خليل السامح – حلب اليوم
تتصدّر الانتخابات التركية هذه الأيام قائمة اهتمامات وسائل الإعلام الغربيّة والعالميّة، سواءً البرلمانيّة أو الرئاسيّة، والتي ينتظر نتائجها – بفارغ الصبر – ملايين المواطنين الأتراك، وملايين المُهتمّين والمقيمين على الأراضي التركيّة.
على رأس هؤلاء … ثلاثة ملايين ونصف المليون سوري في تركيا، وخمسة ملايين ونصف المليون في مناطق شمال غربي سورية، التي ينتشر فيها الجيش التركيّ، وتُعد تركيا أبرز وأقوى اللاعبين فيها.
ولا يخفى على أي متابع لوسائل الإعلام الغربية هذه، مدى اهتمامها وتركيزها على الانتخابات الرئاسيّة، التي يختزلها الإعلام بشخص الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي سيُدخلُ البلاد في نفقٍ مظلمٍ، فيما لو فاز كما تصفُ الصحف.
“أردوغان” تصدّر أغلفة وعناوين صحف بارزة
البداية من صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية التي رأت في افتتاحيتها في الرابع من أيار الحالي، بأن “شبح الاستبداد” يُخيّم على الانتخابات الرئاسية التركية، إذا فاز الرئيس الحالي “أردوغان” بولاية جديدة.
ولم تُخف الصحيفةُ ذاتها، انحيازها لأحد المرشحين الرئاسيين، حيث وصفت أردوغان بـ “المستبد الديكتاتور الذي يقطن قصراً مبهرجاً من ألف غرفة”، في حين اعتبرت منافسه كمال كليتشدار أوغلو “موظفاً بسيطاً سيعيد توحيد تركيا”.
أما صحيفة “دير شبيغل” الألمانية، فقد عنونت مقالها بـ “أردوغان الفوضى أو الانقسام”، وأرفقت المقال برسم كريكاتيريّ يظهر أردوغان وخلفه الهلال العثماني، ورمز الدولة التركية مكسوراً.
“الإيكونوميست” البريطانية اصطفّت أيضاً في نفس الطّابور، واتّخذت موقفاً حادّاً، حيث قالت: “يجب على أردوغان أن يرحل، وعلى الأتراك التصويت ضدّه وإنقاذ الديمقراطية” على حد تعبيرها.
صحيفة “ليوبونت” الفرنسية، أيضاً عنونت مقالها قبل أيام بـ “أردوغان، بوتين الآخر”، وقالت إن “الرئيس الإسلامي الحالي يسعى لتحقيق حلمه بالإمبراطورية ويزيد من انجرافه الاستبدادي”، وفق تعبيرها.
وعلى نفس المنوال سارت مجلة “بروفيل” النمساوية، والتي عنونت مقالها بـ “هل سنتخلّص منه أخيراً”.
الحكومة التركية ترد
لم يتأخر ردّ الحكومة التركيّة، حيث وجّه الرئيس التركي انتقادات لاذعة لتدخل الغرب ووسائل إعلامه في الشؤون الداخليّة للبلاد، وزير الداخليّة سليمان صويلو انتقد أيضاً بشكل حادّ موقف الغرب وتصريحاته الدّاعمة للمُعارضة.
أمّا وزير الخارجيّة التركي “مولود جاويش أوغلو” فقد انتقد إساءة مجلة “إيكونوميست” للرئيس الحالي “رجب طيب أردوغان” وفق وكالة “الأناضول”.
وفي معرض انتقاده للمجلة، قال “جاويش أوغلو” خلال تجمع انتخابي بولاية أنطاليا: “فليكتبوا ما يحلو لهم، لن يتمكنوا من تحديد مسار السياسة التركية بأقلامهم، الشعب التركي لن يمنح هؤلاء الفرصة”.
وتابع: “يريدون رحيل الرئيس أردوغان عن السلطة، أتعلمون لماذا؟
لأن أردوغان لا يسمح بتأسيس دولة إرهابية في الشمال السوري، ولأنه ساهم في النصر الذي تحقق بإقليم قره باغ الأذربيجاني، ولأنه وحّد العالم التركي تحت مظلة منظمة الدول التركية”.
لماذا يقف الغرب ضدّ أردوغان؟
المحلل السياسي “يوسف كاتب أوغلو” المختص بالشأن التركي، قال في لقاء مع موقع “حلب اليوم”، إن الإعلام الغربي يرى “أردوغان” مشروعاً عائقاً له، ويجب ألا يُنتخب مرة أخرى، مشيراً إلى أنهم بصدّد دعم المعارضة التركية بشتى أطيافها.
ولفت المُحلل السياسي إلى أن الرئيس الأمريكي “جو بايدن” صرّح عدة مرات بأن بلاده “ستُسقط أردوغان، عن طريق صناديق الاقتراع، في إشارة واضحة إلى دعم واشنطن للمعارضة وجعلها موحدة”، مُبيّناً أن ذلك دفع المُعارضة التركية لتشكيل “الطاولة السداسية”.
ويرى “كاتب أوغلو” بأن كل محاولات المُعارضة فشلت في تقديم بديل قوي عن “أردوغان” وهو ما دفع وسائل الإعلام الغربية، لشيطنته ووصفه بأوصاف عدّة، معتبراً أن ذلك يدّل على أن تركيا تسير في الاتّجاه الصحيح.
ورداً على سؤال حول تأثير الإعلام الغربي على الناخب التركي، قال “كاتب أوغلو”، إن “الناخب التركي ذكيّ ويعلم لمن سيصوّت، ويعلم أيضاً المُكتسبات خلال حقبة أردوغان، من الحرية والديمقراطية والاستقلالية، ولن يتخلى عنها بسهولة”.
آراء بعض المحللين
الإعلامي السوري “عاصم مشوّح” قال في تغريدة على حسابه في موقع “تويتر”، إنه “لا يمكن للغرب أن يخفي وجهه الحقيقي في الأحداث الحاسمة والمصيرية التي تجري في أهم منطقة في العالم”.
أما أستاذ الشؤون الدولية بجامعة قطر “محمد مختار الشنقيطي” فقال في تغريدة: “الغربيون مهووسون بإسقاط أردوغان، وتنصيب نظام طائفي متخلف فاشل في تركيا مثل سلطة الأسد، حيث يكون تابعاً لهم مثل تبعية سلطة الأسد لروسيا”.
ويتنافس في الانتخابات الرئاسية التركية أربعة مرشحين هم الرئيس الحالي “رجب طيب أردوغان” عن تحالف “الشعب”، بقيادة حزبي “العدالة والتنمية” و”الحركة القومية”، و”كمال كليتشدار أوغلو” رئيس حزب “الشعب الجمهوري” عن تحالف “الأمة”، و المرشح “محرم إينجه” رئيس حزب “البلد”، إضافة إلى المرشح “سنان أوغلو” عن تحالف “الأجداد”.