يلجأ عدد من السوريين في مناطق سيطرة الأسد، إلى الدين لتأمين مصاريفهم بما في ذلك الرّبا، مع ارتفاع اﻷسعار وتصاعد معدلات الفقر وزيادة التفاوت الطبقي.
وتؤكد بيانات هيومن رايتس ووتش لعام 2023 أن أكثر من ٩٠ بالمئة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، فيما ذكر فريق منسقو استجابة سوريا، أن معدلات الفقر تتصاعد مع الارتفاع المستمر في اﻷسعار، مشيراً إلى “انتهاء الطبقة المتوسطة” في عموم البلاد.
ويعاني أكثر من 12.9 مليون نسمة في سوريا من انعدام الأمن الغذائي، حيث أن ما يقارب 4 من كل 5 سوريين يجدون صعوبةً في تأمين الاحتياج الغذائي اليومي، وفقاً للمصدر نفسه.
وأمام هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة وصعوبة المعيشية لدى الأهالي نشأت “الحاجة الشديدة للدين”، اﻷمر الذي تحوّل لمصدر كسب لدى القلة القليلة ممن يمتلك المال، وفقاً لموقع أثر برس الموالي لسلطة اﻷسد.
ونقل عن “الشاب وسيم” قوله: “لم أستطع تأمين مبلغ العملية الجراحيّة الذي تجاوز 15 مليون، فلجأت لطلبه من شخص أعرفه يمتهن الدين بالفائدة، فاشترط إضافة مبلغ على القيمة الكليّة”، مضيفاً: “أخذت منه 15 ملايين ليرة لمدة عام، وطلب فائدة على المبلغ قدرها 2 مليون ليرة”.
أما “الشاب فهد” فقد قال إنه “مقبل على الزواج، وكان بحاجة لشراء بعض المستلزمات للمنزل، وحالته المالية لم تساعده على الشراء، فتدين من أحد الأشخاص مبلغ 25 مليون، مقابل إعادة دفعة كل شهر ومبلغ إضافي يقدر بـ 300 ألف، حتى ينتهي دفع المبلغ كاملاً”.
من جانبه قال “أبو علاء” إنه “بعد التقاعد أصبح بحاجة شديدة للعمل، فطلب من شخص يدين الناس بالفائدة، مبلغ 75 مليون ليرة للبدء بمشروعه الخاص بصناعة الألبان والأجبان ومشتقاتها، والمبلغ سيسدد عبر دفعات بعد مضي 3 أشهر وكل شهر يدفع فائدة عليهم مليون ونصف”.
وأوضحت “أم محجوب” أنها “احتاجت مبلغ 100 مليون لسفر ولدها، وتعرفت على رجل يدّين الأهالي مقابل الفائدة، وبعد سفر ابنها بدأت بتسديد المبلغ عبر دفعات وفائدة تقدر بمليون ليرة كل شهر”.
من جانبه قال المحامي عبد الفتاح الداية إن الرّبا مشروع في القانون السوري تحن عنوان الفائدة ولكن في بعض الأمور وغير مشروع في أمور ومعاملات أخرى، “فكل قرض مالي لغاية غير تجارية يوجد فيه فائدة ظاهرة أو خفية تتجاوز حد الفائدة القانونيّة يؤلف جرم المراباة”.
وأضاف أن “استيفاء الفائدة الفاحشة فقط على الدين هو أمر مخالف للقانون وليس كل فائدة”، وأن “كل من أعطى مالاً لشخص مستغلاً حاجته المادية ورابى هذا الشخص، عوقب بغرامة يمكن أن تبلغ نصف رأس المال المُقرض وبالسجن حتى السنة أو بإحداهما”.
وبالرغم من وجود عقوبات نظرياً؛ إلا أن الرّبا يتفاقم في مناطق سيطرة اﻷسد، كما يوجد أشخاص يدّينون المال بالعملة الأجنبية، ويطلبون الفائدة أيضاً بالعملة الأجنبية، وفقاً للمصدر نفسه.
وتعيش البلاد حالة غير مسبوقة من التفاوت الطبقي، مع سيطرة قلة قليلة على مفاصل الاقتصاد وهم من المرتبطين بسلطة اﻷسد، فيما يعيش الموظف على راتب شهري لا يكاد يكفيه ﻷكثر من يوم واحد.