لا يزال ملف التطبيع المفترض بين تركيا وسلطة الأسد غير واضح المعالم، مع حديث السلطة الإعلامي عن اشتراط الانسحاب التركي من شمال غربي البلاد، فيما لا تبدو تركيا موافقة على ذلك.
وكان لافتا تصريح وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، حول مناقشة وضع المعارضة السورية والمناطق التي تسيطر عليها في إطار القرارات الأممية، وهو التصريح الذي بدا محيرا بعض الشيء بالنسبة للسوريين، حيث هناك من اعتبر أنه ينطوي على استعداد تركي لقبول فكرة الانسحاب، وهناك من اعتبر أنه يعني العكس تماما.
وللإجابة عن هذا السؤال قال الباحث السياسي ومدير وحدة الدراسات الاجتماعية في جامعة شام، محمد البقاعي، لحلب اليوم، إن ما يجري عموما يوحي بأننا ما نزال في مرحلة بداية المفاوضات بين الجانبين، حيث يحاول كل طرف الضغط على الآخر.
تركيا حددت الأمور التي ستناقشها مع سلطة الأسد.. ماذا عن “سحب القوات”؟
قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في لقاء مع قناة سكاي نيوز، أمس الأربعاء، إن هناك خطوات يجب أن تتخذها تركيا بالتعاون مع سلطة الأسد، وحدد تلك الخطوات بثلاثة ملفات هي: أمن الحدود ومكافحة الإرهاب وعودة اللاجئين، مشيرا إلى أن بلاده تريد تطبيع العلاقات مع السلطة على غرار تطبيع العلاقات مع دول في المنطقة.
وشدد على “مسألة الإرهاب” التي “يجب تطهير سوريا منها، خاصة مناطق العرب المحتلة من قبل تنظيم بي كي كي، وهناك منشآت نفطية استولى عليها التنظيم، يعني أن هناك منظمة إرهابية اغتصبت موارد الشعب السوري”.
وحول اشتراط سلطة الأسد خروج القوات التركية من سوريا، أشار فيدان إلى أنه “حتى الآن لا يوجد أي شرط مسبق تم التواصل بشأنه، أساسا، لدينا بعض القضايا في منظورنا، وهناك بعض القضايا في منظورهم”.
وأضاف: “إذا كنا سنضع شروطاً لبعضنا قبل أن نتحدث، فليس هناك معنى للحديث أصلا، فالمحادثات موجودة لحل المشكلات بطريقة حضارية، الناس يتحدثون لحل المشاكل”.
وتابع “تركيا دولة قوية، ولا تبحث عن محادثات بسبب عجز أو يأس، على العكس، ما يدفعنا لهذا هو نضجنا، ونحن نركز على تأثيرنا الدبلوماسي وحاجة المنطقة للسلام أكثر من التركيز على شيء آخر”.
ماذا يعني ربط مصير مناطق المعارضة بالقرارات الأممية؟
بعد حديثه عن الملفات المذكورة آنفا، اعتبر فيدان أن هذه مواضيع “تحتاج للنقاش على مستوى متقدم جدا”، أما “مسألة المعارضة السورية، والمناطق التي تسيطر عليها، فكلها قضايا يجب أن تُناقش في إطار قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة”.
وحول تفسير ذلك يرى البقاعي أن تركيا تحاول أن تقول بأن مناطق شمال غرب سوريا هي ليست مجرد ملف يمكن حسمه بالتفاوض الثنائي، و إنما مرتبطة بمسار أكبر، هو مسار التسوية وفق القرارات الأممية التي تقول بوحدة وسيادة الدولة السورية، وبالتالي فإن تركيا لا تدعم فكرة انفصال إقليم معين سواء في شمال غرب أو شمال شرق البلاد.
ويعني هذا الأمر، وفقا للبقاعي، أن موقف أنقرة واضح فيما يتعلق بملف التسوية؛ فهي تراها تحت مظلة القرارات الأممية بما في ذلك القرار 2254، وأنه لابد من أن نصل إلى حكومة وحدة وطنية.
كما يعني ذلك أيضا أن يكون هناك دستور جديد وانتخابات وما إلى ذلك، وبالتالي يجب أن يكون مصير المنطقة مرتبط بتحقيق المسار الأممي، بحسب الباحث السياسي السوري.
وكان فيدان قد أكد أن “وجهة نظر وتفضيلات المعارضة السورية الشرعية المعترف بها من قبل المجتمع الدولي والنظام الدولي هي الأساس”، مشيرا إلى أن المعارضة السورية “شاركت السلطة في أعمال صياغة دستور جديد للبلاد في جنيف”.
ودعا إلى أن “تسير هذه الأعمال بشكل صحيح”، حيث “قدم مجلس الأمن الدولي من خلال القرار 2254 خارطة طريق مختصرة وواضحة للتوافق الداخلي”.
وتابع: “هناك خارطة طريق واضحة للغاية تتعلق بما يجب أن تفعله المعارضة والسلطة معا، هذه خارطة وضعتها المنظومة الدولية، ونحن ندعم عمل الطرفين في إطار هذه الخارطة”.
أما عن الخطوات التي “يجب أن تتخذها في تركيا بالتعاون مع الدولة السورية”، فهي تشمل “أمن الحدود، ومكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى عودة اللاجئين بشكل آمن وحر”.
يذكر أن نقطتين تتبعان للقوات التركية في إدلب قد تعرضتا مؤخرا لضربات من قبل المسيرات الإيرانية، وهو ما أعقبه رد تركي وتبادل للقصف المدفعي مع قوات الأسد قرب سراقب.