وثقت “الشبكة السورية لحقوق اﻹنسان” ما لا يقل عن 2221 حالة اعتقال واحتجاز تعسفي في عام 2022 بينهم 148 طفلاً و457 امرأة (أنثى بالغة)، 213 منهم كانوا في كانون الأول الماضي.
وفي تقرير بعنوان “سوريا ليست آمنة لعودة اللاجئين” أكدت الشبكة أن النظام اعتقل في عام 2022 ما لا يقل عن 228 ممن عادوا إلى مناطق سيطرته من اللاجئين والنازحين
وأوضحَ التَّقرير الذي جاء في 28 صفحة، أنَّ معظم حوادث الاعتقال في سوريا تتمُّ من دون مذكرة قضائية لدى مرور الضحية من نقطة تفتيش أو في أثناء عمليات المداهمة، وغالباً ما تكون قوات الأمن التابعة لأجهزة المخابرات الأربعة الرئيسة هي المسؤولة عن عمليات الاعتقال بعيداً عن السلطة القضائية.
ويتعرَّض المعتقل للتَّعذيب منذ اللحظة الأولى لاعتقاله، ويُحرَم من التواصل مع عائلته أو محاميه، كما تُنكر سلطات النظام قيامها بعمليات الاعتقال التَّعسفي ويتحوَّل معظم المعتقلين إلى مختفين قسرياً.
ووفقاً للتقرير فإنَّ القوانين والنصوص الخاصة بالتعذيب في الدستور والقانون السوري الحالي لم توقِف أو تُخفف من وتيرة عمليات التعذيب في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام، الذي يسيطر بشكل مركزي على مراكز الاحتجاز التابعة له، ولذا فإنه من المستبعد أن تجري وفيات بسبب التعذيب دون علم النظام الحاكم في الدولة.
وقالت الشبكة إنَّ النظام مسؤول عن إثبات أنَّ حالات الوفيات التي وقعت لم تكن بسبب التعذيب، وأضافت أنَّ العديد من أجهزة النظام منخرطة في التعذيب وفي الوفيات بسبب التعذيب، فهذا يتطلب اشتراك مؤسسات عدة في الدولة من أبرزها: وزارة الداخلية، وزارة الدفاع، الأجهزة الأمنية، السجون المدنية، المشافي العسكرية، المؤسسة القضائية، وزارة الأوقاف، مكتب دفن الموتى، ويُشير إلى عملية تناغم وتنسيق عالٍ بين هذه المؤسسات، وهو لا يتم إلا بإدارة مستويات عليا في النظام تتحكم بجميع هذه المؤسسات.
وفي سياق متصل أشار التقرير إلى القانون رقم 16 لعام 2022 لتجريم التعذيب الذي أصدره رئيس النظام في 30/ آذار/ 2022، حيث اعتبر فيه جريمة التعذيب جناية تستوجب عقوبةً شديدةً لمرتكبها أو لمن شارك فيها أو لمن حرَّض عليها أيضاً، وأورد التقرير عدداً من النقاط تعبر عن خلل على مستوى منظومة التعذيب والتشريع لدى النظام، إضافةً إلى خلل في نص “القانون” نفسه، حيث سيبقى حبراً على ورق ولن يسهم في ردع الأجهزة الأمنية عن ممارسة التعذيب.
كما تحدثت الشبكة عن النصوص التي تمنح الحصانة لأفراد الأجهزة الأمنية من الملاحقة القضائية والمتعارضة مع العديد من مواد قانون العقوبات العام والدستور الحالي، إضافةً إلى بقاء المحاكم الجزائية الاستثنائية (الميدان العسكرية، وقضايا الإرهاب) في دمشق، وتخويل الأجهزة الأمنية سلطة التحقيق مع المواطنين لمدة تتجاوز الشهرين في كثير من الأحيان، وعدم إصلاح منظمة السجون وإخضاعها للإشراف القضائي، إضافة إلى تغول السلطة التنفيذية على القضاء.
وأكد التقرير أنَّ كافة مراسيم العفو أفرجت عن 7351 معتقلاً تعسفياً وما زال لدى النظام قرابة 135253 معتقلاً/مختفٍ قسرياً، وأنَّ مراسيم العفو لا تفرج إلا عن قدرٍ محدودٍ جداً من المعتقلين، أما عمليات الاعتقال التعسفي فهي نهج واسع وما زال النظام مستمراً في عمليات الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري بصرف النظر عن مراسيم العفو التي يصدرها.
وجاء في التقرير أن قوات النظام لم تتوقف عن ملاحقة واعتقال الأشخاص الذين أجروا تسويةً لأوضاعهم الأمنية في المناطق التي سبق لها أن وقَّعت اتفاقات تسوية معه، بينهم عدد من المدنيين العاملين والناشطين في المجال الطبي والإغاثي سابقاً وتركَّزت هذه الاعتقالات في محافظات ريف دمشق ودرعا ودير الزور والرقة.
ورصد عمليات اعتقال موسعة استهدفت مدنيين بينهم سيدات قامت بمعظمها أفرع الأمن الجنائي المنتشرة في المحافظات السورية، على خلفية انتقاد الأوضاع المعيشية المتدهورة أو الفساد الحكومي في مناطق سيطرة قوات النظام على مواقع التواصل الاجتماعي، أو بسبب تعاونهم/تواصلهم في نقل أخبار لجهات إعلامية خارجية، من بينهم إعلاميين موالين للنظام وطلاب جامعيون وموظفون حكوميون ومحامون، ووجهت إليهم سلسلة تهم مرتبطة بقانون مكافحة الجريمة المعلوماتية.
وسجل التقرير عمليات اعتقال استهدفت العائدين من “اللاجئين والنازحين” أثناء محاولتهم الوصول إلى مناطقهم الخاضعة لسيطرة قوات النظام، واستهدفت هذه الاعتقالات اللاجئين الذين عادوا عبر المعابر مع لبنان وتركيا “معبر كسب”، كما سجل عمليات اعتقال استهدفت العائدين ضمن برنامج العودة الطوعية الذي أعلنت المديرية العامة للأمن العام في لبنان عن استئنافه منذ 5/ أيلول/ 2022.
وشملت هذه الاعتقالات أطفالاً ونساءً وأشخاصاً كانوا قد أجروا سابقاً تسويةً لأوضاعهم الأمنية قبيل عودتهم، ووثق التقرير ما لا يقل عن 228 حالة اعتقال تعسفي/ احتجاز في عام 2022 بينهم 8 أطفال و6 سيدة (أنثى بالغة) و11 كهلاً من قبل قوات النظام السوري، ممن عادوا إلى مناطقهم الأصلية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام، يتوزعون إلى 77 حالة اعتقال من النازحين و151 حالة اعتقال من اللاجئين معظمهم عادوا من لبنان.