نعى ناشطون سوريون صباح يوم الجمعة في 3 أيار/مايو المفكّر السّوري، والدّاعية الإسلامي، والأديب الشّاعر، عصام العطّار عن عمر ناهز الـ 97 عامًا في مدينة آخن الألمانيّة.
وقدّم المجلس الإسلامي السّوري العزاء في بيانٍ له ليلة أمس قال فيه: إنّ “الامّة فقدت اللّيلة واحدًا من أعمدة العمل الإسلامي والدّعوة إلى الله تعالى، وقامة شامخة من قامات الجهاد ضد الظّلم والطّغيان والاستبداد، وإنّ المجلس السوريّ إذ ألمّه هذا المصاب الجلل ليسأل الله تعالى أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته”.
كما نعى رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثّورة والمعارضة السّوريّة هادي البحرة عبر صفحته على الفيسبوك الدّاعية الإسلامي بكلماتٍ، وممّا جاء فيها: “ودّعت سورية اليوم أحد أعمدة النّضال ومقارعة الاستبداد، من أوائل من طرحوا فكرة المقاومة غير العنفية في العالم، ومنذ بداية الثّورة في العام 2011م وجّه خطابات للنّاشطين السّوريّين مؤيّدًا إيّاهم، مع رفض الانخراط في أي تشكيلات سياسيّة ثوريّة”.
من جهته، قال الشّيخ محمّد محيي الدّين حمادة مدير البيت الشّامي الدّعوي في خطبة مصوّرة له في صلاة الجمعة: إن “وفاة العطّار تواكب مع وفاة ثلّة من العلماء في اليمن ومصر والشّام والعراق والهند والعديد من بلاد الإسلام، نستحضر بوفاتهم قول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَماءِ…”
كما ذكر الدّكتور ياسر القادري عضو في منظمة القدس في منشور له ناعيًا العطّار: “قرنٌ هجريٌ كامل قضاه في الدعوة والجهاد، والعلم والتربية، والفكر والأدب، والصبر والعمل..، ونافح عن المظلومين في كل الأرض في وجه الظلمة وقتلة الشعوب، وانبرى للقضية الفلسطينية منافحاً عن القدس والأقصى..”
وكان الأديب العطّار قد وُلد في دمشق السّوريّة عام 1927 من أسرة عريقة لها باع في العلم الشّرعي، فكان خطيبًا على المنبر منذ صغره، وحفظ من المتون ما حفظ كألفية ابن مالك، وبدأ حياته معلّمًا، فكان أديبًا وشاعرًا.
ثمّ تعرّف المفكّر العطّار على الدّكتور مصطفى السّباعي مؤسس جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، فبدأ طريقه في الدّعوة والعمل الإسلامي وتفرّغ لهما، وكان أوّلها مع “جمعية شباب محمّد”، فأصبح فيما بعد مراقبًا عامًا للجماعة بعد وفاة السّباعي عام 1964، وبقي عقدًا كاملًا في منصبه، وعندما هاجم حكم الرئيس أديب الشيشكلي سنة 1951 صدر أمر باعتقاله، ومنع أخيرًا من الدّخول إلى سوريّة أثناء عودته من أداء مناسك الحج، ليتنقّل في بلدانٍ عدّة ثمّ يستقرّ في نهاية المطاف في ألمانيا.
كما كان الدّاعية العطّار من طلاب المعهد العربي الإسلامي بدمشق السّوريّة، فتعرّف على الشّيخ الدّاعية علي الطنطاوي الذي تزوج ابنته، وتعرض بعدها عدة مرات لمحاولة اغتيال من قبل سلطة الأسد باءت جميعها بالفشل إلا أن السلطة نجحت في اغتيال زوجته أثناء إحدى تلك المحاولات في ألمانيا عام 1981.
وكتب الرّاحل العطّار قبل وفاته في نعوةٍ له نشرتها ابنته هادية العطّار على حسابها الفيسبوك ساعة وفاته في 3 أيّار/ مايو كلماتٍ ممّا جاء فيها: “„وَداعاً وَداعاً يا إخوَتي وأخَواتي وأبنائي وبناتي وأهلي وبَني وَطَنِي”.
وكان من مؤلفات الداعية الراحل “بلادنا الإسلامية وصراع النّفوذ، وأزمة روحيّة، كلمات، وثورة الحق، ورأي الإسلام في التّحالف مع الغرب، ومن بقايا الايام، والإيمان وأثره في تربية الفرد والمجتمع، ورحيل”.
وممّا نشر له من أبياته التي قالها في سنواته الأخيرة:
هل عِشتُ حقَّاً؟ يكاد الشَّكُّ يغلبني
أم كان ما عشتُه أضغاثَ أحلامِ؟
في مثلِ غمضةِ عينٍ وانتباهتها
قد أصبحَ الطفلُ شيخاً أبيضَ الهامِ.