نشرت صحيفة أوكرانية، منذ أيام، خبرا مفاجئا عن تدخل مباشر لقواتها على الأرض السورية، ضد القوات الروسية، في الشمال السوري، ما أثار الأسئلة حول مدى جدية تلك الأنباء، ومدى أهميتها.
وقالت صحيفة “كييف بوست” إنها حصلت على تسجيلات مصورة تظهر قيام قوات أوكرانية بتنفيذ ضربة وصفتها بالمدمرة على قاعدة روسية، قرب مطار “كويرس” في ريف حلب، بالشمال السوري.
ونقلت الصحيفة عن مصادر في المخابرات الأوكرانية، أن من نفذ العملية هي مجموعة من القوات الخاصة تدعى “خيميك”، وأن العملية أدت لتدمير معدات عسكرية، داخل المطار، الذي “تحتله القوات الروسية، و تستخدمه لتدريب ونقل المرتزقة الأجانب إلى أوكرانيا”.
وحول مدى واقعية تلك الأنباء، قال العميد الركن عبد الله الأسعد، لحلب اليوم، إن الأمر ممكن، متوقعا أنه “صحيح بنسبة سبعين إلى ثمانين بالمائة”، لأن “هناك الكثير من الجهات في المنطقة الشمالية والكثير من الأشخاص الذين يتبعون لعدة أحزاب وتيارات ومنظمات، كما في المنطقة الساحلية أيضا هناك أشخاص من مختلف دول العالم”.
من جانبه رجّح العقيد مالك الكردي، أن تعمل اوكرانيا على “استئجار خلايا مناوئة بالدول التي يكون فيها تواجد للروس، حيث من الصعب على كييف استخدام قواتها او ارسال طيرانها”، مضيفا انه يمكن أن يتطور هذا النوع الى اجراء تحالفات مع قوات مناوئة للقوات الروسية في البلاد التي تتواجد فيها.
هل تتحرك أوكرانيا منفردة؟
رغم مرور سنوات على غزو الروس لأوكرانيا واستنفار الغرب بسبب ذلك، لم تفكر أية دولة غربية بإشغال روسيا في سوريا، بل أشارت تقارير إلى تفاهمات ضمنية بين موسكو وواشنطن بتحييد الساحة السورية.
وحول ما إذا كان من الممكن أن يحدث إشغال للروس في سوريا، بمبادرة من أوكرانيا، قال العميد الأسعد، إنه من غير المستغرب وجود قوات أو استخبارات أوكرانية في هذه المنطقة.
وأضاف أن ما تحدثت عنه الصحيفة غير مستبعد من الناحية العسكرية ومن ناحية الرصد والاستطلاع، ومن الوارد جدا أن تكون هذه الواقعة حدثت رغم أن الإعلام لم يسلط الضوء عليها بشكل كبير، وهو “كلام واقعي من ناحية عملية استخباراتية”.
وأشار إلى أن أوكرانيا تستطيع فعل كثير من الاشياء من خلال الحلفاء الموجودين لديها وأيضا على الجبهات في داخل الجغرافيا السورية، حيث هناك كثير من الأحزاب والتيارات، و”من الممكن بشكل ميداني على الأرض أن تفعل الشيء الكثير مثل تحريك الجبهات الراكدة وحتى تغيير الإستراتيجية مع القوات المتواجدة من الجيش الوطني هناك”.
من جانبه قال العقيد الكردي إن مثل هذا الخبر يعني أن كييف ماضية إلى توسيع دائرة الصراع ونقله الى جبهات اخرى بعيدة، حيث يكون فيها تواجد للقوات الروسية، وهذا “يمثل تطورا بطبيعة الصراع وانتقالا في العمل الاستخباراتي”.
وأكد أن هذا الأمر “سيكون له منعكسات وتحولات جديدة في تطور الصراع بالمنطقة المختارة”، مشيفا أن “هذا الاستهداف يحمل رسالة انذار وتهديد للروس كما يحمل رسالة الى قوى الثورة السورية عن امكانية اجراء تحالف معها”.
هل يمكن أن يُفكر الغرب في توسيع الصراع مع روسيا؟
رغم الإلحاح الأوكراني على أوروبا والولايات المتحدة بتقديم دعم نوعي، لا تزال المعونات العسكرية الغربية لكييف – على أهميتها – دون ما تأمله، فيما تتصاعد مخاوف دول أوروبية قد تكون الهدف التالي لموسكو.
ويرى العقيد الكردي أن التهديد الروسي باستعمال السلاح النووي، اجبر الغرب على تخفيف اندفاعه في دعم أوكرانيا، فبعد التدخل الغربي الداعم لها، والذي ادى الى تقهقر كبير للروس، هددوا باستعمال السلاح النووي فتغيرت السياسة الغربية الى سياسة الاحتواء والاستنزاف لروسيا.
وعملت الدول الغربية على تعديل ميزان القوى بالحرب لتبدوا حربا بين قوتين متوازيتين ولم يكن واردا لدى الغرب فتح جبهات بعيدة لان التركيز كان قائما على امكانية السحق مع التأجيل لاضعاف الروس وجرهم الى الاستسلام، بحسب الكردي.
ولكن في الآونة الأخيرة – يضيف – اتضح أن موسكو تكيفت مع الحرب وهي قادرة على خوضها زمنا أطول مما كان يُعتقد بكثير، وأن امكانية السحق مستحيلة والمتضرر الاكبر هو أوروبا التي “تدفع ثمن فاتورة الحرب لاوكرانيا” مما “استنزف طاقات أوروبا ومخزون اسلحة حلف الناتو مع الاضطرار لاستيعاب العدد الكبير من المهجرين الاوكرانين فيما يستمر ضغط المهاجرين من الدول الاخرى وخاصة السوريين”.
وتتجه الافكار الى تغيير التكتيك والضغط على روسيا من جبهات اخرى، ولكن “حتى الان لايمكننا القول بأن هذه الجبهة تم افتتاحها حيث مازال الحذر الأوربي من احتماليات تداعياتها قائما”.
ووفق الصحيفة فإن قاعدة “كويرس الجوية” تسيطر عليها روسيا وتستخدمها لأغراض عسكرية منذ 2015 كما تستخدم أيضًا لنقل المرتزقة للقتال في أوكرانيا، وللتدريب.
ويقول العميد الأسعد إن هناك دراسات كثيرة تتعلق بهذا الموضوع تؤكد أن الكثير من المطارات المتواجدة في سوريا تعمل لصالح الروس والإيرانيين، حيث يقوم خبراء ايرانيون مختصون في الطيران المسير وغير ذلك بتدريب عناصر الروس وعناصر الفرقة خمسة وعشرين.
وكانت الصحيفة الأوكرانية نفسها قد نشرت منذ أشهر، تقريرا عن مهاجمة “القوات الأوكرانية الخاصة”، دوريات روسية قرب الجولان المحتل، من جانبها قالت صحيفة “واشنطن بوست” في تقرير نشرته عام 2022 إن أوكرانيا “تخطط لشن هجمات ضد القوات الروسية الموجودة في سوريا بمساعدة قسد”.