حذّر موظفو الإغاثة الإنسانية في شمال غربي سوريا من إمكانية تفاقم مرض “الكوليرا” بالمنطقة، في حال تمّ إغلاق المعبر اﻹنساني الذي تُديره الأمم المتحدة لتسليم المساعدات الإنسانية عبر الحدود السورية – التركية، شمال محافظة إدلب.
ومن المقرر أن يجري التصويت بعد غدٍ اﻹثنين في مجلس اﻷمن، على تجديد التفويض الحالي لمدة ستة أشهر أخرى، بينما لا يزال الموقف غامضاً بشأن إمكانية استخدام الفيتو الروسي.
ونقلت وكالة “رويترز” عن عاملين في مجال الصحة بالمنطقة، التي تضم معظم محافظة إدلب وأجزاءً من محافظة حلب، تخوّفهم من العواقب على سكان المنطقة البالغ عددهم أربعة ملايين نسمة ويعيشون في ظروف صعبة، حيث يعتمدون كثيراً على مساعدات الغذاء والدواء التي تُجلب إليهم عبر الحدود منذ أن أصدر مجلس الأمن الدولي قرارا في 2014.
وقال رئيس مديرية الصحة في إدلب الدكتور “زهير القراط”: إن “إمكانيات القطاع الصحي حالياً ضعيفة جداً، ونعاني من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية والسيرومات”، منوهاً بأنه “سيكون لإيقاف المساعدات عبر الحدود تأثير مضاعف على تفشي مرض الكوليرا في المنطقة”.
وكان دبلوماسيون قد قالوا إن موسكو أشارت إلى أنها ستسمح بتجديد التفويض، لكنّ حالة عدم اليقين لا زالت مستمرة بشأن الفيتو الروسي.
من جانبه قال “ديمتري بوليانسكي” نائب سفير روسيا لدى الأمم المتحدة للوكالة، إن تنفيذ القرار الحالي الصادر في يوليو/ تموز كان “بعيداً عن توقعاتنا” وإن موسكو ستتخذ قراراً نهائياً يوم الإثنين، فيما حذّر مسؤولون كبار في الأمم المتحدة، بمن فيهم مسؤول المساعدات “مارتن جريفيث”، من أن إنهاء برنامج المساعدات الإنسانية سيكون “كارثياً”.
وتمّ خلال اﻷشهر الماضية تسجيل أكثر من 14 ألف حالة يُشتبه في إصابتها بالكوليرا، بإدلب، فضلاً عن 11 ألفا في حلب، منذ بدء تفشي المرض في سبتمبر/ أيلول الماضي، مما يجعلهما ثاني ورابع أكثر المناطق تضرراً في سوريا على التوالي.
وأشار مسؤولون صحيون إلى أن المنطقة عرضة للخطر بصورة خاصة نظراً لاعتمادهما على مياه نهر الفرات في الشرب وري المحاصيل ولأن القطاع الصحي في المناطق السورية التي تسيطر عليها المعارضة تضرر بشدة بسبب الحرب المستمرة منذ أكثر من عشر سنوات.
ويسمح تفويض الأمم المتحدة للوكالات بإحضار مستلزمات النظافة وأقراص الكلور لتعقيم المياه والمعدات لثمانية مراكز لعلاج الكوليرا تضم أكثر من 200 سرير، كما تنقل بعض المنظمات غير الحكومية المياه الصالحة للشرب إلى المنازل.
وقال ثلاثة من عمال الإغاثة إن المنظمات الدولية غير الحكومية لن تتمتع بالغطاء القانوني الدولي دون هذا التفويض ولن تتمكن من مواكبة وتيرة المساعدات المطلوبة وكمياتها.
وبحسب المصدر فإن ذلك يرجع جزئياً إلى ثقة كبار الدول المانحة في أن المساعدات المقدمة من خلال الأمم المتحدة لن يتم تسييسها أو توزيعها بشكل غير عادل أو “استيلاء الجماعات المسلحة المتشددة عليها”.
وأوضح عمال الإغاثة أن الكلور يُستخدم في سوريا كسلاح حرب مما يثير مخاوف بين الدول المانحة من شأنها أن تبطئ جهود المنظمات الأخرى بخلاف الأمم المتحدة لشرائه لعلاج “الكوليرا”.
وقال “محمد جاسم” منسق لجنة الإنقاذ الدولية في شمال غرب سوريا، إنه سيجري تعليق العمل بهذه المراكز والمرافق الصحية، ووقف الإمدادات التي كانت تُنقل خصيصاً للتعامل مع جائحة “الكوليرا” في شمال غرب سوريا، ويشمل ذلك السوائل والأمصال والحقن والأدوية التي تؤخذ عن طريق الفم.
كما قال الدكتور “أسامة أبو العز” رئيس الجمعية الطبية السورية الأمريكية في حلب إنه حتى في حالة تجديد التفويض ستة أشهر أخرى فإن العاملين في مجال الصحة يعانون بالفعل من التجديد قصير الأجل مما يجعلهم غير قادرين على التخطيط للمستقبل.
يُشار إلى أن الفيتو الروسي تسبب بتقليص عدد المعابر اﻹنسانية المخصصة للشمال السوري من أربعة إلى واحد، ليتبقى “باب الهوى” آخر منفذ للمواد الغذائية خلال عام 2022 وفي حال عدم تجديد آلية إدخال المساعدات عبر الحدود سيتوقف أيضاً معبر باب الهوى عن إدخال المساعدات الإنسانية.