حلب اليوم – خاص
يعاني المرضى في مدن وقرى محافظة الحسكة، شمال شرقي سوريا، من ارتفاع تكاليف الخدمات الطبية في المستشفيات الخاصة، مما يجعلها تبدو كمشاريع استثمارية تركز على الربح المادي دون مراعاة للظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها السكان.
هذا الوضع تفاقم مع تدهور مستوى الخدمات الطبية في المستشفيات العامة، مما يضطر المواطنون إلى اللجوء إلى المستشفيات الخاصة أو السفر إلى دمشق أو إقليم كردستان العراق لتلقي العلاج، وهذه الخيارات تتسبب في تكاليف مرتفعة تتجاوز قدراتهم المالية، مما يزيد العبء على المرضى وعائلاتهم.
أسعار خيالية
تقول سهام عمران لقناة حلب اليوم إن ابنها، البالغ من العمر أربع سنوات، ويعاني الربو التحسسي، يتعرض لنوبات مفاجئة تستدعي نقله إلى مستشفى خاص في القامشلي، لعدم وجود خدمات في المستشفى العام في المدينة.
وتوضح أنها اضطرت مؤخرًا لنقله إلى مستشفى خاص حيث طُلب منها دفع 250 ألف ليرة سورية مقابل جلسة إرذاذ ومعاينة طبيب لم تتجاوز خمس دقائق.
وأشارت إلى أنه لم يُسمح لها بمغادرة المستشفى إلا بعد دفع الفاتورة.
تؤكد مراسلة حلب اليوم في الحسكة أن تكلفة المعاينة في قسم الأطفال بالمستشفيات الخاصة تتجاوز 100 ألف ليرة سورية، دون تقديم أية أدوية، إذ تستغل هذه المستشفيات، البالغ عددها 6 في الحسكة والموجودة في مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية”، غياب الرقابة لفرض أجور مرتفعة تفوق قدرة الأهالي.
ورغم وجود 24 مستشفى عامة تديرها “الإدارة الذاتية” في مناطق سيطرتها، منها 8 في الحسكة، إلا أن الوضع الطبي في هذه المستشفيات سيئ للغاية، حيث تقتصر معظم خدماتها على الأعمال البسيطة، ولا تقدم رعاية صحية كافية، بحسب مراسلتنا.
احتكار دون محاسبة
يقول سهيل عبدون، من سكان القامشلي، لقناة حلب اليوم إن والدته البالغة من العمر 52 عامًا تحتاج إلى تركيب مفصل للركبة بعد تعرضها للسقوط. وبعد استشارته لأكثر من 10 أطباء وزيارة عدة مستشفيات خاصة في المدينة، تبين أن تكلفة العملية تتجاوز 2500 دولار أمريكي، بالإضافة إلى تكاليف الإقامة في المستشفى والأدوية، وهو مبلغ يفوق قدرته وقدرة والده.
يشير عبدون إلى أن غياب الرقابة على المستشفيات الخاصة في الحسكة، التي تسيطر عليها قوات قسد، يسمح لهذه المستشفيات والأطباء بالتلاعب بأسعار العمليات دون أي مراقبة أو محاسبة.
وكانت أعلنت إدارة مستشفى الحسكة الوطني، الذي يقع تحت سيطرة الإدارة الذاتية، في تقرير سابق لحلب اليوم عن فرض رسوم مالية جديدة على خدماته الصحية، بعدما كانت تُقدّم مجانًا، حيث شملت الرسوم الجديدة “العيادات الخارجية، التحاليل المخبرية، والتصوير الشعاعي”.
وشهد مستشفى الحسكة الوطني تغييرات كبيرة بعد سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) عليه في 23 أغسطس 2016، حيث أوقفت سلطة الأسد إرسال الأدوية والمعدات إلى المستشفى، ولم تقدم لجان الصحة التابعة للإدارة الذاتية بدائل لهذه الإمدادات، كما قامت الإدارة الذاتية بتغيير اسم المستشفى من “المستشفى الوطني” إلى “مستشفى الشعب”، دون توفير الموارد اللازمة لاستمرار تقديم الخدمات الصحية بشكل مجاني.
وفي عام 2022، أصدرت منظمة “ريتش” تقريرًا حول الوضع الإنساني في شمال شرقي سوريا، كشفت فيه أن الحصول على الرعاية الصحية يعد تحديًا حقيقيًا لأهالي المنطقة.
وأشار التقرير وقتها إلى أن 70% من المجتمعات التي قُيِّمَت لم تتمكن فيها الأسر من الوصول إلى الخدمات الصحية، ومن ثم لا تحصل على الرعاية الصحية المطلوبة أصلًا.