خاص – الحسكة
مع تصاعد مرارة الظروف الاقتصادية في سوريا، يلجأ مئات الشباب والعائلات السورية إلى فكرة اللجوء إلى بلدان توفر لهم الأمان والاستقرار المادي والمعنوي.
وبالنظر إلى تكاليف الهجرة المرتفعة، فإن الكثيرين يجدون أن الخيار الوحيد هو بيع ممتلكاتهم لتمويل هذه الرحلة، حيث أسفر هذا التحول في السلوك الاقتصادي للسوريين إلى إعادة تحريك سوق العقارات في العديد من المناطق السورية، حيث يعود البعض إلى بيع ممتلكاتهم كوسيلة لتحقيق حلم الهجرة.
بيع بداعي السفر
في مدينة القامشلي مثالاً، بات بيع الأملاك والسيارات لغايات الهجرة هو الحل الأخير للشباب لتمويل رحلاتهم، كما أنه أصبح الخيار الوحيد في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية، وهو كما يؤكده الشاب مهند درويش (36 عاماً)، الذي قرر مغادرة مدينته الدرباسية في محافظة الحسكة بشمال شرق سوريا، تاركاً وراءه زوجته وأطفاله بسبب عدم قدرته على تكاليف التهريب.
يقول “درويش” لـ حلب اليوم إنه بعد فشل محاولاته في تأمين تكاليف التهريب، اضطر لبيع أرضه، التي تبلغ مساحتها 2.5 دونم، مقابل 15 ألف دولاراً أمريكياً.
وأوضح أنه توصل إلى اتفاق مع مهرب لينقله من الدرباسية، التي تخضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، إلى مدينة إسطنبول عبر مدينة رأس العين، التي يُسيطر عليها الجيش الوطني السوري.
بدورها، تقول مراسلة حلب اليوم في القامشلي، إنه منذ بداية عام 2021، بدأت ظاهرة بيع الأراضي والعقارات ورهنها تنتشر بين السكان في مناطق “قسد” شمال شرق سوريا، وذلك بهدف تغطية التكاليف المرتفعة للهجرة.
وتوضح أنه معظم السكان في شمال شرقي سوريا باتوا على قناعةٍ تامة بأن البلاد لم تعد مكاناً صالحاً للعيش، بما في ذلك المناطق التي تخضع لسيطرة “قسد”، والتي يبلغ عدد سكانها حوالي ثلاثة ملايين نسمة.
وتضيف: “هذا الاعتقاد دفعهم إلى اللجوء إلى بيع الأملاك كخيار آخر لهم، خاصةً مع استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية في سوريا”.
يُعبر الشاب “عبد الغني المحمد” المقيم في مدينة الحسكة عن حالة اليأس التي وصل إليها الشباب، حيث يحقق من عمله في سوق الخضار ثلاثة دولارات يومياً، بينما مصاريف عائلته تتجاوز عشرة دولارات يومياً، وفق حديثه مع مراسلة حلب اليوم.
وأكّد خلال حديثه مع مراسلتنا أن الأوضاع المادية المتدهورة في المنطقة دفعتهم إلى البحث عن طرق لتأمين تكاليف الهجرة، حيث أصبحت الهجرة الخيار الوحيد للخروج من هذا “الوضع المادي الذي يتدهور من سيئ إلى أسوأ”، وفق قوله.
وخسرت الليرة السورية نحو 100% من قيمتها خلال عام 2023، ليسجل سعر صرف الدولار 14 ألف ليرة في ديسمبر/كانون الأول الجاري مقارنة بـ 7 آلاف مطلع عام 2023.
ويشير تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش” إلى أن الخسائر الاقتصادية للحرب في سوريا قد بلغت نحو 1.2 تريليون دولار بحلول عام 2022، في حين يحتاج 13.4 مليون سوري إلى مساعدة إنسانية.
وتُقدَّر الخسائر المباشرة وغير المباشرة للقطاع النفطي وحده بنحو 112 مليار دولار مع نهاية عام 2022، بحسب بيان وزارة سلطة الأسد.