خاص | حلب اليوم
افتتحت ميليشيا “لواء القدس” التابعة لشعبة المخابرات العامة في سلطة الأسد، خلال الساعات الماضية، باب الانتساب لصفوف مقاتليها للراغبين من أهالي مدينة حمص بموجب عقود، بالتزامن مع إرسال تعزيزات عسكرية للأخيرة إلى البادية السورية.
وبحسب مراسل حلب اليوم في حمص، فإن العقود تمتد لفترة ستّة أشهر قابلة للتمديد بموافقة الطرفين، وذلك مقابل رواتب مالية تتراوح ما بين مليون ومليون ونصف ليرة سورية.
ووفق مراسلنا فإن فتح عملية باب الانتساب تترافق مع استقدام سلطة الأسد تعزيزات عسكرية إلى البادية السورية من مرتبات الفرقة 11، ضمت ما يقارب 400 عنصر بالإضافة لمدافع وراجمات صواريخ والتي حطّت رحالها بالقرب من منطقة الكوم بريف حمص الشرقي يوم السبت الفائت.
يقول مراسلنا إن عدداً من شبان مدينة حمص وريفها اتجهوا إلى مكتب الانتساب الذي تمّ افتتاحه ضمن مدينة السخنة بريف حمص الشرقي خلال اليومين الماضيين، بعد الإعلان عن فتح باب الانتساب، بهدف الحصول على مدخول شهري، بعد انتشار البطالة ضمن المجتمع السوري وتردي الأوضاع المعيشية بشكل غير مسبوق، تزامناً مع الانهيار المتلاحق لليرة السورية أمام باقي العملات الأجنبية.
تعويض النقص الحاصل
نقل مراسلنا عن مصدر أمني (لم يُسمه) من مرتبات مليشيا “لواء القدس“؛ قوله: إن عمليات الانشقاق الجماعي التي تكررت لعدّة مرات في صفوف الميليشيا مؤخراً، دفعت بالقيادة العسكرية للمليشيات لفتح باب الانتساب لتعويض النقص الحاصل في صفوفها.
وقال: إن “نحو 15 عنصراً فروا الأسبوع الماضي من نقاط التثبيت على أطراف جبل المسحا بريف حمص الشرقي، تخوفاً من الهجمات المتلاحقة التي بات ينفذها مقاتلو تنظيم الدولة، والتي تستهدف نقاط تمركز قوات سلطة الأسد والميليشيات الداعمة لها”.
ولفت إلى أن البادية السورية تشهد حالة من الصراع غير المعلن بين الميليشيات المدعومة من قبل إيران من جهة وبين قوات سلطة الأسد الذين يسعون لنشر أكبر عدد من النقاط والحواجز العسكرية على جانبي الطريق الواصل ما بين محافظة حمص ومدينة دير الزور باعتباره الشريان الرئيسي الذي يغذي مناطق سيطرة النظام بالنفط الخام القادم من شمال شرق سوريا”.
ما الهدف؟
يؤكد مراسلنا أن عملية تدعيم تواجد قوات سلطة الأسد في البادية السورية من خلال استقطاب المدنيين الراغبين بالتطوع تحت مسمى لواء القدس، يهدف للحدّ من الهيمنة الإيرانية التي باتت تسيطر على مساحات واسعة من ريف حمص الشرقي، لا سيما ضمن مستودعات “مهين الاستراتيجية”، مروراً بمنطقة “الدوة الزراعية” التي تمّ تحويلها إلى معسكر خاص لعناصر ميليشيا “لواء فاطميون الأفغاني” وصولاً إلى البيارات والسخنة ومنها إلى مدينة البوكمال وسط غياب أي دور لقوات سلطة الأسد باستثناء بعض الحواجز المنتشرة على الطرقات.
اغراءات أمنية وأخرى مالية
خلال إعداد هذا التقربر التقى مراسلنا بشاب يدعى “محمد.س” وهو أحد المنتسبن الجُدد للمليشيات، والذي أكّد على أن مكتب التنسيب عرض على المتقدمين عقوداً تتعهد بموجبها القيادة العسكرية لمليشيا لواء القدس بمنحهم بطاقات أمنية تخولهم عبور حواجز التفتيش التابعة لسلطة الأسد دون التعرض لهم حتى وإن كان يوجد بحقهم طلبيات أمنية لصالح أفرع المخابرات.
وبيّن أن المليشيات منحتهم أيضاً رواتب شهرية تصل لمليون ونصف المليون ليرة سورية بالإضافة لسلّة غذائية كل شهرين.
وأشار إلى أن السبب الرئيسي الذي دفعه للتسجيل في صفوف الميليشيا هو غياب فرص العمل ضمن مدينته، لافتاً إلى أنه لم يحمل السلاح ابداً، إلا أن بنود العقد الذي تم عرضه عليه ينوّه إلى ضرورة خضوع جميع المنتسبين لدورة تأهيل وتدريب على السلاح لمدة 15 يوم قبل إلحاقهم بالجبهات والحواجز المنتشرة على طريق الـM20 شرق مدينة السخنة بالإضافة للطريق الفرعي الواصل ما بين السخنة والطيبة والكوم شمال شرق السخنة.
حالات انشقاق جماعية
وفي هذا السياق، رصد مراسل “حلب اليوم” في حمص انشقاق العشرات من مقاتلي مليشيا “لواء القدس” الذي يترأسه اللواء “محمد السعيد” من مرتبات شعبة المخابرات العسكرية في دمشق عن صفوفهم، وذلك على خلفية عدم إرسال تعزيزات للحواجز ونقاط التثبيت المتقدمة أثناء تعرضهم لهجمات مسلحة من قبل تنظيم الدولة.
يروي أحد العناصر المنشقين عن اللواء المدعو “أبو النور” لمراسل حلب اليوم، أن قيادة عمليات اللواء لا تلقي بالاً بالخسائر البشرية التي يتعرض لها مقاتليهم خلال الاشتباكات مع التنظيم، على الرغم من المناشدات الكبيرة التي أطلقتها مجموعة “أبو النور” منتصف العام الماضي لغرفة العمليات المسؤولة عن القطاع الجنوبي.
وتطرق “أبو النور” لحادثة تسببت بمقتل خمسة من مجموعته العسكرية منتصف العام الماضي 2022 قبيل انشقاقه، بعد تعرضهم لهجوم من قبل عناصر تنظيم الدولة، وامتناع قيادة مليشيا لواء القدس عن إرسال تعزيزات، الأمر الذي دفع باقي عناصر المجموعة للانشقاق، والتي بلغ عددها وقتئذٍ إلى تسعة مع أول إجازة أتيحت لهم.
ونوّه أن حادثة الانشقاق تبعها تهديدات من قبل قائد المجموعة “حسان العلوّ”، والذي توعّد بملاحقتنا على الصعيد الأمني.
وأكمل حديثه قائلاً: “إن قوات سلطة الأسد تتعمد منذ سنوات إرسال المجموعات الرديفة أمام مقاتليها خلال عمليات تمشيط البادية السورية لتضمن سلامتهم في حين يتعرض المتطوعون للكمائن والألغام التي يقوم عناصر تنظيم الدولة بزراعتها، دون أن يلقوا أي اهتمام لأي إجراء سلامة من الممكن اتخاذه لحمايتهم”.
تجدر الإشارة إلى أن البادية السورية الممتدة من ريف حمص الشرقي وصولاً إلى ريف مدينة دير الزور الغربي، تشهد تواجد عدداً كبيراً من الميليشيات من أبرزها “لواء فاطميون الأفغاني وحركة النجباء العراقي، وحزب الله اللبناني”، فضلاً عن المجموعات الرديفة الموالية لسلطة الأسد ومنهم ميليشيا “سند الأمن العسكري ولواء القدس” فضلاً عن تواجد عدد من حواجز الفرقة الرابعة ومجموعات من العناصر التابعة لشركة القاطرجي المسؤولة عن إبرام عقود النفط ونقلها من شمال شرق سوريا إلى الداخل السوري.
يشار إلى أن الهجمات المتكررة للتنظيم (كما تروج سلطة الأسد)، تشير إلى استمرار أنشطته، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات عن سبب تواجده في مناطق سيطرة الأسد وتحديدا الميليشيات التابعة لإيران، دونا عن بقية المناطق، علما أن سلطة الأسد تدعي محاربته، ولكن بقوات غير مؤهلة أصلا لذلك، أم أنها مسرحية لسلطة الأسد من أجل طرح نفسها كجهة مناهضة للتنظيمات المصنفة إرهابية؟ ربما وقد تكون مساحة حرة لدعم التنظيم وتقوية وجوده.