أسقط القضاء اليوناني الآلية القضائية التي تتهم “عمال إغاثة إنسانية” بالتجسس، من بينهم ناشطة سورية، حيث كانوا يعملون على استقبال طالبي اللجوء القادمين من تركيا، في جزيرة “ليسبوس” باليونان، وذلك بعد انتقادات من أوروبا و منظمة العفو الدولية.
وبدأت هذه الآلية عام 2018، حيث استهدفت معظم المنظمات غير الحكومية التي تسعف المهاجرين، لحملها على وقف نشاطاتها في مياه اليونان، والدفع باتجاه إعادتهم نحو تركيا، وفقاً لوكالة “فرانس برس“.
ولقيت القضية اهتماماً بارزاً من قبل وسائل اﻹعلام الغربية، ومن قبل الاتحاد اﻷوروبي، الذي طالب اليونان بالعدول عن محاكمتهم، وندّد بالمحاكمة باعتبارها “أكبر قضية لتجريم التضامن في أوروبا” فيما وصفتها منظمة العفو الدولية بأنّها “مهزلة”.
وكانت محكمة “ميتيليني”، قد أجلت موعد المحاكمة الذي كان مقرراً يوم الخميس الفائت، إلى تاريخ أمس الجمعة، قبل أن يتم إلغاؤها بسبب “وجود أخطاء إجرائيّة”، منها “عدم توفير ترجمة للائحة الاتهام للمتهمين الأجانب”.
ويعمل الموقوفون الـ24 في “مساعدة المهاجرين”، ولا يزال التحقيق معهم متواصلاً في آلية قضائية منفصلة بتهمة “تهريب المهاجرين”، بدون التعاون مع السلطات اليونانية.
وقال “ناسوس كاراكيتسوس” وهو أحد المتّهمين الرئيسيين، لوكالة “فرانس برس”: “نشعر أننا رهائن منذ أربع سنوات ونصف”، فيما قال الإيرلندي “شون بايندر”، وهو أيضاً أحد المتهمين الرئيسيين: “لقد قدّم محامو (الدفاع) حججا لا تُدحض، توضح سبب رفض الطريقة التي تجري بها هذه المحاكمة”، مطالباً بـ”تطبيق القانون”.
وطالبت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، أمس، القضاء اليوناني بإسقاط كل التهم بحق العاملين، فيما قالت الناطقة باسمها “إليزابيث ثروسيل” في جنيف: “هذا النوع من المحاكمات مقلق جداً لأنه يُجرّم الأفعال التي تنقذ حياة الناس ويولّد سابقة خطيرة”.
ويواجه المعتقلون أيضاً تُهماً بالمشاركة في غسيل اﻷموال وتهريب البشر من اﻷراضي التركية والاحتيال، وكان من المقرر أمس أن يتم النظر فقط في تهم “التجسس”، بينما “سيُنظر في القضايا اﻷخرى في وقت لاحق عند استكمال التحقيق”، وفقاً لرئيسة المحكمة.
وتحذّر منظمة العفو الدولية من أن المتهمين سيواجهون حكماً بالسجن لمدة قد تصل إلى 25 عاماً، عن جميع التهم الموجهة إليهم، حيث يقول قرار الاتهام، إن أعضاء هذه المنظمة كانوا يقدمون “مساعدة مباشرة لشبكات تنظم تهريب مهاجرين” بين 2016 و2018، عبر الاستعلام مسبقاً عن وصولهم إلى الجزر وتنظيم استقبالهم بدون تبليغ السلطات.
وأبدت وسائل اﻹعلام الغربية والمنظمات اﻹنسانية اهتماماً خاصاً بالناشطة السورية “سارة مارديني” وشقيقتها “يسرى” العضو في منتخب اللاجئين الأولمبي في أولمبياد 2016 و2020، واللتين “ألهمتا فيلما روائياً بعنوان “السباحتان” بثته منصة نيتفليكس”، و”أثارت قصتهما اهتماماً واسعاً”، حيث ظهرتا في الفيلم الذي يسرد “عبورهما المحفوف بالمخاطر إلى أوروبا في عام 2015”.
وكانت اﻷختان قد وصلتا في آب/أغسطس 2015 إلى “ليسبوس” قادمتين من السواحل التركية، و”أنقذتا 18 راكباً حين كان مركبهم يواجه صعوبة في الإبحار وقادتاه إلى الشاطئ”.
يُذكر أن “سارة” ستُحاكم غيابياً حيث كانت السلطات اليونانية قد أوقفتها مع الإيرلندي “بايندر” في آب/أغسطس 2018، قبل أن يتم الإفراج عنها بكفالة وتغادر فوراً إلى ألمانيا، حيث ما تزال هناك.