لا تزال حادثة وفاة مستشارة بشار الأسد، لونا الشبل، تثير الجدل بعد أيام من وقوعها، وسط تشكيك واسع في رواية السلطة حول حادث السير المزعوم، وتأكيد عدة أطراف أن ما وقع كان قتلا متعمدا.
وتعددت الراويات والتحليلات حول الحادثة، فهناك من قال إن الحادث وقع بالفعل لكنه كان مدبرا، فيما ذكرت تقارير أنها ماتت بالتعذيب في أقبية المخابرات الإيرانية، وذكر آخرون أن موقفها المفترض في “رفض أي عمل عسكري في السويداء” دفع سلطة الأسد للتخلص منها.
وفي تعليقه على القضية قال الصحفي السوري، نورس عزيز من محافظة السويداء التي تنتمي لها الشبل، لحلب اليوم، إن الأخيرة هي ابنة السلطة، ولم تعش في السويداء، كما أن “العديد من المصادر تتحدث عن توتر علاقتها مع التيار الإيراني في القصر خلال السنة الماضية”.
ونوّه بأنها من ضمن التيار المؤيد للروس في القصر الجمهوري، حيث أن “علاقتها متينة جداً مع الروس وتوضح ذلك من خلال مشاريعها الاقتصادية معهم (مطاعم مثلاً)”.
وكان أحمد رمضان مدير عام مركز لندن للإستراتيجية الإعلامية، قد قال في منشور على صفحته بموقع X ، أمس الجمعة، إن “لونا الشبل قُتلت تحت التعذيب في سجون استخبارات فيلق قدس الإيراني”.
وأضاف أنها “انحازت إلى سلطة الأسد ضد أهلها في السويداء وسوريا، واختارت خدمة الاستبداد اعتقاداً منها بأنها ستكون محظية، لكن استخبارات فيلق قدس الإيراني اعتقلتها في ٢٠ أيار ٢٠٢٤، بتهمة ترؤس شبكة تجسس لصالح إسرائيل، ونقلتها إلى مركز أمني للحرس الثوري في منطقة السيدة زينب في دمشق، حيث أُخضعت للتحقيق”.
وأكد أنه لم يُسمح لأي مسؤول في السلطة بمقابلتها أو الاطلاع على اعترافاتها، وبعد ذلك نُقلت إلى مقر للتحقيق في كفرسوسة يتبع للحرس الثوري، وخضعت لتحقيق بإشراف العقيد حيدر غلام جلالي (حاج جلالي) المسؤول في استخبارات فيلق قدس، واللواء كفاح ملحم عن مكتب الأمن الوطني، والمسؤول عن التنسيق حصراً مع الحرس الثوري وفيلق قدس.
وأشار رمضان أيضا إلى اعتقال شقيقها العميد ملهم الشبل، والعميد صافي ديب، والعقيد منهل سليمان والمقدم وهيب رجوب، وهم من ضباط الحرس الجمهوري، حيث “ما زال هؤلاء بحوزة استخبارات فيلق قدس، ويخضعون للاستجواب، ووجهت لهم تهمة التجسس لحساب إسرائيل”.
وبحسب مدير مركز لندن، فقد قام خامنئي باستدعاء الأسد إلى طهران، في ٣٠ ايار ٢٠٢٤ (بعد ١٠ أيام من اعتقال مستشارته لونا)، وأبلغه رسالة واضحة: “إذا قررت اللعب معنا، فنحن من أبقى نظامك ومن يمكنه إزالته”.
كما نقل عن “مصادر لم يسمها أن “بشار كان مضطرباً وقلقاً من ردة الفعل الإيرانية، خاصة في ضوء شكوك الإيرانيين من أن لونا الشبل قد تكون تصرفت بناء على “تكليف” وليس بمبادرة شخصية، وكان واضحاً أن أمام الأسد مصير علي عبدالله صالح الذي حاول اللعب مع الإيراني بالاتصال مع خصومهم، فتمَّت تصفيته بشكل قاس وصوِّرت العملية”.
ورآى رمضان أن “قصة حادثة السيارة مختلقة ولا أصل لها، والبعض يروج لذلك، علماً أن من سرب المعلومات المزيفة هي أطراف تابعة لسلطة الأسد”.
من جانبه قال عزيز لحلب اليوم، إن الحديث عن رفضها لأي عمل عسكري في السويداء، غير دقيق، مضيفا: “غريب من يروج لذلك، فهي من هددت السويداء بتنظيم الدولة بعد رفض أبنائها قتال أهالي بصرى حين فقدت السلطة سيطرتها على تلك المدينة”.
أما بالنسبة للحديث عن سعيها للوساطة والتهدئة في المحافظة، فقد قال إن “لونا الشبل لا يمكن أن يتم حسابها من أهالي السويداء، فهي لم تولد ولم تتربى ولم تعش فيها”.
وفي سياق متصل فقد رفضت عائلتها في قرية عرى بريف السويداء الغربي، دفنها بمسقط رأسها، أمس الجمعة، لتقوم سلطة الأسد بدفنها في دمشق.
وكان والدها العميد المتقاعد عادل أسعد الشبل قد “تبرأ منها قبل وفاته”، بحسب مصادر محلية، وذلك بسبب خلافات قديمة تعمقت مع اندلاع الثورث السورية ووقوفها لجانب الأسد.
وتمّ تشيعها من مشفى الشامي بدمشق، لتدفن في مقبرة الدحداح بشارع بغداد، وحدّدت النعوة مدة العزاء بساعتين فقط وليوم واحد في صالة المزة.
وكان بشار الأسد قد استبعد الشبل من “اللجنة المركزية” لحزب البعث، قبل أن يتم توقيف شقيقها ملهم الشبل وزوجته بتهمة التخابر مع جهات أجنبية.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة هآرتس العبرية مؤخرا، فإن بشار الأسد وافق على عدة تنازلات قالت إنها أغضبت إيران منها “تجاهله لهجمات إسرائيل على أهداف إيرانية داخل الأراضي السورية”.
لكن تقريرا سابقا لصحيفة الجريدة الإيرانية نشرته في نيسان الماضي، قال إن إيران وجهت اتهامات لسلطة الأسد بالضلوع في عمليات الاغتيال التي تقوم بها إسرائيل ضد قادتها، ونقلت عن مصدر في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني: “أن الأجهزة الأمنية الإيرانية رفعت تقريرا للمجلس بشأن احتمال ضلوع السلطات السورية في اغتيال كبار قادتها”.
وقال المصدر إن إيران قامت مع سلطة الأسد بفتح تحقيق مشترك حول مقتل رضا موسوي في منطقة السيدة زينب، مضيفا أن استخبارات الأسد عرقلت التحقيق، واضطرت طهران لفتح تحقيق منفصل مع حزب الله، وأظهرت نتائج التحقيق في التقرير أن “الخروقات والتسريبات الأمنية التي أدت إلى اغتيال قادة الحرس في سوريا وكذلك بعض كوادر حزب الله في سوريا ولبنان، تحظى بغطاء سياسي وأمني على مستوى عالٍ، وبشار الأسد لابد أن يكون على علم، بل اتهمه بفتح قنوات مع تل أبيب للتخلص من الهيمنة الإيرانية”.