نشرت مجلة علمية أمريكية دراسة جديدة قدّم من خلالها عدد من الباحثين المختصين بعلم النبات، شرحاً جديداً لعملية التواصل بين النباتات وطبيعتها، بما قد يُطوّر عملية تلقيح طبيعية ضد اﻷخطار التي تهدد بعض اﻷصناف.
ويُظهر مقطع فيديو نشره القائمون على الدراسة كيف ترسل النباتات رسالة تحذيرية حين يبدأ العدو بمهاجمتها وتفعّل دفاعاتها الخاصة، حيث تنبعث من النباتات المصابة مركبات كيميائية معينة يمكن أن تتسلل إلى الأنسجة الداخلية للنبات السليم وتنشط الدفاعات من داخل خلاياها.
شاهد الفيديو اﻷول
شاهد الفيديو الثاني
ووفقاً لما نقلته صحيفة “واشنطن بوست” فقد أصبح تفسير ذلك مفهوماً الآن أكثر من أي وقت مضى، ويؤكد أن الأشجار يمكن أن تتواصل وتحذر بعضها البعض من الخطر، وأن الفهم الأفضل لهذه الآلية يمكن أن يسمح للعلماء والمزارعين بالمساعدة في تحصين النباتات ضد هجمات الحشرات أو الجفاف قبل وقت طويل من حدوثها.
من جانبه قال ماساتسوجو تويوتا، المؤلف الرئيسي للدراسة إنها المرة الأولى التي يتمكن فيها الباحثون من “تصور التواصل بين النباتات”، حيث بدأت فكرة الأشجار “الناطقة” تتجذر في الثمانينات، عندما قام اثنان من علماء البيئة بوضع مئات من اليرقات وديدان الويب على أغصان أشجار الصفصاف لمراقبة كيفية استجابتها، وجدا أن الأشجار المهاجمة بدأت في إنتاج مواد كيميائية جعلت أوراقها غير شهية وغير قابلة للهضم لردع الحشرات.
وما أثار دهشة العلماء في ذلك الوقت هو عثورهم على أشجار سليمة من نفس النوع، تقع على بعد 30 أو 40 متراً، وليس لها جذور متصلة بالأشجار المتضررة، كما أنها تضع نفس الدفاعات الكيميائية للاستعداد ضد غزو الحشرات، ووصل علماء آخرون حينها إلى نتائج مماثلة عند دراسة أشجار القيقب والحور التالفة.
وافترض الباحثون في الماضي أن الأشجار ترسل إشارات كيميائية لبعضها البعض عبر الهواء، وهو ما يُعرف اليوم باسم “التنصت النباتي”، وبات ذلك الافتراض أقرب للحقيقة العلمية اليوم بعد أبحاث لأربعة عقود، حيث لاحظ العلماء هذا التواصل من خلية إلى أخرى في أكثر من 30 نوعًا من النباتات، بما في ذلك فول الليما والتبغ والطماطم وفرشاة المريمية والنباتات المزهرة في عائلة الخردل.
ورغم ذلك إلا أن الباحثين لم يعرفوا ما هي المركبات المهمة وكيف تم استشعارها، لكن أندريه كيسلر، عالم بيئة النبات (لم يشارك في البحث) قال تعليقاً عليه: “كان هناك هذا النوع من الجدل في هذا المجال.. أولاً، كيف يتم امتصاص تلك المركبات بشكل عام من قبل النبات، ومن ثم كيف تكون قادرة على تغيير عملية التمثيل الغذائي للنبات استجابة لإدراكها، لكن هذه الدراسة ساعدت في الإجابة على بعض هذه الأسئلة التي طال أمدها”.
ويقول الباحثون إنه يمكن تحصين النباتات ضد التهديدات والضغوطات قبل حدوثها، بعد هذا “الفهم الجديد” وهو ما يعادل تلقيح النبات ضد هجوم الحشرات.