سلّطت وكالة “اﻷناضول” التركية للأنباء الضوء على مصادرة النظام لممتلكات ملايين اللاجئين والنازحين في مناطق سيطرته، مؤكدةً أنها تعكس سعيه لقطع الطريق أمام العودة.
ونقل التقرير عن “ناشط حقوقي وباحث”، أن “مواصلة نظام بشار الأسد، مصادرة ممتلكات السوريين، يثبت حقيقةً أنه غير معني بعودة اللاجئين والنازحين إلى البلاد، بل يسعى إلى عدم عودتهم”.
وقد طرح النظام أراضي المُهجّرين في ريفي إدلب وحماه للاستثمار، لكنّ غلاء أسعار السماد وشحّ المحروقات وارتفاع سعرها، إضافةً إلى عوامل أخرى؛ حجّم من عمليات زراعتها.
وأكدت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” أن النظام أعلن في ريفي إدلب وحماه عن مزادات جديدة لأراضي النازحين واللاجئين بهدف السيطرة عليها، حيث استولى على ما لا يقل عن 440 ألف دونم.
وكان النظام قد بدأ منذ عام 2018 بتحركات لمصادرة الأراضي والمنازل العائدة للمُهجّرين، حيث صدر القانون رقم 10 الذي يطالبهم بإثبات ملكيتهم لعقاراتهم عبر الحضور شخصياً، وإلا فسيتم سحب الملكية منهم.
وأكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن هذا القانون “سيحرم الكثير من اللاجئين من أملاكهم”، فيما قال مدير الشبكة “فضل عبد الغني”، للوكالة، إن “النظام على لسان مسؤوليه يقول إن هذه الممارسات تستهدف المتوارين على الأنظار”.
وأوضح “عبد الغني”، أن من يسميهم النظام بالمتوارين عن الأنظار هم المشردون قسرياً وعددهم بالملايين، بفعل الانتهاكات التي مارسها من قصف المدن واعتقالات وملاحقات واخفاءات قسرية.
وأشار إلى أن النظام أصدر كمّاً كبيراً من القوانين للسيطرة على الممتلكات وآخرها في إدلب، لافتاً إلى أنه يُصدر ويشرّع ما يشاء من القوانين كي يقول إنها عملية شرعية.
ووصف مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، ممارسات النظام بأنها “سطو على الممتلكات”، حيث أن “القوانين التي يصدرها تشرعن عملية النهب والسيطرة عليها”.
وقال “عبد الغني” إن “هذه العملية في جوهرها انتهاك لحقوق النازحين والمختفين قسرياً في التملك، بالتالي فهي باطلة قانونياً، وتُعارض كل القوانين الدولية و حقوق الإنسان”.
أما فيما يتعلق بدعوة النظام اللاجئين للعودة، أشار “عبد الغني” إلى أن تصرفاته “تناقض هذه الدعوة، فهو “دائماً يعلن شيئاً ويتصرف بخلافه، ويتبع سياسة التضليل في أفعاله وأقواله”.
وتابع: “النظام يقول إن لديه دستوراً، لكنه من وضع الدستور، ويقول إن عنده مجلس شعب، لكنه يسيطر عليه وعلى أعضائه، ويقول إن عنده محكمة دستورية لكنه من يعين أعضاءها، ويقول للاجئين عودوا لكن إن عادوا يتم اعتقالهم ونهب ممتلكاتهم”.
ولفت “عبد الغني”، إلى أن “النظام يسعى من خلال سيطرته على أراضي وأملاك النازحين واللاجئين والمختفين قسرياً، لتعويض الموالين له وشبيحته، حيث أن لجان السيطرة على الممتلكات تتشكل من الأجهزة الأمنية ومحافظ الشرطة وأعضاء حزب البعث”.
وأردف أن “النظام بات يبتكر أساليب جديدة لمكافأة مواليه من الأجهزة المختلفة بعد أن انتهى نهب المدن، في ظل قلة الرواتب وخاصة أن روسيا وإيران ليسوا في حالة اقتصادية تتيح لهم مساعدة النظام، كما أنها (مصادرة الأملاك) في ذات الوقت نوع من العقوبة لمعارضيه”.
وأشار إلى أن “النظام يشترط موافقةً أمنية لكل شخص ينوي التصرف بممتلكاته أو نقلها”، متسائلاً “كيف يمكن للاجئين أن يعودوا، حتى وإن لم يتم اعتقالهم، إذا نهب النظام ممتلكاتهم ومصدر رزقهم؟”.
وأكد “عبد الغني” أن “النظام ليس فقط غير معني بعودة اللاجئين بل يكرس عدم عودتهم”.
من جانبه قال الباحث في مجال الاقتصاد السياسي والإدارة المحلية بمركز عمران للدراسات الاستراتيجية “أيمن الدسوقي” إن “النظام يحاول شرعنة مصادرته للممتلكات المنقولة وغير المنقولة، عبر الاتكاء على مجموعة من المراسيم والقوانين والتعاميم الناظمة لمسائل حجز/مصادرة واستثمار الممتلكات، معززاً إياها بقوانين أصدرها منذ 2011”.
ولفت “الدسوقي”، إلى أن “أبرز تلك القوانين؛ قانون مكافحة الإرهاب، رقم 19 لعام 2012، والقانون رقم 10 لعام 2018، و بالتالي لدى النظام الآليات القانونية، بغض النظر عن تعارضها مع الدستور، يستخدمها في مسألة مصادرة الممتلكات”.
وأضاف: “استند النظام إلى القانون رقم 51/ لعام 2004 (قانون العقود للجهات العامة) وكتاب وزارة الزراعة، رقم 169 لعام 2021، لتنظيم مسألة استثمار أراضي المتوارين عن الأنظار في محافظتي حماة وإدلب”.
واستطرد “بينما لجأ إلى القانون رقم 10 لعام 2018 كإطار قانوني لإنشاء منطقتين تنظيميتين في دمشق، هما: باسيليا سيتي، وماروتا سيتي، وما تضمنه من تحويل الملكيات العقارية المترية إلى حصص سهمية عقارية على الشيوع”.
وتابع: “في حين استند إلى القانون رقم 19 لمصادرة الأموال المنقولة والمملوكة لعبد الحليم خدام (نائب الرئيس السابق المنشق) وورثته، بالوقت الذي لجأ فيه إلى القانون رقم 23 لعام 2015 للتلاعب بالملكيات العقارية المشمولة بالتنظيم الإجباري في مدينة التل بريف دمشق مؤخراً”.
كما أشار إلى أن “خطاب وشعارات النظام بخصوص العودة الطوعية للنازحين والمهجرين لا يتطابق مع الآليات والإجراءات المتبعة التي تحمل طابعاً إقصائياً وانتقامياً”.
واعتبر مصادرة ممتلكات الغائبين “وسيلة لمعاقبة المعارضين ومكافأة الموالين، وورقة ضغط لإعادة تعريف خيارات وميول السكان سياسياً”، حيث أن “سياسات وإجراءات النظام لا تشجع على العودة الطوعية الآمنة، إذ أن التصرف بممتلكات النازحين والمهجرين؛ استثماراً أو حجزاً أو مصادرة، يرهق ثقل النازحين، الذين سُلبوا مصادر رزقهم، وأماكن عيشهم، ويُضعف إمكانيات العودة”.
وكانت مصادر إعلامية قد كشفت عن مناقشة الاستخبارات التركية في محادثاتها مع مخابرات النظام، مسألة إمكانية عودة النازحين واللاجئين وتقديم ضمانات لذلك.