حلب اليوم – خاص
يواجه أكثر من 150 مصابًا بالتلاسيميا والفشل الكلوي في ريف دير الزور الشرقي، أزمة صحية خطيرة، وذلك بعد توقف الدعم من جمعية “سوسن” لمستشفى هجين الصحي ومستشفى الفرات في بلدة أبي حمام. وقد ناشد الأهالي بإعادة تفعيل الدعم لإنقاذ حياة أطفالهم.
ونقل مراسلنا عن مصدر طبي في المنطقة الشرقية، الذي رفض الكشف عن اسمه، تأكيده على أن المستشفيات بحاجة إلى دعم كبير يفوق قدرة لجنة الصحة التابعة للإدارة الذاتية، مما يجعل من إعادة افتتاحها تحدياً كبيراً. وحذر من العواقب الوخيمة لهذا التوقف، مشيراً إلى أن مرض التلاسيميا يتطلب علاجاً مستمراً طوال الحياة.
وأكد مصدر طبي آخر داخل مشفى الفرات لحلب اليوم، الذي رفض الكشف عن اسمه أيضاً، أن المرضى سيواجهون تحديات كبيرة، خاصة مع ارتفاع تكاليف السفر إلى تلقي علاج الفشل الكلوي. ولفت إلى أن المشافي الوحيدة المتاحة في ريف دير الزور الشرقي هي مشفى الفرات وهجين.
مشقة السفر
هذا وناشد سكان المنطقة المنظمات الصحية والإنسانية بإعادة دعم المراكز للاستمرار في تقديم العلاج للمصابين، وفقاً لمراسلنا، الذي أكد أن توقف الدعم أدى إلى معاناة كبيرة لذوي المرضى.
وأشار إلى أن ذوي الأطفال المصابين باتوا مضطرين للتوجه إلى مدينة الرقة لتلقي العلاج بعد إغلاق المركز.
وأوضح أن الرحلة إلى الرقة تستغرق يوماً كاملاً، وتنطوي على مشقة كبيرة بسبب بعد المسافة وسوء حالة الطرق، فضلاً عن التكاليف المادية التي تبلغ مئة دولار أمريكي، للفرد الواحد.
وأضاف أن “البنية الصحية في شرق سوريا تحتاج إلى اهتمام بالغ من المنظمات المدعومة من جهات دولية، إذ يؤثر تردي الواقع الطبي على أصحاب الأمراض المزمنة من كبار السن والشباب والنساء إلى جانب الأطفال.”
مناشدات
قال أبو أحمد، والد أحد الأطفال المصابين بالتلاسيميا في دير الزور، لحلب اليوم “ابني أحمد يبلغ من العمر 7 سنوات، وهو مصاب بالتلاسيميا منذ ولادته، إذ كنا نتلقى العلاج بانتظام في مستشفى هجين العام، لكن بعد توقف المركز، حياتنا تحولت إلى كابوس.”
وأضاف “أحمد” يحتاج إلى نقل دم بانتظام كل شهر، وكان المركز هو المكان الوحيد الذي يقدم لنا هذه الخدمة. الآن، لا نعرف ماذا نفعل. حاولنا الذهاب إلى مدينة الرقة، ولكن الرحلة طويلة ومكلفة جداً. الطريق سيئ وخطر، ونضطر لتحمل مصاريف النقل والإقامة.
وتابع “حالة أحمد تتدهور يوماً بعد يوم. لا يستطيع اللعب مثل باقي الأطفال، ويعاني التعب الدائم، نحن كعائلة نشعر بالعجز الكامل أمام هذا الوضع، لا نستطيع تحمل تكاليف العلاج في مناطق أخرى، ولا يمكننا الاستمرار بدون الدعم الذي كنا نحصل عليه من المركز.”
وناشد أبو أحمد جميع المنظمات الإنسانية والصحية أن تنظر في معاناة أطفالهم والحاجة الماسة لإعادة فتح المركز، قائلاً “حياة أبنائنا تعتمد على هذا الدعم، ونحن لا نستطيع تحمل رؤية أطفالنا يعانون دون أي أمل في العلاج.”
بدورها، تروي أم علي، والدة طفل مصاب بالثلاسيميا في دير الزور، قصة معاناة ابنها “ابني علي يبلغ من العمر 9 سنوات، ونحن نكافح مع مرضه منذ ولادته. كنا نعتمد على مركز معالجة التلاسيميا في مستشفى هجين العام لتوفير العلاج اللازم له، لكن مع توقف المركز، أصبحت حياتنا مليئة بالقلق والخوف.”
وتقول “علي يحتاج إلى نقل دم بانتظام، وكان المركز يوفر لنا هذه الخدمة بدون تكلفة كبيرة. الآن، نحن مضطرون للسفر إلى مدينة الرقة، حيث تتطلب الرحلة الكثير من المال والوقت، وأحيانًا نخشى على سلامتنا خلال السفر.”
تضيف “كل يوم يمر دون علاج يعرض حياة علي للخطر، نحن كأمهات وآباء نقف عاجزين أمام معاناة أطفالنا، ولا يمكنني تحمل رؤية ابني يتألم ويعاني دون القدرة على مساعدته.”
تختم أم علي بالقول “أدعو المنظمات الصحية والإنسانية إلى التدخل الفوري لإعادة دعم المركز، فأنا لا أستطيع تحمل فكرة فقدان ابني؛ بسبب نقص الدعم الطبي، فقط أرجو من الجميع أن يسمعوا نداءنا، ويقدموا لنا الدعم اللازم لإنقاذ حياة أطفالنا.
ما هو مرض التلاسيميا؟
ومرض الثلاسيميا هو اضطراب وراثي في الدم يؤدي إلى نقص إنتاج الهيموجلوبين، مما يسبب فقر الدم (الأنيميا) ويجعل المرضى يعانون التعب والإرهاق.
ويتنوع المرض بين نوعين رئيسيين: التلاسيميا ألفا، التي تعتمد شدة أعراضها على عدد الجينات المصابة، والتلاسيميا بيتا، التي تنقسم إلى ثلاث درجات: بيتا ثلاسيميا الصغرى والوسيطة والكبرى (أنيميا كولي.
وتشمل الأعراض شحوب البشرة أو اصفرارها، تأخر النمو، تعب شديد، تضخم الكبد والطحال، وتشوهات عظمية. فيما يكمن علاجه في نقل الدم المنتظم، وإزالة الحديد الزائد، وزرع نخاع العظم في الحالات الشديدة، والعلاج الجيني كحل مستقبلي، إذ يتطلب هذا المرض متابعة طبية مستمرة وإدارة دقيقة للأعراض لتحسين جودة الحياة.