ياسر العلاوي
على مدى سنوات الثورة والحرب في سوريا، لجأ السوريون إلى الجار لبنان هرباً من بطش الأسد، فلاقاهم اللبنانيون قيادة وشعباً بحملات من العنصرية والانتهاكات، وحملوهم فشل سياسييهم في التوافق على كيفية إدارة البلاد.
لبنان عمد إلى إعادة دفعات من اللاجئين إليه لسلطة الأسد، دون مراعاة ما ينتظرهم من انتهاكات أخرى جسيمة أيضاً، خاصة المرحلين من السجون اللبنانية إلى معتقلات الأسد.
وهنا بدأ كثيرون بالتفكير بكيفية العودة إلى سوريا، وإلى أي سوريا يعودون، فالأخبار المتواترة عن اعتقال مرحلين من لبنان إلى مناطق الأسد، أرعبت اللاجئين ودفعتهم لاتخاذ خيارات أخرى أحلاها علقم مُرْ.
ومنذ نحو شهرين تتزايد نسبة اللاجئين الذين اختاروا الذهاب عبر طرق التهريب إلى الشمال السوري، ويسلكون طرقاً جبلية وعرة، سيرًا على الأقدام ثم يستقلون دراجات نارية أو سيارات في المناطق التي تسيطر عليها سلطة الأسد حتى وصولهم إلى شمالي سوريا، عملية تتطلب دفع الكثير من الأموال لشبكات التهريب.
الصحفي السوري المقيم في لبنان محمد الشيخ قال لحلب اليوم “يوجد عدد من العائلات التي شقت طريقها عائدة من لبنان إلى الشمال السوري، لأن العودة الى مناطق النظام تنطوي على مخاطر كبيرة، أقلها التجنيد الإجباري، عدا عن الحالات التي يكون فيها الشخص أو رب الأسرة مطلوباً لجهات أمنية بسبب مشاركته في الثورة السورية”.
وأضاف الشيخ “في بعض حالات الأسر الكبيرة يسافر رب الأسرة ومن ثم الأفراد، وهناك عائلات صغيرة تسافر كاملة، وفي الغالبية يكون المسافرون من فئة الشباب، تكلفة الطريق بشكل عام لحد 1000 دولار للشخص الواحد ينقص أو يزيد حسب المهرب، وحسب وضع الشخص (أمنياً) ومن الممكن أن يصل إلى أكثر من 1500 دولار”.
ونوه الشيخ إلى أن اللاجئون السوريون في لبنان يحاولون إيصال رسالة للحكومة المؤقتة والائتلاف بأن يكون هناك تنسيق لنقل اللاجئين من لبنان إلى الشمال السوري دون المرور بمناطق سيطرة الأسد.
محمود (اسم مستعار أب لعائلة مؤلفة من 3 أطفال ووالدتهم) قال لموقع حلب اليوم “وصلت إلى شمالي سوريا منذ شهر ونصف، شاهدت مع عائلتي الموت عدة مرات، أخطرها العبور من الحدود اللبنانية إلى سوريا، والطرق التي سلكها المهربون في مناطق النظام، لم تكن رحلة عادية”.
وقالت وكالة أسوشيتد برس “إن أعداد العائدين من لبنان إلى شمالي سوريا تضاعف خلال الشهرين الفائتين، حيث وثقت جهات في شمالي سوريا عودة 1041 شخصاً عادوا من لبنان خلال شهر أيار الفائت، بينما شهد شهر نيسان عودة 446 شخصاً”
بينما قال مصدر خاص لحلب اليوم “إن أغلب القادمين من لبنان إلى الشمال السوري هم من الشباب العازبين، لأن الطرق التي يسلكها المهربون غاية في الخطورة، سواء عند الحدود أو البوادي التي يسيطر عليها النظام”.
وأضاف المصدر “أن هناك رجالاً تركوا عائلاتهم في لبنان وخاطروا بقدومهم للشمال بمفردهم، ويفكر هؤلاء باستكمال طريقهم نحو أوروبا، ثم لم شمل عائلاتهم إلى هناك من لبنان”.
ويشهد لبنان حالة فوضى بما يخص اللاجئين السوريين، حيث يستخدمهم الفرقاء السياسيون في صراعاتهم، كما يحملهم آخرون المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في لبنان، ما يزيد الضغط عليهم خاصة بعد قرار حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، ترحيلهم على دفعات إلى مناطق سيطرة سلطة الأسد.