كشف تحقيق عن اتباع روسيا سياسية تدمير القطاع الطبي في سوريا، ثم استثمار الأموال الروسية لإعادة تأهليه، وذلك على خلال السنوات الماضية.
وجاء ذلك ضمن تحقيق صحفي أعدّه موقع “العربي الجديد” بنسخته الإنكليزية، بالاشتراك مع شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية “أريج”، وإذاعة “روزنة” المحلية، قبل يومين.
وسلّط التحقيق الضوء على دور الشركات الروسية المقرّبة من “الكرملين” في ضخ الأموال بالقطاع الطبي والاستثمار فيه بعد تدميره، مشيراً إلى أن سوريا كانت تزدهر بصناعة الأدوية عام 2009، حيث غطت 90% من الاحتياجات المحلية، وصدرت منتجاتها إقليمياً وعالمياً.
كما كانت العيادات في سوريا مقصداً للمرضى القادمين من الخارج، والباحثين عن خدمات عالية الجودة بسعر منخفض، لكن ما حدث بعد عام 2011 هو قيام سلطة الأسد وروسيا بتدمير البنية التحتية الطبية، واستهداف العاملين في هذا القطاع بالقصف والقتل والتعذيب والاعتقال، ما دفع عشرات الآلاف من الأطباء والممرضين إلى مغادرة البلاد، حسب التحقيق.
وأشارت مجموعة “Diligencia Group” وهي شركة استخباراتية للشركات، إلى أن معدّل الإنتاج الإجمالي لصناعة الأدوية السورية انخفض بنسبة 75% في دمشق وريفها.
ولفت التحقيق إلى أن الأحداث أثبتت أن شركات روسية مقرّبة من “الكرملين” قامت بالاستفادة من إعادة إعمار القطاع الطبي، بعد مساعدة سلطة الأسد بتدميره.
ووفق المجموعة، كانت روسيا من بين الموردين الرئيسيين للمنتجات الطبية إلى سوريا، بعد فرض عقوبات على سلطة الأسد عام 2015، لافتةً إلى إيران احتلت أكبر حصة في السوق بنسبة 35% من إجمالي الواردات، تلتها روسيا وبيلاروسيا بنسبة 25%، ثم قفزت روسيا إلى المقدّمة.
وبعد توقيع سلطة الأسد مع شركات روسية بشأن القطاع الطبي، ارتفعت صادرات الأدوية الروسية إلى سوريا، وكان هذا السوق محط اهتمام كبير في منتدى الأعمال “الروسي – السوري”، الذي عُقد في موسكو بشباط 2018.
وبيّن التحقيق أنه في الوقت الذي كانت فيه روسيا تستثمر في القطاع الطبي بسوريا، استمرت أيضاً باستهداف المنشآت الطبية في المناطق الخارجة عن سيطرة سلطة الأسد.
وزادت الاستثمارات الروسية في القطاع الطبي خلال السنوات الثلاث الماضية، خاصةً أثناء انتشار جائحة “كورونا”، حسبما أورد التحقيق.
وفي عام 2020، تدفّقت المزيد من القروض الروسية إلى سوريا، ولكن هذه المرة بشرط استخدامها حصرياً بغرض الدفع لشركات روسية محدّدة، خلال فترة 6 أشهر، مع فرض غرامة على أي أموال غير مستخدمة بعد ذلك، تبعاً للتحقيق.
ونقل التحقيق الصحفي عن وثائق مسرّبة، نشرها موقع “newslinesmag.com”، أنه من بين منتجات متعدّدة، قدّم الروس 20 منتجاً من الأدوية الصيدلانية والمواد الطبية، مضيفاً أن جائحة “كورونا” جاءت لتعزّز البصمة الروسية في القطاع الطبي بسوريا.
وأوضح أن روسيا قدّمت مليون جرعة من لقاح “سبوتنيك” لسلطة الأسد بسعر يقارب الـ 10 دولارات للجرعة الواحدة، حيث وصلت قيمة هذه الصفقة إلى نحو 10 ملايين دولار.
وكانت وكالة أنباء سلطة الأسد “سانا” قد قالت منتصف 2022، إن هناك اتفاقية تعاون ثنائي مرتقب، في مجال تصنيع الأدوية والمعدّات الطبية، إضافة إلى توقعي اتفاقية جديدة، تتعلق بتدريب الأطباء القاطنين في مناطق سلطة الأسد بروسيا، في خطوة وصفها التحقيق باستمرار التغلغل الروسي في النظام الصحي بالبلاد.