يستهل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الصيف المقبل بزيارة إلى البيت اﻷبيض حيث يلتقي نظيره اﻷمريكي جو بايدن، وسط اتصالات ولقاءات محمومة بين الجانبين، فيما تبدو أنقرة مصرة على عدم ترك ملف قسد ووجودها على الحدود الجنوبية للبلاد.
وفدان من مسؤولي الجانبين رفيعي المستوى التقيا مؤخراً في إسطنبول، لبحث حزمة من القضايا بالغة اﻷهمية، من الطاقة إلى أوكرانيا وروسيا وليس آخراً ملف الشمال السوري وقوات سوريا الديمقراطية.
أمضى وفد أميركي من أعضاء بمجلس النواب الأميركي زيارته يومي الخميس والجمعة في لقاءات مع رئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن، ووزيري الخارجية هاكان فيدان والدفاع يشار غولر، لمناقشة زيارة أردوغان المزمعة وقضايا ثنائية أخرى، والترتيبات اللازمة.
كما بحث الجانبان مقترحاً تركياً بإنهاء سيطرة قسد في شمال سوريا عبر إعادة هيكلتها وتشكيل قيادة عسكرية وسياسية جديدة، وهو ما قالت مصادر إعلامية إنه يحظى بدعم دول عربية.
أتى ذلك بعد وعيد أطلقه الرئيس التركي بتحرك جديد – لم يحدد معالمه – في الشمال السوري، لكنه ألمح إلى طبيعته العسكرية، وحدّد له إطاراً زمنياً.
وقال في تصريح له منتصف الشهر الجاري: إن بلاده “ستضمن أمن حدودها العراقية بالكامل اعتبارًا من هذا الصيف وستكمل بالتأكيد عملها الذي لم يكتمل بعد في سوريا”.
وتبدو تركيا هذه اﻷيام ممسكة بزمام المبادرة في ملفات أساسية، وقد استطاعت إعادة ترتيب العلاقات مع واشنطن بعد اهتزازها بقوة خلال السنوات الماضية.
وشهدت اﻷسابيع الأخيرة حلحلة لملف طائرات إف 15 و إف 35 وصواريخ إس 400 الروسية، وانضمام السويد لحلف الناتو، والموقف التركي من العقوبات الغربية على روسيا، فيما يبقى ملف قسد عالقاً حتى اليوم.
وبحسب صحيفة يني شفق فقد حصلت قوات سوريا الديمقراطية مؤخراً على ضمانات أمريكية بإصلاح المنشآت التي تم تدميرها بفعل الغارات والضربات التركية.
وقالت إن قوات سوريا الديمقراطية طلبت المساعدة من المؤسسات والمنظمات الدولية بعد تعرضها لضربات قوية في شمالي سوريا والعراق، وتقدمت بشكوى ضد تركيا إلى الولايات المتحدة، فيما تسعى الآن لتشكيل مجموعة حوار دولية.
لكن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أكد، منذ أسبوعين، أن أنقرة “عازمة على استخدام كافة الأدوات المتاحة لها لضمان أن يسود الاستقرار في منطقتها”.
وأشار إلى “حركة اتصال منظمة في العراق تم تطويرها في السنوات الأخيرة، وخاصة في المجالات الأمنية والمجالات الأخرى”، مضيفاً أن تركيا حريصة على العمل بشكل متناغم مع جميع الحكومات في بغداد ضمن إطار ظروفها الخاصة
وأوضح أن هناك العديد من النقاط الضعيفة وغير الخاضعة للسيطرة على الحدود والتي تمكن من نفاذ pkk، وقال “هناك خطوات يجب اتخاذها قرب الحدود التركية. هدفنا جعل المنطقة آمنة. أمن الحدود بين العراق وسوريا ممكن تماما وعلى التنظيم عدم استغلال الفجوة بينهما”.
وذكر فيدان أن تنظيم pkk يسعى إلى خلق تآزر أكبر من خلال الجمع بين وجوده في كل من العراق وسوريا، وأن أحد أهداف تركيا هو إنهاء العبور بين سوريا والعراق بشكل كامل.
كلمات فيدان أتت بعد جملة من التصريحات الغاضبة والحاسمة من أردوغان، والتي توحي بالسعي لشن عمل عسكري جديد بالمنطقة.
وأمام تلك الأوضاع لجأت قوات سوريا الديمقراطية – كما حصل في مرات سابقة – إلى التنسيق مع سلطة اﻷسد والروس واﻹيرانيين، للبحث عن مخرج يجنبها مأزق المواجهة مع الجيش التركي.
وبالعودة لصحيفة يني شفق التركية، فقد أكدت أن ممثلين عن قوات سوريا الديمقراطية اجتمعوا الشهر الماضي في ريف حلب شمال سوريا، مع ضباط روس، وقادة من الميليشيات المرتبطة بإيران، بهدف “تنسيق التحركات بشكل مشترك”.
وسعت قسد من خلال الاجتماع إلى الحصول على ضمانات من روسيا بإقناع اﻷتراك بالعزوف عن أي هجوم جديد على تل رفعت، على أن تبلغ السلطات الروسية عندما تتسلل أو تهاجم مناطق قواعد القوات المسلحة التركية وأن لا تتحرك في المنطقة دون علم الروس.
ولم توضح الصحيفة ما إذا تم لتوصل لاتفاق ما، غير أن الواقع على اﻷرض لا يوحي بذلك، فيما تبحث قسد عن تطمينات أمريكية.