لم يبق منصب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس شاغرا، لأكثر من يوم واحد، عقب اغتيال رئيسه السابق إسماعيل هنية، حيث عينت الحركة قائدها في قطاع غزة، يحيى إبراهيم حسن السنوار مكانه.
وكان الاختيار مفاجئا بالنسبة للبعض، ورأى فيه محللون قرارا يحمل أبعادا مختلفة، من الأهمية بمكان بما يناسب حجم الأوضاع الحرجة للحركة وللقطاع المحاصر.
ولدى السنوار خلفية سياسية جيدة، فهو رئيس المكتب السياسي للحركة في قطاع غزة منذ 13 فبراير 2017، كما له خلفية عسكرية واستخباراتية أيضا، فهو القائد الميداني في غزة، وهو شقيق القيادي في كتائب القسام محمد السنوار.
كما يُعتبر أحد مؤسسي الجهاز الأمني لحركة حماس والذي سُمِّيَ جهاز الأمن والدعوة، عام 1985، وهو المخول بملاحقة جواسيس وعملاء الاحتلال الإسرائيلي.
كيف ينعكس تعيين السنوار على العلاقات مع سلطة الأسد؟
يستبعد أحمد فهيم المحلل السياسي الفلسطيني الأردني، في إفادته لحلب اليوم، أن يقيم السنوار علاقة وشيكة ومباشرة مع سلطة الأسد، لأنه “لن يكون مطلق اليد في الحركة، خاصة على المستوى الخارجي، حتى وإن كان رئيسا للمكتب السياسي لحركة حماس”.
ويعتبره بعض المتابعين من أبرز مؤيدي استعادة العلاقات مع سلطة الأسد، حيث أثارت تصريحاته العام الماضي انتقادات واسعة من قبل المعارضة السورية، والتي أشاد فيها بسلطة الأسد.
وكان السنوار قد ألقى خطاباً بمناسبة “يوم القدس العالمي”، في نيسان من العام الماضي، قال فيه إن الفضل في بناء المقاومة يعود لدعم الجمهورية الإسلامية في إيران، وإسناد سوريا الأسد، وتطوير علاقتنا بـ(حزب الله)”، مضيفاً أن “الاعتماد، من بعد هؤلاء، هو على قوى الدعم في الضفة وفلسطين، ونقاط الحشد والارتكاز في سوريا ولبنان واليمن”.
ولكن موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، قال فيما بدا تعقيبا على تلك التصريحات إن حركته ليست جزءاً من أي محور سياسي أو عسكري في المنطقة، بغض النظر عن الاسم.
وأضاف مسؤول مكتب العلاقات الدولية في المكتب السياسي للحركة: “نحن حركة مقاومة إسلامية، ونسعى لعلاقات مع كل القوى الحية في المنطقة والعالم، وليس لنا عداء مع أي مكون، سوى العدو الصهيوني.. نشكر كل من يقف معنا مساعداً ومعيناً، وليس هناك من علاقة مع أي طرف على حساب طرف آخر”.
وقال فهيم، إن هذا المنصب كان حتى وقت قريب مرتبطا بالعلاقات الدبلوماسية لدرجة أن مدير المكتب السياسي للحركة لم يكن يتخذ أي تحوطات أمنية حيث يستخدم هاتفا خلويا ويستخدم الطيران المدني ويتنقل بين العواصم العربية بكل أريحية لانه لا يعتبر نفسه هدفا أمنيا للموساد ولأجهزة الاستخبارات العالمية.
أما الان – يضيف المحلل الفلسطيني – فقد اختلفت المعادلة وأصبح مدير المكتب السياسي هو أيضا القائد العسكري الميداني ما يعني أنه سيكون بمقدوره في المدى المنظور على الاقل تسلم مهام ومسؤوليات مدير المكتب السياسي الخارجية، وإن حصل ذلك فسيتم في إطار اتصالات دبلوماسية ضمن حلقات ووسطاء وليست مباشرة، اما بالنسبة لسلطة الأسد تحديدا فإن ما ينطبق عليها ينطبق على غيرها بخصوص آلية تواصل السنوار مع الاخرين ضمن نطاق عمله كمدير أو كممثل للمكتب السياسي باعتباره ذراعا دبلوماسيا.
لماذا قد يرغب السنوار باستعادة العلاقات مع سلطة الأسد؟
لا يرى فهيم أن التقارير التي تتحدث عن اندفاع السنوار للتطبيع دقيقة، بل يعتبر أن ملف علاقات حماس مع الأطراف الخارجية مبني على تكتيكات مرحلية، أما “بالنسبة لسلطة الأسد على وجه التحديد.. لا اظن ان السنوار مضطر لاقامة علاقات جديدة او من نوع جديد معها، فهذه العلاقات شهدت فترة من الفتور ثم انتهى الموضوع”.
وأشار إلى أن اجتماعا حصل منذ فترة بعيدة، قد يكون قبيل السابع من أكتوبر بقليل، وبموجب هذا الاجتماع كان هناك طاولة ضمت السلطة و ايران وضمت كل اطراف “محور المقاومة” أي الاطراف المدعومة من ايران.
وجرى الاتفاق على ما يسمى بوحدة الساحات او وحدة الجبهات و هذا اشبه باتفاق دفاع مشترك، بمعنى انه اذا تعرضت اي ساحة او جبهة من هذه الساحات الثلاث فالجميع مطالب باتخاذ ما يلزم من حراك سياسي وامني ودبلوماسي لإسناد الطرف الاخر في معركته الافتراضية، و يعني ذلك أنه العلاقات بين حماس والسلطة موجودة وليست مفقودة، رفقا لفهيم.
وحول أسباب رغبة حماس في استعادة العلاقات، فقد رأى أن سلطة الأسد تمثل بالنسبة للحركة حلقة وصل مهمة وحجر زاوية في الدعم الذي يتأتى لها عبر ايران في مقابل محيط عربي واسلامي لا يقدم لها شيئا، “حيث لا يستطيعون إدخال كأس من الماء بعد عشرة شهور من الحصار ومن القتل والذبح على الهوية والابادة الجماعية.. لم نرى أحدا من العرب اكثر لمعاناتهم او لمأساتهم على النحو الذي ينبغي ان يحدث في حدود ابسط قواعد الاشتباك الفطري الغريزي”.
ومضى بالقول: “بحسب تقديري فهو ليس مضطرا لأن يعيد العلاقات.. أنا لا اعلم بانه هو شخصيا يريد استعادة العلاقات وان كان كذلك فلا اظن انه في هذه المسألة سيراعي اي قيود او فرضيات خاصة انه في حالة حرب، فقد كان وما زال وسيظل على المدى المنظور في حالة “حرب مع الشيطان وليس فقط مع سلطة الأسد.. ولكن قد يتحالف مع الشيطان اذا وجد في هذا التحالف شكلا من اشكال الدعم والاسناد له في مواجهة الة البطش الصهيو – عربية والصهيو – امريكية”.
ماذا عن العلاقات مع المعارضة السورية؟
لم تقطع حماس علاقتها بشكل كامل مع المعارضة السورية، والتقت سابقا بالمجلس الإسلامي السوري في إسطنبول، كما بادر المجلس لإصدار عدة بيانات مؤيدة لحماس، رغم انتقاده لموقفها من إيران وسلطة الأسد.
ويشير المحلل السياسي الفلسطيني الأردني إلى أن الحركة حاولت في غمرة الثورة السورية أن تنأى بنفسها بحيث لا تصبح شريكة في الدم مع سلطة الأسد، و لا تصبح طرفا في هذه الحرب الطاحنة التي جرت في سوريا.
وأضاف: “حقيقة لا استطيع ان اسمي هذه الثورة المسلحة – اذا جاز التعبير – حربا اهلية.. ولكن عندما دخلت اطراف دولية واطراف خارجية و اختلط الحابل بالنابل.. وجدت الحركة نفسها مضطرة لاتخاذ مواقف تكتيكية”.
وبحسب فهيم فإن حماس مضطرة لاتخاذ مواقف قد تختلف بحسب احتياجات المرحلة وحسب ما تمليه الاستثناءات والمستجدات الآنية واللحظية.