دفع الانهيار الاقتصادي وتردي الأوضاع المعيشية الذي تشهده مناطق سيطرة النظام بشريحة واسعة من أبناء محافظة حمص وقراها، للتخلي عن قسم كبير من العادات التي لازمتهم فيما مضى، لا سيما مع حلول فصل الشتاء الذي شكل عبئاً إضافياً على أكتاف أرباب الأسر.
وقال مراسل “حلب اليوم” إن معظم أهالي الأحياء السكنية داخل مدينة حمص عجزوا عن شراء ما تحتاجه الأسرة من مواد للتدفئة، نظراً لارتفاع أسعارها بشكل جنوني مقارنة مع الدخل اليومي للعمال والموظفين، الأمر الذي دفعهم للتوجه إلى البساتين المحيطة بالمدينة لجمع ما تيسر لهم من المواد القابلة للاشتعال وبإمكانها كسر حدّة البرد عن أجساد أطفالهم لساعات قصيرة من اليوم.
وأوضح الحاج “أبو لطفي” الذي يبلغ من العمر 60 عاماً لمراسلنا، أنه يجول بدراجته الهوائية صباح كل يوم على أطراف مزارع حي الوعر بحمص، ليلتقط بعض العيدان وما تيسر له من العلب البلاستيكية وأكياس النايلون، ليحملها إلى منزله لتوفر بعض الدفء له ولزوجته التي فقدت أبنائها الثلاثة خلال مشاركتهم بالمعارك التي اندلعت سابقاً ضدّ قوات النظام والميليشيات الموالية لها.
وأضاف الحاج” أبو لطفي” أن مثل هذا التصرف فيما مضى كان يعتبر أمراً مهيناً لجميع شرائح المجتمع في مدينة حمص، إلا أن تخلي الجمعيات الخيرية عن مساعدته وتوجيه دعمها لفئة معينة ‘(في إشارة منه لمصابي الحرب من قوات النظام) أجبره مع العديد من أبناء حيه للتباهي بما يتمكنون من جمعه خلال ساعات النهار.
أما “أم حسن” وهي من سكان حي البياضة لم يكن حالها أفضل مما يعاني منه “أبو لطفي”، حيث برهن التدهور الكبير للوضع المعيشي في سوريا أن الذين ناصروا أحداث الثورة في البلاد تم صهرهم ببوتقة واحدة من قبل قوات النظام وأفرعها الأمنية ومؤسساتها “الخيرية”، وذلك من خلال اتباع سياسة الكيل بمكيالين بين أبناء المجتمع الواحد، على الرغم من سيطرة الأخيرة على المدينة وريفها منذ ما يقارب الـ 5 أعوام.
وتعتمد “أم حسن” برفقة عدد من جاراتها على بعض حطام المنازل المحيطة بمنزلها والأجزاء المدمرة من باقي الأحياء الأخرى، للاستعانة بها على برد الشتاء بعدما عجزت عن توفير ثمن طنّ الحطب الذي تجاوز سعره حاجز المليون ليرة سورية خلال الفترة الراهنة.
وفي سياق متصل، أعلنت مؤسسة “تكامل” المسؤولة عن توزيع مخصصات مازوت التدفئة للعائلات المستفيدة من برنامج “الدعم الحكومي”، عن توقف عملية التوزيع خلال الفترة الراهنة نظراً لعدم تزويدها بالمخصصات من قبل وزارة النفط بحكومة النظام، الأمر الذي ضاعف معاناة الأهالي المترقبين للرسائل النصية التي تبلغهم عادة بتمكنهم من الحصول على 100 ليتر مازوت مُقسمة على دفعتين.
ورصد مراسلنا ارتفاع أسعار المحروقات ومواد التدفئة بشكل غير مسبوق في محافظة حمص، حيث بلغ سعر برميل المازوت مليون ونصف ليرة سورية، وسعر طن “البيرين” مليون و600 ألف ليرة سورية، بينما تراوح سعر طن الحطب الحراجي ما بين 800 و900 ألف ليرة، الأمر الذي عجز عن تأمينه ما يزيد نسبته عن 75% من أهالي مدينة حمص.