سلط موقع the new humanitarian اﻷوكراني الضوء على رجال سوريين يساعدون البلاد في مواجهة الغزو الروسي المستمر من شباط من عام 2022، في المجال اﻹغاثي واﻹنساني.
وقال أحد الرجال، نور حلاق، البالغ من العمر 36 عاماً، للموقع: “لقد تعاطفت مع الأوكرانيين لأن روسيا كانت عدونا المشترك”، مضيفاً أنه كان في فبراير 2022، يشاهد التغطية الإخبارية من شقته في مدينة أنطاكيا بجنوب تركيا عندما بدأت روسيا قصف أوكرانيا، ومع تدفق القوات الروسية عبر الحدود بهدف الإطاحة بحكومة البلاد.
وأوضح أن الصور أثارت ذكريات الدمار الذي أحدثته الحرب في مسقط رأسه في إدلب شمال غرب البلاد، حيث كان قد شهد بنفسه الأثر الإنساني المدمر للتكتيكات العسكرية الروسية العشوائية بعد تدخل فلاديمير بوتين في سبتمبر/أيلول 2015، لدعم قوات الأسد وقلب ميزان القوى لصالحه.
وكان الحلاق يدرس في جامعة دمشق عندما بدأت الثورة في مارس/آذار 2011، وبينما قامت قوات الأسد بقمع المتظاهرين بوحشية، أوضح أنه “تذوق للمرة الأولى طعم العمل الإنساني”، حيث ساعد في تهريب الأدوية إلى المستشفيات الميدانية السرية التي تعتني بالجرحى في المناطق التي تتعرض للهجوم.
وفي وقت لاحق، تولى وظيفة في منظمة غير حكومية تنسق جهود الإغاثة في شمال غرب سوريا الذي تسيطر عليه المعارضة، ويتنقل ذهابًا وإيابًا بين بلاده وتركيا، حيث استقر في عام 2020.
وفي الأسابيع القليلة الأولى بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، “كان الحلاق يعلم أن التداعيات الإنسانية الناجمة عن القتال ستكون شديدة وأراد أن يفعل ما في وسعه للمساعدة”، بحسب ما قاله للموقع، حيث تقدم في إبريل بطلب للحصول على وظيفة في أوكرانيا لدى المجلس النرويجي للاجئين وتم قبوله.
يوجد عشرات السوريين في أوكرانيا
يقدر حلاق أن هناك حوالي 40 عامل إغاثة سوري في البلاد، استناداً إلى محادثات مع العاملين الآخرين في المنظمات غير الحكومية ومديري الموارد البشرية في البلاد، ولكنه “ليس عددًا كبيرًا”، حيث يعتقد أنهم يقدمون مهارات ووجهات نظر قيمة للاستجابة الإنسانية بناءً على سنوات خبرتهم في العمل في سوريا.
ومنذ أن صد الجيش الأوكراني محاولة روسيا الأولية للاستيلاء على كييف، تحولت النقطة المحورية للحرب إلى جنوب وشرق البلاد ووصل القتال لحد كبير إلى طريق مسدود، وبعد مرور ما يقرب من عامين على الحرب، تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن حوالي 17.6 مليون شخص من إجمالي سكان أوكرانيا البالغ عددهم حوالي 44 مليون نسمة، يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية.
ونزح نحو 3.7 مليون شخص داخليا، وفر 5.8 مليون إلى الخارج كلاجئين، وقد تحققت الأمم المتحدة من سقوط أكثر من 28350 ضحية من المدنيين، وربما يكون أقل من العدد الحقيقي بشكل كبير.
واستهدفت الغارات الجوية الروسية البنية التحتية الحيوية في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك شبكة الكهرباء وأنظمة المياه، لا تزال المدن في جميع أنحاء أوكرانيا تتعرض لقصف دوري، لكن المجتمعات القريبة من الخطوط الأمامية في الجنوب والشرق هي من تحملت وطأة القتال.
ويعم سليمان الأسد البالغ من العمر 26 عاماً؛ وهو عامل إغاثة سوري آخر، منذ سبتمبر/أيلول من هذا العام، في شرق أوكرانيا، قرب خطوط التماس.
وكان الشاب ااسوري يبلغ من العمر 14 عامًا فقط عندما بدأت الثورة السورية في عام 2011، وكان يبلغ من العمر 16 عامًا عندما فر من البلاد إلى تركيا في مارس 2013.
وبعد تخرجه من الجامعة في تركيا في عام 2018، قرر أن يصبح ناشطًا إنسانيًا، ويعمل مع المنظمات الدولية من أجل المساعدة، ودعم اللاجئين السوريين الآخرين وجهود الإغاثة عبر الحدود لدعم النازحين داخليًا في سوريا.
ومثل حلاق، تقدم اﻷسد بطلب للحصول على وظائف في أوكرانيا بعد وقت قصير من الغزو الروسي، حيث حصل أولاً على وظيفة لدى المجلس النرويجي للاجئين في كييف وتشرنيهيف، وهي المدينة التي كانت على خط الهجوم الروسي الأولي على العاصمة.
كما حرص على الاقتراب من الخطوط الأمامية الحالية لأنه شعر أن بإمكانه تقديم المزيد من المساعدة في المناطق التي يكون فيها الوضع الإنساني أكثر خطورة، وتولى وظيفة مستشار المأوى لدى الاتحاد اللوثري العالمي، وهي منظمة سويسرية غير حكومية، في المدينة الواقعة شمال شرق البلاد.
أما شيرغو علي البالغ من العمر 34 عاماً، وهو عامل إغاثة سوري آخر في أوكرانيا، فيقول إن دافعه للمشاركة في العمل الإنساني ينبع من تجربة خاضها في عام 2012، حيث ساعد عمه وعائلته على الهروب من مسقط رأسهم في القامشلي شمال شرق سوريا، إلى الحدود مع العراق عام 2012.
وأوضح أنه دُهش على الحدود من العاملين في المجال الإنساني وهم ينتظرون اللاجئين بستراتهم البرتقالية والحمراء والزرقاء وينصبون الخيام والعيادات الطبية الميدانية، حيث “ساعدوا الناس فقط بغض النظر عن المكان الذي أتوا منه، وقدموا لهم الطعام والدواء”، وقال علي: “أدركت أنه شيء كنت أحب أن أفعله”.
وبعد عامين، غادر أيضًا القامشلي، حيث أصبح العيش هناك خطيرًا بشكل متزايد، وانتقل إلى العراق، حيث حصل على منصب في الهيئة الطبية الدولية كمسؤول مشروع، وكان يقوم بتوصيل الأدوية والإمدادات الأخرى للمستشفيات من العراق إلى الحدود السورية.
وبعد انتقاله إلى أوكرانيا في فبراير 2023، أصبح علي الآن مدير منطقة شرق أوكرانيا لمنظمة Welthungerhilfe الألمانية غير الحكومية ، حيث يشرف على البرامج والعمليات في أربع مدن، و”لا يزال مدفوعاً بفكرة منح الآخرين نفس الدعم الذي تلقته عائلته من عمال الإغاثة على الحدود العراقية منذ أكثر من عقد من الزمن”.