كشف تحقيق صادر عن “مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية السوري” و”البرنامج السوري للتطوير القانوني”، أمس الثلاثاء، أن ما يُقارب ربع أموال المساعدات الأممية في سوريا، ذهبت إلى شركات مملوكة لأشخاص مُدرجين على قوائم العقوبات الأمريكية والأوروبية، لصلتهم المباشرة مع نظام الأسد.
وبحسب التحقيق، فإن الأمم المتحدة قدمت نحو 137 مليون دولار أمريكي من إنفاقها على المشتريات لشركات سورية أصحابها من منتهكي حقوق الإنسان ومنتفعي الحرب، إضافة إلى الأشخاص المقربين من النظام.
وأوضح التحقيق أنه من بين هؤلاء الأشخاص، “هاشم العقاد”، “فادي صقر”، “سامر فوز”، “سمير حسن”، “أحمد صابر حمشو”، “علي حمشو”، “عمرو حمشو”، “رانيا الدباس”.
وأكد التحقيق أن ما يقارب 47% من إنفاق الأمم المتحدة على المشتريات في عامي 2019 و 2020، ذهب إلى شركات ذات مخاطر “عالية أو عالية جداً”، بما في ذلك تلك الشركات للمنتفعين من الحرب والأشخاص الخاضعين للعقوبات، وحلفاء النظام البارزين، بعد استبعاد الموردين الذين لم يتم الكشف عن هوياتهم لأسباب أمنية أو لأسباب تتعلق بالخصوصية.
وأجرى التحقيق فحصاً لـ 18 مورداً منذ عام 2015 إلى عام 2021، حيث تمكن من تحديد 13 شركة مملوكة من قبل أفراد خاضعين للعقوبات، أو آخرين لهم صلات بنظام الأسد.
كما أشار إلى أنه في عامي 2015 و2017، تم تقديم حوالي 1.4 مليون دولار أمريكي من تمويلات الأمم المتحدة لشركة “الأمانة السورية للتنمية”، التي أنشأتها زوجة رئيس النظام، “أسماء الأسد”.
شركة “صقر الصحراء”
وفي السياق، تلقت شركة تُدعى “صقر الصحراء” التي يديرها، “باسم فادي صقر”، أكثر من مليون دولار أمريكي في عامي 2019 و2020، من منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” ضمن مجموعة متنوعة من الفئات منها الملابس والمعدات المكتبية والإلكترونيات ومكونات التصنيع، تبعاً للتحقيق.
كما تلقى الشريك في شركة “صقر الصحراء”، “بلال النعال”، الذي كان عضواً في “مجلس الشعب” التابع للنظام منذ عام 2020، باسم شركته الأخرى “شركة النعال ذ. م. م”، أكثر من 1.2 مليون دولار من أموال المساعدات، من “يونيسف” و “أونروا”، تحت فئات تشمل تقديم الملابس والمواد الورقية والمعدات الطبية.
وتولى، “فادي صقر”، في عام 2012 قيادة ميليشيا “الدفاع الوطني” التابعة للنظام، التي كانت مسؤولة عن مجزرة التضامن في 2013، حسب التحقيق.
“محمد حمشو” المُعاقب أمريكياً
وكشف التحقيق، أن شركة “جوبيتر للاستثمارات ش. م” حصلت على أكثر من نصف مليون دولار من “يونيسف” مقابل خدمات الإدارة والتنظيم، وهي شركة مملوكة لرجل الأعمال، محمد حمشو”، المُقرب من النظام، حيث يخضع أربعة من أقربائه للعقوبات، واتهم بالاتجار في أنقاض المنازل المدمرة والعمل كواجهة لشقيق رئيس النظام، “ماهر الأسد”.
وأكد التحقيق على حصول شركة “أجنحة الشام” المُدرجة على قوائم العقوبات الأمريكية، على عقد من برنامج الغذاء العالمي.
كما ارتبطت مجموعة متنوعة من الشركات الأخرى التي تتلقى أموالاً من الأمم المتحدة بعائلة الأسد، بما في ذلك العديد من أقارب وشركاء ابن خال رئيس النظام، “رامي مخلوف“.
شركات “عالية المخاطر”لها صلات بانتهاكات حقوق الإنسان
استناداً إلى دليل كتبه “البرنامج السوري للتطوير القانوني” ومنظمة “هيومن رايتس ووتش”، مطلع العام الجاري، قسم التحقيق الموردين إلى أربعة مستويات من المخاطرة.
وشمل تصنيف الشركات “عالية المخاطر للغاية”، تلك التي لها صلات بانتهاكات حقوق الإنسان، والجماعات شبه العسكرية، وقطاع الأمن الخاص، وتدمير الممتلكات المدنية، وتطوير الأراضي التي تم فيها تهجير الناس قسراً، ودعم قوات النظام وحكومة النظام منذ عام 2011.
كما صنف التحقيق الشركات “المخاطر” تلك التي حصلت على عقود من حكومة النظام، أو احتكرت قطاعات معينة، أو كانت مملوكة لأعضاء “مجلس الشعب” أو غيرهم من المسؤولين في النظام، أو تبرعات لكيانات سورية، أو شاركت في الحصار الاقتصادي للمناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة.
واستنتج التحقيق ذهاب حوالي 36% من أموال الأمم المتحدة، إلى شركات “عالية المخاطر للغاية”، بينما ذهب 10.3% للشركات عالية “المخاطر”، و30.5% إلى الشركات “المتوسطة”، و22.9% إلى الشركات “منخفضة المخاطر”.
وقبل نحو أسبوع، كشق تحقيق أجرته وكالة “أسوشيتد برس”، عن تورط منظمة الصحة العالمية في سوريا بالفساد والاحتيال وسوء الإدارة، وتوظيف عناصر من الميليشيات، بالتعاون والتنسيق مع مسؤولين في نظام اﻷسد، وفقاً لما أكده موظفو مكتب المنظمة في سوريا.