لا تزال مدينة قيصري التركية تعيش حالة ما بعد العاصفة، عقب ليلة عصيبة تعرض خلالها السوريون لاعتداءات واسعة، من قبل محتجين غاضبين، بسبب اتهامات حول التحرش بفتاة تركية؛ سرعان ما تبين أنها زائفة.
وحول حقيقة ما جرى فقد أكد الناشط السوري المقيم في قيصري، مصعب نعمة، لحلب اليوم، أن القصة بدأت عندما رأت طفلة سورية قريبها في الشارع وهو شاب يبلغ من العمر حوالي ٢٢ سنة وركضت باتجاهه لتسلم عليه، وتحتضنه، مع العلم أنه قاصر عقليا.
ولدى مرور بعض الشبان الأتراك في الشارع ادعوا أن الطفلة تركية، وأن الشاب يتحرش بها، حيث دفعوهما لداخل منزلها قبل أن يقوموا بتصوير فيديو ونشره، مدعين من خلاله أن الشبان السوريين يتحرشون بفتيات المدينة، مما أشعل موجة غضب عارمة.
من جانبه قال والد الفتاة إن ابنته البالغة من.العمر 5 أعوام كانت تنتظر قريبها عند باب البيت لتسلم عليه، ثم ركضت نحوه، لكن الشبان من أبناء المدينة دفعوا بهما إلى الداخل وأغلقوا الباب عليهما، قبل أن يقوما بتصوير فيديو، بهدف التحريض، كما أكد الناشط نعمة أن الطفلة خضعت للفحص الطبي، وثبت عدم وقوع أي اعتداء عليها.
ومع انتشار الأنباء المزيفة خلال الليلة الماضية، وخروج الأتراك الغاضبين إلى الشوارع لتكسير ممتلكات السوريين، نشرت الشرطة عددا كبيرا جدا من العناصر، لكنها لم توقف تلك الأحداث، حيث أن المتظاهرين الغاضبين رموا بالحجارة عناصر الشرطة ممن حاولوا التدخل ما أوقع إصابات بين صفوفهم.
ولا تزال المدينة تعيش اليوم الاثنين حالة من الهدوء الحذر، حيث أن السوريين إما معتزلون داخل بيوتهم أو في بيوت بعيدة ضمن مناطق أخرى، أما محلاتهم فما تزال مغلقة مع مظاهر الخراب التي لحقت بها، وسط تكثيف لدوريات الشرطة في الشوارع، وذلك عقب إزالة السيارات المكسرة من الشوارع.
وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي دعوات موجهة للأتراك للتجمع بساحة ميدان الجمهورية مع لبس الأقنعة، في الساعة السابعة مساء اليوم، إلا أن الساحة لم تشهد أي تجمعات حتى لحظة تحرير الخبر.
وأدى ذلك الوضع لتوقف كل المعامل بالمنطقة الصناعية، لأن أغلب العمال فيما من السوريين، حيث أنهم لم يستطيعوا الذهاب لأماكن عملهم.
وبحسب ما أعلنه وزير الداخلية التركية علي يرلي كايا في بيان، فقد تم افتتاح تحقيق في الموضوع، مؤكدا أن “المواطنين في المنطقة تصرفوا على نحو غير قانوني وبطريقة لا تتناسب مع قيمنا الإنسانية، وألحقوا أضرارًا بمنازل وأماكن عمل ومركبات تعود إلى مواطنين سوريين”.
كما أكد تدخل القوات الأمنية في هذه الاحتجاجات، حيث “جرى اعتقال 67 شخصًا. وتفريق الحشد المتجمع بعد الساعة 02:00″، مضيفا: “تركيا دولة قانون، وتواصل معركتها ضد كافة الجرائم والمجرمين، كما فعلت بالأمس”، متعهدا بمنح “القضاء التركي الأعلى المجرمين العقوبات التي يستحقونها”.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أكد في تعليقه على الأحداث، أن ما جرى في قيصري من استهداف لممتلكات السوريين، كان بتحريض من المعارضة التي “تريد أن تحقق مكاسب سياسية من خلال صب الزيت على النار”.
وأضاف: “لا يمكن تحقيق أي شيء من خلال تأجيج العداء للأجانب والكراهية تجاه اللاجئين.. إشعال الشوارع بالتخريب أمر غير مقبول.. نرى أن العناصر الراديكالية داخل المعارضة تحاول إعادة تفعيل ممارسات تذكرنا بفترة 28 شباط.. يجب عدم السماح بذلك”.