعتبارها مرجعاً أساسياً للثورة أو لتلك المناطق، مع العلم أنها ترفع شعاراً كبيراً جداً ( حي على الوطن )”.
ويرى قرقوط أنه “من المطلوب منا أن نشجع أي عمل جماعي لا أن نضع العقبات في طريقه أو أن نسعى إلى تفشيل أي جهد والتقليل من أهميته حيث يحتاج السوريون لكل بناء يعيد الألق لثورتهم و لحيويتهم ويثبت للعالم أننا شعب حيوي قادر دائما على إيجاد حلول و مقترحات و أفكار بناءة يمكن أن تنمو وتكبر”.
ولفت إلى أن سلطة الأسد “عملت على تشتيت السوريين ومنع التقاءهم في مشروع واحد أو على فكرة واحدة أو على رأي واحد، وأيضا وضع الشكوك فيما بينهم وتشتيتهم بشكل مناطقي أو طائفي أو قومي، و تأتي الوثيقة التي تعبر عن وحدة السوريين ووحدة الانتماء ووحدة الجغرافيا ووحدة الهدف لتصب في مقارعة هذا الاستبداد”.
و”مع انسداد الأفق العام السياسي في سوريا كان لظهور تلك الوثيقة دور جيد وهام حيث أعلنت للسوريين أننا قادرون على ممارسة السياسة وعلى فهم ما تتطلبه شؤون سوريا منا وقادرون على أن نلتقي ونوحد وجهات نظرنا نحو الهدف”، وفقا لقرقوط.
لكن نجار اعتبر أن الوثيقة “عمدت لدغدغة مشاعر النخب أكثر من مشاعر المواطنين بأنها منفتحة على الحوار و النقد فأنشأت صيغة جديدة سمتها تضامنية العمل و الاجتماع السوري منطلقة من حراك السويداء بداية لهذه التضامنية”.
ورأى أن بنود هذه التضامنية “إنشائية أكثر من أن تكون تنفيذية فلا نجد فيها كيفية حصول هذا التضامن و لا الاجتماع و لا حتى التنسيق بين كل الجهات، كما أنها تريد الوصول دون تحديد آلية الوصول وطرق هذا الوصول مبتعدة عن القرارات الدولية و كذلك عن الواقع الفعلي الملموس على الأرض السورية و التأثيرات الإقليمية و نقاط الضعف و القوة في الطرف الآخر”.
أما قرقوط فقد وضع تلك الخطوة في إطار “الأمل للسوريين بأننا نستطيع أن نصيغ مشروعا موحدا لنا جميعا بإرادة سورية داخلية محضة دون تدخل خارجي و نستطيع أن ندير آرائنا وندير ما يريده مجتمعنا منا وما تريده السياسة منا لصناعة المستقبل للأجيال و أن نجد طريقا لوطن حر ديمقراطي آمن يتسع للجميع كما ذكرت وثيقة المناطق الثلاث”، حيث “تبقى في إطار المحاولات إجمالا”.
كما يأمل الصحفي السوري لهذه المحاولات أن تكبر وتنمو وتنتج حلولا على الأرض و”هذا يُقدَّر للسوريين بأنهم لم يتركوا هذه الكارثة ويمضوا بعيدا بل ما زالوا يفكرون في إيجاد آليات للحل لتقدم المشروع السوري الداخلي بجهود سورية”.
فهذه الوثيقة التضامنية – كما قال من قام عليها – هي “الجهد السوري و كانت الفكرة منها بأن يكون مستوى التفكير داخل سوريا والإنجاز داخل سوريا وأن يتم البناء داخلها دون النظر لاية حالة أيديولوجية أو انتماءات حزبية عميقة أو حتى التزامات دينية أو مناطقية أو طائفية أو ما إلى ذلك”، وفقا لقرقوط.
ويعيب نجار على البيان وجود “ثغرة كبيرة في البند الأول”، وهي أن “هذه التضامنية ليست فكرة عقائدية في حين أن الإيمان بشيء ما مثل الوطن او خلافه هي عقيدة و فكرة و منهج.. ثم عليها أن توضح هل الالتقاء و الاجتماع و من ثم العمل لإسقاط الطغمة الحاكمة و الانتقال السياسي يتم عبثياً أم وفق قرارات دولية؟”.
ولفت قرقوط إلى أن “الأفق السياسي مظلم حقيقة وغير واضح وضبابي بالنسبة للسوريين.. فيكون الجهد بتبني الهدف بالعمل على مشروع وطني جامع”، على أمل أن تكون هذه الوثيقة “خطوة للامام” وأن تكون “خطوة رئيسية تفيد الحراك و الثورة السورية”.
ويُحسب لتلك الوثيقة أنها “أثبتت أننا نسعى إلى دولة يمتلكها الشعب و هذا يعني أننا يجب أن ننتمي إلى العالم المتحرر و الحضاري الذي يمكن فيه للشعب أن يقرر ماذا يريد من سياسييه وممن يستلم إدارة شؤون البلاد”.
وتوضح بنود الوثيقة الأخيرة – والكلام دوما لقرقوط – أننا أمام مجهود من سوريين منفتحين على كافة الآراء والأفكار و العمل الجماعي وبناء مشروع استنادا على ما بدأ في عام 2011، و”هذا يعني أننا أمام أمل و خطوة إيجابية”.
كما لفت إلى أهمية كون من وقع على وثيقة المناطق الثلاث أيضا هو العديد من الجهات إن كانت في الحسكة أو إدلب أو حمص أو درعا أو السويداء وأيضا دير الزور والرقة.. و”هذا يعني أن من يعد هذه البنود ينتمي إلى جغرافيا سورية حيوية وتسعى لتنجز مقاربات جيدة مشتركة للجميع بكل انتماءاتهم، علنا يعني نجد باب خير ينتمي إليه السوريون ليخرجوا من هذه الأزمة و هذا الظلام الذي امتد طويلا”.
أما نجار فلا يرى في “كثرة الموقعين أو قلتهم بالضرورة عامل نجاح في أي عمل”، لافتا إلى أن المهم هو الخطوات التنفيذية اللاحقة فهي الأساس، كما أن “الاجتماع و الالتقاء يجب أن يتم وفق معيار أساسي ( إبعاد المناطقية ) مع الاتفاق على الأساسيات ونقاط أخرى يتم الحديث عنها مطولاً”.
وكان اللقاء التأسيسي للتضامنية قد انعقد في تاريخ 30 حزيران من العام الحالي 2024، مشددا على “حاجةَ السوريين إلى ملكية قراراهم السياسي الوطني وعدم الرهان السياسي على دول الخارج”، مع “رفض شَرعَنَة النظام” والتأكيد على أن “الانتقال السياسي هو انتقال إلى الديمقراطية بالضرورة”.