أثارت حادثة وفاة 12 سوريًا في صحراء الجزائر مشاعر الحزن والأسى لدى الشعب السوري، مع استمرار تفاقم أزمة اللاجئين، وتعقيدها، ولجوء مختلف الدول إلى الضغط على طالبي اللجوء من السوريين، بدلا من إيجاد حل لمشكلتهم، مما يتسبب بموت أعداد كبيرة منهم سنويا، على طرق الهجرة نحو أوروبا.
وقالت جمعية غوث للبحث والإنقاذ في الجزائر، إن 12 سوريًا ماتوا عطشا في صحراء البلاد، بعد تعطل سيارتهم أثناء رحلة لجوئهم إلى الأراضي الأوروبية، حيث نشرت قائمة بأسماءهم.
وقد جرى انتشالهم من منطقة بلڨبور بالصحراء ونقلوا إلى مشفى عمر إدريس في ولاية إيليزي ومن بينهم 3 من مدينة الرقة و3 من مدينة الحسكة و5 من مدينة حلب وواحد من مدينة دمشق.
لماد التضييق على السوريين؟
تتزايد حملات التحريض والتضييق على السوريين، في مختلف الدول، وبشكل متزامن ولافت، مما يثير الأسئلة حول الدوافع والأسباب الحقيقية.
وقال مضر حماد الأسعد، رئيس الرابطة السورية لحقوق اللاجئين، لحلب اليوم، إن الأخبار الواردة من الجزائر ومن صحراءها مؤسفة جدا، حيث مات بعض اللاجئين السوريين وهم ينتقلون من دولة إلى دولة، بسبب الجوع والعطش وكذلك لدغات العقارب والأفاعي.
وحول موقف الجزائر من قضية اللاجئين، فقد أكد أن الرابطة كانت تتوقع من الحكومة أن تبادر في احتضان اللاجئين السوريين وأن تقدم لهم المكان أو الطبابة أو المساعدة، ولكن “يبدو أن اللاجئين السوريين أصبحوا محاربين من أغلب دول العالم، لأنها تنظر إلى اللاجئ السوري على أنه متمرد”.
وأضاف أن السوري في نظر الكثير من الدول “متمرد على الواقع.. متمرد على هذه السلطة.. على نظام الأسد الإرهابي الديكتاتوري.. ويُنظر إليه بأنه لا يمكن السيطرة عليه، بسبب محاربته لسلطة الأسد والمنظومة الدولية”.
ومضى بالقول: “نحن خرجنا على سلطة الأسد ولكن اكتشفنا أننا بذلك قد خرجنا بثورة على المنظومة الدولية التي تقود الفساد والدكتاتورية والإرهاب على سطح الكرة الأرضية”.
لماذا تغيرت سياسة الجزائر تجاه السوريين؟
منذ بداية موجات اللجوء السورية، بين عامي 2012 و 2013، كانت الجزائر من أكثر الدول تعاطفا مع السوريين حكومة وشعبا، حيث حظي اللاجئون هناك بتسهيلات جيدة، وتمت معاملتهم كمواطني البلاد إلى حد بعيد.
ولكن تغيرت لهجة بعض الدول تجاه اللاجئين السوريين “بسبب مصالحها مع سلطة الأسد و روسيا وإيران وبعض الدول المؤيدة لهم من تحت الطاولة” وفقا لما يقول الأسعد، حيث يؤكد أن هذه الدول تحاول تحسين علاقاتها السياسية والاقتصادية والدبلوماسية مع السلطة، ولكم رغم كل ذلك فإن “اللاجئين السوريين والشعب السوري قالوا كلمتهم منذ البداية: الشعب يريد إسقاط النظام ومهما حصل على الشرعية الدولية فشرعية الشعب السوري قد أسقطت الأسد ولن يحصل على شرعية الشعب أبدا”.
وفيما يحظى اللاجؤون ببعض الحقوق في الدول الأوروبية، فإنهم “في تركيا وفي مصر وفي لبنان وفي الأردن وفي العراق وفي كردستان العراق هم الذين يقدمون أو هم الذين يقومون باستئجار المنزل ويدفعون أجرة والكهرباء والمواد الإغاثية والإنسانية.. لذلك لا منة لهذه الدول على اللاجئين السوريين أبداً ابداً ابداً”.
الواقع الأوروبي أفضل
أكد رئيس رابطة اللاجئين السوريين أن أوضاعهم في الدول أفضل وهي ميسرة، وذكر على سبيل المثال أنه في بلغاريا، فإن اللاجئ السوري عندما يصل إلى بلغاريا يحصل بعد ثلاثة أشهر على وثيقة سفر تسمح له بالسفر إلى جميع دول العالم، بالاضافة إلى ما يقدمون له من خدمات أخرى.
كذلك في كثير من الدول الأوروبية التي “لم تطرد اللاجئين السوريين، ولم تقل لهم أين هي أوراقكم الثبوتية ولماذا لا تحملون أوراقا رسمية؟ وخاصة الذين يأتون إليها سيرا على الأقدام عن طريق شبكات التهريب”.
ووصف وضع اللاجئين السوريين في أوروبا، بأنه “جيد جدا” مضيفا: “نستطيع أن نقول ذلك وبصراحة.. بينما في بقية دول العالم يختلف الوضع اختلافا كبيرا جدا”، وحتى الطبابة والتدريس يتم دعمها للاجئين.
تخلٍّ عن المسؤولية
كثرت التحليلات مؤخرا حول الأسباب والدوافع وراء تصاعد حالة الرفض للاجئين السوريين، حيث ربط البعض بين الظروف الاقتصادية الصعبة للدول المضيفة وزيادة حالة الحنق عليهم، فيما عزا البعض الآخر ذلك إلى العنصرية.
لكن رئيس رابطة اللاجئين، أشار إلى تقصير الجهات المعنية على مستوى العالم، حيث يعاني السوريون هذه الأيام معاناة كبيرة جدا، ففي لبنان هناك العنصرية والتضييق الأمني، والميليشيات الإرهابية والاعادة القسرية، رغم أن قسما منهم تم اعتقالهم من قبل سلطة الأسد وتمت تصفيتهم.
كذلك يعاني السوريون في العراق وفي أربيل شمال العراق، حيث تمت إعادة الكثير منهم قسرا وتسليمهم لسلطة الأسد.
وطالب الأسعد وسائل الاعلام السورية والعربية والدولية بأن تتابع شئون اللاجئين السوريين وأن تسلط الضوء عليهم وعلى معاناتهم، وما يعيشونه من ضغط أمني وعسكري و سياسي و إعلامي وعنصرية.
كما دعا الأمم المتحدة لأن تقوم بزيارة مواقع اللاجئين السوريين في مختلف الدول رفقة أعضاء ضمن مجلس الأمن من أجل وضع النقاط على الحروف بشأن قضيتهم، على أن لا يكون في هذه اللجان أعضاء من الذين يدعمون سلطة الأسد.
وأشار إلى واجب المنظمات الدولية و الخيرية والإنسانية، في متابعة شؤون السوريين وتقديم الدعم لهم، لأنهم “هربوا من سوريا بسبب الظلم والفساد وبسبب العصابات الإرهابية، ومن أجل حماية أطفالهم من التعدي الذي تعرضوا له داخل وطنهم”.
ولفت إلى دور الجامعة العربية التي “يجب عليها أن تتحرك من أجل حماية الشعب السوري وحماية اللاجئين السوريين، خاصة أننا جزء من الجامعة العربية.. نحن جزء من الأمة العربية، ولذلك مسؤولية حمايتنا تقع على عاتقها”.
ودعا أيضا الائتلاف الوطني والحكومة السوريث المؤقتة للتواصل مع دول العالم التي يتم التضييق فيها على اللاجئين السوريين، من أجل تخفيف الاجراءات الأمنية والسياسية والعسكرية، حيث أن “الوضع حقيقة زاد عن حده كثيرا وأصبحت التعديات والاغتيالات والاعتقالات شبه يومية في بعض دول العالم وخاصة في دول الجوار”.