وصف المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا “غير بيدرسون” عام 2023 بالعام المأساوي على السوريين، نتيجة تعرضهم خلاله للقتل والإصابات والتشريد والاحتجاز والاختطاف بأعداد “مثيرة للقلق”.
وأكّد “بيدرسون” في كلمة له أمام جلسة لمجلس الأمن بشأن الوضع في سوريا أمس الخميس 21 كانون الأول، على أن العنف لايزال يشهد تزايداً في كافة ساحات القتال في سوريا، بل ويتصاعد مرة أخرى في بعض النواحي، مع وجود تقارير مثيرة للقلق عن سقوط ضحايا من المدنيين.
وطالب بيدرسون بضرورة تحلي جميع الأطراف السورية بأقصى درجات ضبط النفس، قائلا: “لا ينبغي لأحد أن يخدع نفسه بأن هذا الوضع الطبيعي الجديد المقلق المتمثل في التصعيد المستمر هو أمر مستدام بأي حال من الأحوال.
واعتبر أن أي تصعيد كبير ستكون له عواقب مدمرة في وضع هش للغاية، حيث تعد سلطات الأمر الواقع ووجود الجيوش الأجنبية وتصرفاتها من السمات الرئيسية للمشهد.
ووصف بيدرسون الظروف الاجتماعية والاقتصادية في سوريا بأنها “غير مستدامة وعلى حافة الهاوية”، داعياً الجهات المانحة لتمويل جميع ركائز استجابة الأمم المتحدة.
وبخصوص المساعدات الإنسانية إلى سوريا، طالب “بيدرسون” بمواصلة البحث عن حلول لضمان استمرار إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود وعبر خطوط التماس، وخاصة بعد انتهاء مدة قرار مجلس الأمن بشأن إيصال المساعدات عبر الحدود.
وتحدث المبعوث الأممي عن أوضاع النازحين في سوريا قائلا: “إن الشواغل الأساسية التي ما زال النازحون يذكرونها – وهي سبل العيش من ناحية وقضايا الحماية من ناحية أخرى – تعني أن اللاجئين والنازحين داخليا لم يروا بعد الظروف المقبلة لعودة آمنة وكريمة وطوعية”.
ونبه المبعوث الأممي إلى أن التحديات على أرض الواقع هي أعراض صراع لا يمكن لجهة فاعلة واحدة أو مجموعة من الجهات الفاعلة أن تحله بمفردها، مشددا على أنه لا يمكن معالجة هذه التحديات بشكل مستدام دون عملية سياسية تحقق تقدما حقيقيا نحو حل سياسي يعالج القضايا الواردة في قرار مجلس الأمن 2254 بشأن سوريا.
ودعا بيدرسون إلى تمكين اللجنة الدستورية السورية من العودة إلى الانعقاد في جنيف، والتي تَعطل عملها لمدة عام ونصف العام بسبب عدم الاتفاق على مكان انعقاد اللجنة.
وذكَّر بيدرسون مجلس الأمن كذلك بأن المقترحات الخاصة بتدابير بناء الثقة خطوة بخطوة “مطروحة على الطاولة والتي من شأنها أن تعود بالنفع على جميع السوريين وتعطي زخما سياسيا مهما في العملية السياسية.
وأشار إلى الحاجة للمشاركة والتنسيق وتبادل المعلومات للانتقال من الإشارات الغامضة إلى بناء ثقة حقيقي من خلال إجراءات منسقة ومتبادلة وقابلة للتحقق، مؤكدا أن هناك خطوات ملموسة يمكن القيام بها “إذا عملنا بهذه الطريقة”.
وأكد كذلك أن “العملية السياسية ذات المصداقية” تعتمد أيضا على مشاركة أوسع طيف من السوريين.
كما واعتبر بيدرسون خلال إحاطته على أن تجدد العنف والإحباطات الشعبية في سوريا، هو تذكير بأن الوضع الراهن غير قابل للاستدامة بقدر ما هو غير مقبول، وأن هذا الصراع لا يمكن تركه دون معالجة، مشدّداً على ضرورة السعي في العام القادم لبحث عن حل وسط من أجل مسار سياسي واضح في سوريا.
وقال “يجب أن نتطلع إلى المشاركة في مجموعة شاملة من القضايا التي تهم الأطراف المعنية، بطاقة جديدة وتفكير جديد، ووضع الأساس لنهج واقعي وشامل متعدد الأطراف يشمل جميع الجهات الفاعلة وجميع القضايا التي تكمن في قلب الصراع”.
وشدد على أن هذا هو السبيل لوقف موجة العنف والتدهور السريع للوضع الاجتماعي والاقتصادي والإنساني، والتحرك نحو تسوية سياسية تفاوضية يمكن أن تمكن السوريين من تحقيق تطلعاتهم المشروعة واستعادة سيادة سوريا ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن القرار 2254.
وسبق أن اعتبر “بيدرسون” في 30 تشرين الأول، أن التطورات الإقليمية التي تشهدها المنطقة وخطورتها تصبّ الزيت على النار، وعلى برميل بارود كان أصلا على وشك الانفجار.
وقال وقتئذٍ خلال كلمة في اجتماع الأمم المتحدة، إنه هناك قلق من تصاعد الأعمال العدائية في سوريا، حيث أصبح الوضع الراهن الأخطر منذ فترة طويلة بسبب تداعيات الحرب بين إسرائيل وحركة حماس.
وأضاف بيدرسون أنه منذ آذار 2020 دخل النزاع السوري في مأزق استراتيجي، لافتاً أنه حذر منذ فترة من أن الوضع الراهن يعرّض سوريا لخطر الانزلاق نحو تفكك أعمق وطويل الأمد، مع مخاطر تصعيد هي الأكثر إثارة للقلق.
واختتم بيدرسون وقتها بالقول إن اليوم دق ناقوس الخطر، حيث بات الوضع هو الأخطر منذ فترة طويلة، وفقاً لتعبيره، مشيراً إلى أنه من الممكن أن يواجه السوريون الآن تصعيداً قد يكون أوسع مرتبط بالتطورات الخطيرة في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة والمنطقة.