عمر حاج حسين
عكس القرار الذي أصدره رأس سلطة الأسد “بشار” قبل أيام والقاضي بحل وزارة شؤون رئاسة الجمهورية التابعة لمجلس الوزراء جملة من التفسيرات فمنهم من اعتبرها خطوة لمعاقبة الطائفة الدرزية وآخرون وصفوها بإيعازٍ روسي بدعم إماراتي للحفاظ على كرسي الأسد في السلطة.
حلّ الوزارة
في الثالث عشرة من كانون الأول الجاري والذي صادف يوم الأربعاء الماضي، أصدر رأس سلطة الأسد “بشار” مرسوماً تشريعياً يقضي بحل وزارة “شؤون رئاسة الجمهورية” واستبدلها بـ “الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية”.
ونشر المرسوم وقتها حساب “رئاسة الجمهورية العربية السورية” على تلغرام وجاء فيه: “إن الأسد أصدر المرسوم التشريعي رقم 38 الذي يقضي بإحداث “الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية” وتتبع لـ”رئيس الجمهورية” وتحل محل “وزارة شؤون رئاسة الجمهورية”.
وذكر الحساب أن الأمانة تهدف إلى “تقديم الأعمال التي تساعد في أداء رئيس الجمهورية لمهامه واختصاصاته، وتتولى الأمانة العامة تسيير الأمور الإدارية والمالية والقانونية في رئاسة الجمهورية والإشراف عليها”، وأضاف أنّ الأمانة العامة المستحدثة يرأسها أمين عام يشرف على أعمالها.
منصور عزام رئيساً للأمانة العامة!
لحق القرار الذي أصدر رأس سلطة الأسد “بشار” بمرسوم تشريعي آخر، لم تنشره وسائل إعلام الأسد الرسمية، والذي تضمن تعيين المدعو “منصور عزام” أميناً عاماً لرئاسة الجمهورية.
وشغل عزام منصب وزارة “شؤون الرئاسة” قبل حلّها في 13 كانون الأول الجاري بموجب مرسوم رئاسي وإحداث “الأمانة العامة لشؤون رئاسة الجمهورية” بدلاً عنها.
ماوراء القرار؟
أدّى إصدار المرسومين التشريعيين اللذان أصدرهما الأسد، إلى طرح تساؤلات عدّة تتلخص في تجرؤ عائلة الأسد على هذه الخطوة، ولا سيما أن تمتاز على مدار حكمها في السلطوية واحتكار القرارات، إذ منح المرسوم التشريعي إلى نقل صلاحياتٍ استأثر بها الأسد إلى الأمانة العامة.
يرى الصحفي والباحث السياسي “درويش خليفة” أنه بالنسبة لوزارة شؤون الرئاسة السورية فقد ارتبطت نظراً لإدارتها من قبل “منصور عزام” منذ عام 2009.
ولكن الواقع ليس كذلك، فقبله كان الوزير غسان اللحام من دمشق وليس من الطائفة الدرزية، لكن بعد الصراع وتطييف المجتمع من قبل نظام الأسد، بات السوريون ينظرون لأي حراك سياسي أو إداري على إنه يخضع لتوازنات طائفية وتوزع للسلطات وفق ما يخدم مصلحة رأس سلطة الأسد والقوى الحليفة.
ورجح “خليفة” أثناء حديثه مع “حلب اليوم” أن إحداث الأمانة العامة في ظل مساعي سلطة الأسد لمراعاة علاقاتها مع الولايات المتحدة، حتى وإن كانت في قمة الخلاف مع سياساتها تجاه سوريا.
ونوه إلى أن الوزير “عزام” شغل منصباً دبلوماسياً في وزارة الخارجية ومسؤول الشؤون الثقافية وشؤون الكونغرس الأميركي في السفارة السورية في واشنطن لمدة خمسة سنوات من عام 1995 إلى 2000.
وبالتالي وفقاً لـ”درويش” فإن وجود عزام بالقرب من مراكز صناعة القرار في واشنطن وعلاقاته هناك، يمكن للنظام استغلالها خير استغلال كما فعل قبله الأسد الأب.
ما علاقة روسيا والإمارات؟
وأوضح أن الدبلوماسي “عزام” يتمتع بسيرة ذاتية دبلوماسية كبيرة، حيث كان مستشاراً في وزارة الخارجية ونائب مدير إدارة المراسم في الوزارة من 2000 إلى 2002 ونائب مدير المراسم في رئاسة الجمهورية 2003 وأمين عام رئاسة الجمهورية عام 2008 ووزيراً لشؤون رئاسة الجمهورية منذ 2009، لذلك يمكن الاستنتاج مما سبق، أن خدمات عزام لعائلة الأسد منذ 28 عاماً، كفيلةً أن يبقيه في منصبه أو الانتقال لمنصب يوازيه.
واختتم خليفة حديثه مع “حلب اليوم” أنه وبحسب المعلومات التي أعتبرها منطقية، فإن التغييرات في هيكل النظام الإداري، كان بتوصية من حلفائه الروس، وبضغط إماراتي.
صفقة دولية محتملة!
من جهته، اعتبر الباحث السياسي “فراس علاوي” أن الخطوة التي اتخذها الأسد بإصدار الأمانة العامة يمكن أن تكون ناجمة عن صراعات داخل أروقة النظام الأساسية، أو ربما تكون تجهيزاً لصفقة دولية محتملة قد يطرحها الأسد على المجتمع الدولي في مرحلة لاحقة، وفق قوله.
وأشار إلى أن الأسد يعمل على صياغة جديدة لمنظومته الحاكمة بدأها بالجيش، والآن شكل الوزارات، وربما لاحقاً شكل الأجهزة الأمنية، والتي قد تكون بسبب ضغوط دولية معينة أو تمهيداً للصفقة المحتملة.
وكان أصدر رأس سلطة الأسد “بشار”، في شهر آب الماضي، مرسوماً تشريعياً حدّد من خلاله أسماء وزراء حكومته بتغييرات شكلية لا تذكر، وذلك بعد أيام من تكليف رئيس الحكومة “حسين عرنوس” بتشكيل الوزارة للمرة الثانية على التوالي.