سلّط تقرير أعدته صحيفة “تاغ شبيغل” (Tagesspiegel) الألمانية استناداً إلى دراسة أجرتها الأمم المتحدة ووزارة الخارجية الألمانية؛ الضوء على ذهاب أموال من المساعدات الدولية المخصصة ﻹغاثة الشعب السوري، إلى أركان وموالي نظام الأسد من المشمولين بالعقوبات الدولية.
وأكد التقرير تحت عنوان “صفقات قذرة في دمشق: كيف يستفيد أنصار الأسد من أموال الأمم المتحدة؟”، أن الدول المانحة تقيّم مدى استفادة قادة ميليشيات ورجال أعمال تابعين للنظام من المساعدات الأممية.
وخصّت الصحيفة بالذكر كلاً من “سامر فوز” و”نزار الأسعد”، وهما بمثابة الواجهة الاقتصادية لنظام اﻷسد، باﻹضافة إلى “فادي صقر” الشريك في مجزرة “التضامن” بدمشق، والتي راح ضحيتها 280 شخصاً في 2013.
وشارك في مجزرة “التضامن” عدد من قادة ميليشيات “الدفاع الوطني”، ومنهم “صقر” المدرج على قائمة العقوبات الأميركية، ولكن بالرغم من إدراجه في لائحة العقوبات، إلا أنه يستفيد مالياً من اﻹغاثة اﻷممية.
وأكدت دراسة اﻷمم المتحدة والحكومة اﻷلمانية أن “صقر” يستولي على أحذية وملابس تقدر بالملايين تقدّمها منظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة في سوريا، مع العلم أن منظمات الأمم المتحدة تعمل بشكل أساسي في المناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد.
وبحسب تقديرات معدي الدراسة فقد قدّم المانحون أكثر من 20 مليار دولار لصالح اﻹغاثة في سوريا، منذ عام 2014 حتى اليوم، وكانت ألمانيا أكبر المانحين حيث قدمت قرابة 8.6 مليارات يورو لسوريا والدول المجاورة منذ عام 2011، وفقاً للأرقام الرسمية.
وأكدت الدراسة أن عاملي الأمم المتحدة يحتاجون إلى موافقة سلطات الأسد من أجل إدخال المساعدات الدولية وهو ما يبرر مدى توثيق العلاقات بين مؤسسات الأمم المتحدة وأركان نظام اﻷسد.
وقالت منظمة “مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية” (OPEN) من كندا و”برنامج تطوير القانون السوري” (SLDP) من بريطانيا، إن معاوني الأسد حصلوا على 140 مليون دولار في عامين فقط.
وأوضحت الدراسة التي اشترك فيها الجانبان وتابعا أكبر مئة شريك للأمم المتحدة في سوريا، أن برامج مشتريات الأمم المتحدة إلى الموردين ومقدمي الخدمات الموالين للنظام، قدمت لهم 140 مليون دولار في عامي 2019 و2020، وهو ما يقرب من نصف مجمل أوامر صرف الأمم المتحدة.
أما القيادي في ميليشيا “الدفاع الوطني” المدعو “فادي صقر” فقد استولى على أوامر صرف بلغت قيمتها مليون دولار، على الرغم من شموله في العقوبات بسبب دوره في مجزرة “التضامن”، فيما حصلت شركة أمنية تُرجح تبعيتها إلى “ماهر الأسد” على أكثر من مليوني دولار.
أما رجل الأعمال “سامر فوز” فقد حصل على 25 مليون دولار من الأمم المتحدة، وقدّم جزءاً من المبلغ إلى مالك فندق فخم في دمشق كان يقيم فيه مسؤولو الأمم المتحدة.
من جانبه تمكّن “نزار الأسعد”، صاحب شركة زيت زيتون من تأمين طلبات بقيمة تقرب من 26 مليون دولار، وهو أيضاً مشمول بالعقوبات الأوروبية.
الأمم المتحدة شريك في الفساد
تقول الدراسة إن الأمم المتحدة مضطرة للعمل في سوريا مع نظام اﻷسد، “في ظل ظروف صعبة”، حيث يسعى النظام إلى السيطرة على العمليات الإنسانية والتلاعب بها.
ولكن الصحيفة تؤكد أن كبار مسؤولي الأمم المتحدة يحتفظون بعلاقات شخصية وثيقة مع أركان النظام، مشيرةً إلى فضيحة الفساد داخل منظمة الصحة العالمية في دمشق، حيث دق موظفوها ناقوس الخطر لأن رئيستهم “أكجمال ماغتيموفا” تواطأت مع مسؤولي حكومة اﻷسد في الفساد.
وكانت وكالة “أسوشيتد برس”، قد كشف عن قيام “ماغتيموفا” بمنح وظائف الأمم المتحدة لأقارب أعضاء في نظام الأسد، لقاء اﻷموال، فضلاً عن ملفات فساد واسعة.
وحول ما تستطيع اﻷمم المتحدة فعله حيال ذلك، قال “إياد حامد”، وهو أحد المؤلفين المشاركين بالدراسة، للصحيفة اﻷلمانية: إن “على الدول المانحة مثل ألمانيا أن تطالب الأمم المتحدة بأخذ دراسة لقضايا حقوق الإنسان في الحسبان عند عمليات الشراء، ومراقبة استخدام الأموال عن كثب أكثر من ذي قبل”، لضمان ذهاب الأموال لمستحقيها.
وقالت (Tagesspiegel) إن ألمانيا تأخذ الدراسة على محمل الجد، فيما قالت وزارة الخارجية الألمانية إن توصيات التقرير تخضع حالياً لتقييم الدول المانحة، مرجحةً أن “تتمسك الأمم المتحدة بالمبادئ الإنسانية المتمثلة في الإنسانية وعدم التحيز والاستقلال والحياد”.