دعا النائب اللبناني إلياس جرادة، إلى الموافقة على قانون حول ترحيل اللاجئين السوريين بشكل جماعي وفوري، دون مراعاة شروط ومواثيق اﻷمم المتحدة، الأمر الذي أثار نقاشاً وجدلاً في اﻷوساط اللبنانية.
ووصف معارضون مشروع القرار به بأنه “عنصري وتحريضي”، داعين إلى “مقاربة الملفات” بطريقة “مختلفة عن السلطة السياسية المتجذرة منذ عشرات السنين”، بدلاً من هذا الاقتراح “المفاجئ”، الذي بنى حل معظم مشاكل البلاد على رحيل السوريين.
واقترح جرادة قانوناً ينص على إلزام الحكومة اللبنانية لمفوضية شؤون اللاجئين بتوطين السوريين في بلد ثالث خلال سنة من إقراره، وإلّا فسيتم ترحيل “الوافدين خلسةً” فوراً واعتبار إقامة من لديهم إقامات بموجب شهادة تسجيل صالحة صادرة عن المفوضية منتهية الصلاحية، وستتم إعادتهم قسراً إلى بلادهم، مع “منع تسوية أوضاع أي من الرعايا السوريين الوافدين خلسة أو المسجلين لدى المفوّضية بعد مهلة أقصاها سنة من إقرار هذا القانون”.
ويعتبر مشروع القانون أي سوري لا يستحصل على الإقامة وفق القوانين المرعية الإجراء، مقيماً غير شرعي ويتم توقيفه بإشارة من النيابة العامة المختصّة بجرم الإقامة غير المشروعة، على أن يرحّل حكما بعد صدور حكم بحقه يقضى بذلك، باستثناء “البعثات الدبلوماسية السورية والسوريين الذين دخلوا لبنان بقصد السياحة أو التعليم الجامعي أو العمل وفقاً لأحكام قانون العمل وتطبيقاته ومراسيمه التنفيذية”.
أما السوريون القادمون بهدف العمل، فعليهم الحصول على إقامة عمل بمذكرة الخدمة رقم 99/2014 ووفق أحكام البنود المتعلّقة بتعهّد بالمسؤولية عمل شخص أو بموجب سند ملكية أو عقد إيجار، مقابل رسم سنوي يدفع سلفاً بقيمة توازي 200 دولار أميركي.
أسطوانة المساعدات اﻷممية
كرّر جرادة دعاية الحكومة اللبنانية حول بقاء نحو مليوني سوري في البلاد من أجل الحصول على كراتين المعونة من اﻷمم المتحدة، معتبراً أنها “باب رزق للكثيرين من طالبي اللجوء الذين باتوا يعتمدون على إنجاب الأطفال لرفع قيمة المساعدات التي يحصلون عليها من المفوضية والدول المانحة”.
واعتبر أن “تحديد مبلغ معين عن كل مولود يشكّل تغييراً ديمغرافياً على تركيبة المجتمع اللبناني، وهذا الأمر أكد عليه أكثر من محافظ حيث ورد أن هناك ولادتين سوريتين أو أكثر مقابل كل ولادة لبنانية”.
وادعى أن هذا الوجود “ساهم في ارتفاع مستوى الجريمة”، متحدثاً عن “امتلاك عدد كبير من اللاجئين لأسلحة حربية تشكل خطراً على السلم الأهلي” وأن هذا الوجود “يكلف الخزينة اللبنانية مليارات الدولارات نتيجة استهلاك الطاقة الكهربائية والكثير من الخدمات”.
وقال جرادة إن “الخطر الأمني في سوريا انتهى”حيث “غادر مئات الآلاف من السوريين إلى سوريا بقصد الاقتراع أو انتخبوا في سفارة بلادهم في لبنان” أثناء ما أسماها “انتخابات الرئاسة”.
معزوفة مملة
قالت المحامية والناشطة الحقوقية اللبنانية ديالا شحادة لموقع “الحرة” إنه “لا يناسب لبنان بحسب مقدمة دستوره الملتزمة بالإعلان العالمي لحقوق الانسان وبالاتفاقيات الأممية المصادق عليها (ومنها الاتفاقية الخاصة بالتعذيب) ترحيل شخص إلى بلد هو معرض لخطر الاضطهاد فيه، على الأقل ليس قبل عرضه على القضاء لإثبات صحة ادعائه بهذا الخطر من عدمه”.
وأضافت أن لبنان ملزم بالإعلان العالمي والاتفاقية الخاصة بمكافحة التعذيب، والاتفاقيات الدولية التي ينص عليها الدستور و”تعلو على أي قوانين محلية وطنية”.
وتقول: “لقد مللنا وسئمنا في لبنان من معزوفة التضليل حول تداعيات طفرة اللجوء السوري، فارتفاع الجريمة مرتبط بارتفاع عدد السكان وهذا طبيعي، مثلما ارتفعت نسبة الاستهلاك والإنفاق وفرص العمل كذلك، عدا عن أن قوى الأمن الداخلي أعلنت في بداية العام الحالي عن انحسار ملحوظ في نسبة الجريمة”!.
تتساءل شحادة “كيف خلص النائب الياس جرادة إلى أن اللاجئين السوريين ينجبون أطفالاً بهدف الحصول على مساعدات؟ ألم يطّلع على تقارير المفوضية التي تشير إلى أن أكثرية هؤلاء هم حالياً دون خط الفقر؟ هل شاهد نمط حياتهم الصعبة داخل المخيمات، والتي لا تكفي المساعدات الدولية الشحيحة لوقاية ساكنيها من المعاناة؟”.
من جهته وصف رئيس المركز اللبناني لحقوق الإنسان وديع الأسمر، مقترح القانون بـ “الشعبوي”، قدمه نائب “انتخب على لوائح تدّعي التغيير من بين ذلك تغيير المقاربة السياسية في لبنان، وبدلا من ذلك قام بتجميع الأفكار العنصرية من طرد واحتلال واستيطان، صاغهم في اقتراح لا نعلم الهدف منه”.