خاص | حلب اليوم
تشهد مناطق شمال غرب سوريا تصاعدًا ملحوظًا بالحوادث المرورية مؤخرا، وهو ما يعتبر مؤشرًا خطيرًا على السلامة العامة، علما أن معظم الحوادث تؤدي إلى وقوع وفيات أو إصابات بالغة.
خالد عمر شاهد عيان على حادث مروري حدث في أثناء وقوفه بالقرب من أحد الطرق السريعة شمال غرب سوريا، يقول: “لفت نظري سيارة تسير بسرعة هائلة، وفي لحظة خاطفة فقد السائق السيطرة على سيارته لتخرج عن مسارها، وينتهي بها المطاف في إحدى الأراضي الزراعية، ويصاب سائقها بجروح بليغة كادت تودي بحياته”.
وأضاف عمر لموقع حلب اليوم أن سبب فقدان سيطرة السائق على سيارته هو السرعة الزائدة واستخدام جواله لتصوير قيادته وإظهار السرعة التي كان يسير بها.
وتعتبر السرعة الزائدة والقيادة من دون وعي وعدم الالتزام بقوانين السير من أبرز أسباب الحوادث المرورية، وفق ما أفاد معاون رئيس قسم المرور في مدينة إعزاز شمالي حلب الملازم محمود محمد خليل، الذي أشار إلى مشكلة قيادة الشبان ممن لا تتجاوز أعمارهم الـ 18 سنة، علما أنهم لا يملكون بطبيعة الحال شهادات قيادة، ويفتقرون مهارات القيادة الصحيحة خاصة في ساعات الازدحام، ولا يعرفون قوانين السير.
وأكد خليل في حديثه مع موقع حلب اليوم، أن شرطة المرور تعمل بشكل متواصل من خلال دورياتها لضبط السير والحد من وقوع الحوادث، وذلك من خلال نشر عناصرها في الطرق المزدحمة لتنظيم السير ومنع السرعة داخل المدن ووضع اللافتات التحذيرية.
وبيّن معاون رئيس قسم المرور في مدينة إعزاز أن شرطة المرور أنشأت مدرسة داخل حديقة الأمة العثمانية في مدينة إعزاز للأطفال بعمر العشر سنوات وما دون ذلك، بهدف تأهيل الأطفال بالتوعية المرورية للحفاظ على سلامتهم من خطر الحوادث المرورية.
بدوره، أوضح حسن محمد متطوع في الدفاع المدني السوري أن السرعة الزائدة والقيادة الرعناء تأتيان بالدرجة الأولى كمسببات للحوادث؛ لأنها تحد من قدرة سائق السيارة أو المركبة أياً كانت على التحكم فيها، وهذا ما يسبب خوفاً وارتباكًا عند السائق، ويصبح عرضة للحادث في حال حصول أي مصادفة على الطريق أو خلل في السيارة.
وكشف محمد في لقاء مع موقع حلب اليوم إلى أن الكثير من الحوادث وقعت بسبب فقدان السيطرة على المركبة وانزلاقها إلى حافة الطريق واصطدامها بأجسام صلبة كأعمدة شبكة الكهرباء أو الأشجار أو المنازل أو الأرصفة، وهذا ما يسبب حالة الخوف وعدم القدرة على ضبط التصرف الصحيح في هذه الحالات؛ مما يوقع السائق في خطر الإصابة أو الوفاة سواء له أو للغير.
وأضاف محمد أن عدم التقيد بالأولويات المرورية، ورداءة بعض الطرقات، وقيادة الأطفال للسيارات والدراجات النارية، وعدم اتباع إجراءات السلامة وقوانين المرور، بالإضافة إلى عدم ملائمة البنية التحتية وتناسبها مع عدد السيارات الموجودة، والكثافة السكانية في المنطقة؛ بسبب التهجير القسري، تعتبر أسبابا إضافية للحوادث.
سوء الطرقات وحالتها الفنية دفع العديد من المجالس المحلية شمال سوريا للعمل على إصلاحها وتعبيدها، ولكن مع الأسف لم تتراجع أعداد الحوادث المرورية، حيث يستغل بعض السائقين طبيعة الطرقات المعبدة والحالة الفنية الجيدة، ليقودوا السيارات والدراجات النارية بسرعات كبيرة، ما يشكل خطرا على السلامة العامة. بحسب محمد الذي نوّه إلى كثرة السيارات الحديثة ذات السرعات العالية في الشمال المحرر.
وتنتشر بين الشباب في المناطق المحررة/ خاصة ممن هم أقل من 18 عاما/ نوع من أنواع السياقة الخطرة، وتسمى (التشبيب للدراجات النارية)، وهي محاولة السائق القيادة على عجلة واحدة بعد رفع العجلة الأمامية للدراجة النارية باتجاه الأعلى.
وأرجع المتطوع في الدفاع المدني السوري، العديد من الحوادث الأليمة للتشبيب، مشيرًا إلى مشتتات الانتباه التي تؤدي إلى وقوع الحوادث، منها استخدام الجوالات في أثناء القيادة وعدم الانتباه لمسارات السير على الطريق وسلك اتجاهات معاكسة أو أحادية الاتجاه، وأيضاً إيقاف المركبة على نحو مفاجئ.
وأكد محمد أن الأطفال معرضون لخطر الحوادث أكثر من الفئات العمرية الأخرى؛ بسبب عدم إدراكهم لقوانين وأولويات السير التي يجب على السائق إدراكها بشكل تام لمنع وقوع الحادث أو تقليل فرص وقوعه بالتزام السائق مقابل التزام الأطفال غير المدركين لهذه القوانين والأنظمة والتعليمات.
فيما أشار محمد إلى أن عملية الوقاية من حوادث السير مهمة مجتمعية متكاملة بالالتزام بقواعد المرور وأولويات السير ومنع الأهالي أطفالهم من قيادة الدراجات النارية والسيارات والتزام السائقين بضرورة التقيّد بأولويات المرور وعدم التجاوز واتباع المسالك الصحيحة وعدم السير في الاتجاهات المعاكسة والممنوعة وأحادية الاتجاه.
مؤكدًا أن ذلك يسهم بشكل كبير بالحد من حوادث السير وإيقاع ضحايا من المدنيين، مشيرًا إلى أن الالتزام الشخصي والرقابة الشخصية وضبط التصرفات هو حل مجدي لهذه الحالات، ما قد يسهم في تخفيف الحوادث أكثر من القوانين والأنظمة التي لا بد منها لضبط الآثار الكارثية لحوادث السير.
فيما شدد محمد على توصيات الدفاع المدني السوري لتقليل حوداث السير من خلال الالتزام بإجراءات السلامة، وتفعيل قوانين ضابطة للسير، مؤكدًا على أن فرق الدفاع المدني السوري تعمل بشكل دوري على تخفيف مأساة حوادث السير والمعاناة التي تتركها بشتى المجالات، عن طريق أعمال فرق التوعية المجتمعية التي تلعب الدور الأساسي في محاولة للتخفيف من حوادث السير، مبينًا أن فرق الدفاع المدني تحاول عبر برنامج تعزيز المرونة المجتمعية التخفيف من الأعباء على المدنيين وإعادة شريان الحياة إلى المدن والبلدات، وذلك بتجهيز المرافق العامة وإعادة ترميم وتعبيد الطرقات والدوارات وغيرها من الأعمال.
يُذكر أن عدد الحوادث المرورية خلال النصف الأول من العام الحالي 2024 حسب إحصائية الدفاع المدني تخطى عددها 830 حادث سير، أدت إلى وفاة أكثر من 20 مدنيًا بينهم 9 أطفال وامرأتين، وإصابة ما يزيد عن 760 مدنياً بينهم 210 أطفال و115 امرأة.