تعرضت لونا الشبل، المستشارة الإعلامية الخاصة بالأسد، الثلاثاء 2 تموز/ يوليو، لحادث سير دخلت على إثره المستشفى، وفقا لوكالة الأنباء السورية، سانا التابعة لسلطة الأسد.
ونقلت الوكالة: “أن الحادث كان على إحدى الطرق المؤدية لمدينة دمشق عصر الثلاثاء، أدى إلى حصول نزيف في الرأس، مما استدعى إدخالها العناية المشددة لتتلقى العلاج من الفريق الطبي المختص”.
وكان سبب الحادث، كما ادعت الوكالة “انحراف السيارة التي كانت تقلها وخروجها عن المسار، حيث تعرضت لعدة صدمات أدت إلى إصابة المستشارة إصابة شديدة قد لا تنجو منها.
فيما راجت تقارير عدة عن غموض يحيط بالحادث، وأن السيارة التي صدمت سيارة المستشارة كانت مجهزة بدعامة حديدية في المقدمة، مما أدى إلى تعرض الشبل لنزيف دماغي حاد.
وأشارت تقارير أخرى إلى أن شقيق لونا، ملهم الشبل، وُقّفَ في دمشق قبل أسبوع، ومعلوم أن اسم لونا الشبل وزوجها عمار ساعاتي العضو السابق للقيادة المركزية في حزب البعث، يندرج على قائمتي العقوبات الأمريكية والبريطانية.
وفي إجابته على تلك الأسئلة لحلب اليوم، قال مصطفى النعيمي الباحث في الشأن الإيراني: “أعتقد بأن سلطة الأسد بنظرتها الأمنية سابقا ولاحقا، لن تتغير في مواجهة من تعتقدهم يشكّلون خطرا عليها، بالرغم من تقديمهم الخدمات على مدار عملهم معها.
هل ينوي الأسد التخلص من لونا الشبل؟
قال النعيمي في حديثه لحلب اليوم: إن سلطة الأسد تعمد إلى تصفية هذه الصناديق السوداء، بدءا من غازي كنعان، وصولا الى رستم غزالة، ومنه الى لونا الشبل، فذات الاستراتيجية المستخدمة على من تعتقد أنهم يشكلون خطرا عليها، وبالتالي تكون التصفية إما بانتحارهم برصاصتين، أو على الطرق الدولية من خلال حادث سير مفتعل، ومن ثم يعلنون مقتل الشخصية المستهدفة، فهذا التكتيك الاستخباراتي ليس جديدا.
وأكمل الباحث مصطفى قوله: “وأعتقد بأن هنالك ارتباطا كبيرا ما بين حادثة لونا الشبل ومقتل أحد الضباط في القصر الجمهوري، وربما تكون هنالك خلية متكاملة، ليس فقط هؤلاء بل من يديرون هذا الملف، وذلك من خلال تمرير بعض المعلومات الى الجانب الاسرائيلي حول طبيعة الاجتماعات التي تجري في سوريا من قبل إيران والشخصيات التي تصل من وإلى دمشق، وبالتالي من يعمل عميلا إلى مشروع ما حتما سيستخدم في يوم ضدّه.
ويرى النعيمي أن نظرية الدولة السورية في السابق واليوم لن تتغير عن مسار العصابة التي تحكم، ولا يوجد ضمن مفهومها أبجديات إدارة الدولة، إنما تعتبر هذا المشروع الذي تديره من خلال تكتل بعض المافياويين لخدمة الوصول إلى المال، بغض النظر عن الطرق والوسائل المستخدمة، طالما أنهم يحققون الوصول إلى المال فكل الوسائل بالنسبة لهم مشروع.
هل يمكن أن يكون إقصاء الشبل إرضاء من سلطة الأسد للنفوذ الإيراني؟
قال النعيمي الباحث في الشأن الإيراني: لا أعتقد بأن سلطة الأسد لديها الرغبة الكافية في تحييد المشروع الإيراني، نظرا لارتباطهم العضوي فيما بينهما، وتكاملهما في تخديم مشروع ولاية الفقيه، حيث تعد سلطة الأسد إحدى مفرزاتها وأدواتها التخريبية، والتي أرهقت الشعب السوري على مدار أكثر من 50 عام، وبالتالي أعتقد بأن الضربة نفذت عبر مشروع جهاز استخبارات الحرس الثوري الإيراني بشكل مباشر، والسبب الرئيسي في ذلك اعتقادهم أو ربما قد يمتلكون معلومات حقيقية حول موضوع تخادم نُفّذَ ما بين مشروع مجموعة الشبل مع الجانب الإسرائيلي في تمرير بعض المعلومات لتحركاتهم الميدانية في داخل سوريا وخارجها.
وأكمل النعيمي قوله: أعتقد أن هنالك حالة من عدم الثقة فيما بينهما سينجم عنها ضعف أحد المشاريع على حساب الآخر، وبناء عليه سيكون التفكك داخليا، وربما قد ينجم عن ذلك أيضا تداعيات خطيرة لا تقتصر فقط على الجغرافيا السورية، وإنما سترتبط بجغرافيا لبنان والعراق.
وأشار الباحث إلى أن هنالك الكثير من المؤشرات تدلل على أن مقتل قاسم سليماني قد تم من خلال تنسيق بعض الضباط في داخل مؤسسات سلطة الأسد مع الولايات المتحدة، وبناء عليه اُغتيل في عملية البرق الأزرق في العاصمة العراقية بغداد، وهذا يؤكد نظرية تنافس المشاريع وتضارب الإيرادات الدولية حول أولوية نجاح المشاريع والنتائج المرجوة منها لمشغليها وأعدائها، ولكن للأسف الجغرافيا السورية هي الوحيدة المستنزفة التي تدفع ثمن تلك المنافسة، والشعب السوري هو المتضرر الأكبر من ذلك، نظرا لأن هؤلاء القادة لن يتأثروا بتلك الضربات بل على العكس، ربما تساهم بشكل أو بآخر في انسحاب بعضهما إلى ساحات خارج نطاق الصراعات، وبناء إمبراطورتيهم المافياوية التي تحقق لهم المكاسب المالية على حساب دماء الشعوب المقهورة في مناطق نفوذ مافيويين في الجغرافيا العربية عموما وفي سوريا خصوصا.
هل يمكن أن تفقد سلطة الأسد جزءا من توازناتها بعد فقدانها لونا؟
يعتقد النعيمي بأن سلطة الأسد لن تتأثر بمقتل “الصبية المدللة” الشبل لأسباب متعددة، نظرا لأن منصبها بالأساس هو منصب غير تنفيذي، بالرغم من ارتباطها بالعديد من الضباط داخل القصر الجمهوري، نظرا لأن الدولة تُبنى من خلال نظرية العصابة، وليست من نظرية الدولة، وبالتالي ضرب أجزاء من تلك العصابة لن يغير سلوك العصابة في العمل بنظرية الذئاب المنفردة، والتي تحقق غايات من خلال دوائر أمنية مغلقة، بحيث إن تلك الدوائر لا تعرف من يحيط بها، وعليه فالغالبية العظمى من تلك الدول المحكومة بنظريات العصابات لا تتأثر بعملية فقدانها للقادة.
وأضاف النعيمي: بينما الدول التي تحكمها الديمقراطية في حال وجود تغيب ما سواء أكان سبب التغيب الموت أو حتى تغيب بموجب العملية الديمقراطية نلاحظ حصول متغيرات كبيرة على صعيد السياسة الداخلية أو الخارجية، بينما في الدول الديكتاتورية تبقى المنظومة كما هي، والسبب الرئيسي في ذلك أن مكونات من يخدم مشروعهم هم أجهزة تنفيذية وليس أجهزة تشريعية، وبالتالي لن تتأثر سلطة الأسد، وستقوم بلملمة جراحها بأسرع وقت ممكن كما تزعم، علما بأن طبيعة الصراع اليوم داخل مؤسسات الأسد هو صراع محاور، المحور الإيراني ضد المحور الروسي وبغض النظر عن مسائل التخادم الاستراتيجية فيما بينهما لكن تبقى مسألة أن تلك المحاور بحد ذاتها عبارة عن عصابات ومافيات، فما تقوم به سلطة الأسد من خلال الجهود التي تبذل في الفرقة الرابعة وفاغنر والحرس الثوري وفيلق القدس كلها تؤكد على أن هنالك عصابات تحكم الدولة تحقق أهداف استراتيجية خارج نطاق مسؤولية الدولة للتنصل من هذه الجرائم فيما لو حصل هنالك محاسبة.
ويرى النعيمي أن المرحلة القادمة ستشهد مجموعة أكبر من الاغتيالات في داخل صفوف الأسد وذلك تحت ذريعة انتماء المحاور وبناء عليه ستضعف الدولة المركزية وفق تقييم سلطة الأسد إلى حساب الدولة المركزية التي تحكمها طهران وهذا بحد ذاته يؤثر على التموضع الروسي وسيلاقي أيضا ردود أفعال روسية من خلال محور روسيا داخل سلطة الأسد، وبالتالي زيادة التنافس ما بين المحورين سيؤدي إلى فقدان عناصر أساسية فيما يطلق عليه اليوم محور شر سلطة الأسد.
يُذكر أن اسم “لونا الشبل” والتي تنحدر من مدينة السويداء جنوب سوريا برز كإعلامية بعد تخرجها من جامعة دمشق عام 2003، وفي منتصف 2010، تسلمت رئاسة المكتب الإعلامي في مكتب ما يسمى رئاسة جمهورية سلطة الأسد، ليزداد نفوذها خلال سنوات الحرب، بسبب قربها من الأسد ثم نيلها دعما روسيا خاصاً، بعد التدخل العسكري في سوريا، لتتوسع صلاحياتها داخل القصر الرئاسي.