“رائد الفارس”.. ناشط حقوقي بزغ نجمه بعد انطلاقة الثورة السورية ضد نظام الأسد عام 2011، وبلغت شهرته ذروتها عقب عام 2013 بعد أن أضاف لنشاطاته المعارضة للنظام، معارضته باقي الجماعات المُتشددة والمُتطرّفة التي حاولت سرقة مكتسبات الثورة السورية.
وُلد “الفارس” عام 1972، وعُرف بوصفه “مهندس اللافتات” في كفرنبل بريف إدلب.
ميثاق “الفارس”..
أشهر عبارات الناشط الثوري على الإطلاق، كانت جملته الشهيرة التي كان يكررها في كل محفل: “الثورة فكرة، والفكرة لا تموت ولا يقتلها سلاح”.
ميدان نشاطه..
أبرز بصمات الشهيد “رائد الفارس” كانت لافتاته الفنية التي كان يصممها ويخطها بالحكم والأشعار والكلمات المعبرة ضد نظام الأسد وروسيا وإيران باللغة العربية والإنكليزية بهدف مخاطبة دول العالم، بالإضافة إلى تأسيسه “مركز كفرنبل الإعلامي” بهدف توثيق وتنظيم الحراك السلمي لدعم الثورة السورية السلمية.
كما وأسس “الفارس” أيضاً، “اتحاد مكاتب الثورة” لدعم النشاطات المدنية في مدينة إدلب، بالإضافة إلى تأسيس محطة “راديو فريش” الإذاعية في المناطق المحررة.
راديو “فريش”..
من أبرز ما قدمه “رائد الفارس” من نشاطات ثورية، تأسيسه محطة إذاعية معارضة للنظام أطلق عليها اسم “راديو فريش”، لتكون المحطة المحلية منبراً إعلامياً معارضاً للنظام في المناطق المحررة عام 2013.
“راديو فريش” لم ترُق للنظام الذي حاول استهدافها، كما لم ترق آنذاك لـ”جبهة النصرة” التابعة لتنظيم القاعدة قبل أن تعلن تغيير اسمها إلى “هيئة تحرير الشام”، حيث قامت الأخيرة بتهديد كادر وإدارة الإذاعة أكثر من مرة، وداهمت مقر الإذاعة عدة مرات وصادرت المعدات، واعتقلت “الفارس” مرتين في عام 2014 في معرة النعمان وعام 2016 في مقر الراديو.
المكيدة للرائد الفارس..
رفض “رائد” عروضاً ومغريات دولية للخروج من سوريا، وأصر على البقاء في إدلب الثورة، وفيما لم يخفِ النظام عدائه لكافة النشطاء السوريين ومن بينهم الفارس، لم تخفِ الكيانات المتسلطة على مكتسبات الثورة السورية أيضاً عداءها للفارس وأمثاله، فبالإضافة إلى اعتقاله مرتين من قبل “جبهة النصرة” وتهديده أكثر من مرة -بحجة عمل الناشطات في الراديو وتشغيل الموسيقا-، تعرض الفارس لمحاولتي اغتيال!
أول محاولة اغتيال للناشط تعرض لها في عام 2014 على يد مجهولين أطلقوا الرصاص عليه وأصابوه إصابة مباشرة، ونجا من الموت بأعجوبة بعد أن أُسعف حينها إلى المشفى وأُجريت له عملية جراحية حساسة في الصدر، وأثارت محاولة الاغتيال يومها ضجّة كبيرة وأُطلقت حملات للتضامن معه، وخرجت مظاهرة حملت لافتة كتب عليها: “فارس الحقيقة.. شُلّت يد الغدر التي آذتك.. محاولة اغتيال الفارس إرهاب نحن ضده”.
ترجُّل الفارس..
بعد محاولة الاغتيال الأولى بأربع سنوات، وفي مثل هذا اليوم تحديداً الموافق لـ23 تشرين الثاني من عام 2018، تمكن مسلحان اثنان مجهولان، من قتل “رائد الفارس” وصديقه “حمود جنيد”، بعد أن أطلقا الرصاص عليهما أثناء خروجهما من صلاة الجمعة في “كفرنبل” بريف إدلب، وفارقا الحياة قبيل وصولهما إلى المستشفى، اغتيال لم تتبنى أية جهة مسؤوليته، أو لم تجرؤ عليه ربما.
نعي الفارس..
بعد اغتيال الناشط “رائد الفارس” وزمليه “حمود جنيد”، أدانت العملية العديد من الهيئات السياسية والفعاليات الثورية والدول الغربية، حيث أدانت هيئة التفاوض والائتلاف الوطني السوري بشدة الاغتيال، واتهمت بتنفيذه نظام الأسد ومن وصفتهم بـ”من ينفذ أجندته بتطرفهم أو عمالتهم وتآمرهم على الثورة”.
وأدانت “لجنة حماية الصحفيين الدولية”، عملية الاغتيال، وحثت اللجنة “السلطات المحلية في كفرنبل” على التحقيق في الجريمة وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة.
وعبّرت الخارجية الأمريكية عن حزنها العميق إزاء استشهاد الناشطَين، وذلك على لسان مكتب ممثل وزير الخارجية الخاص بشأن سوريا “جميس جيفري”، ومكتب المبعوث الخاص لسوريا “جول رايبون”.
كما ووجه الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون”، تحية تقدير إلى من وصفهما بـ”ضميرَي الثورة في سوريا”، وقال في تغريدة له: “لقد تم اغتيال رائد الفارس وحمود الجنيد بطريقة جبانة في سوريا، كانا ضميري الثورة وواجها بطريقة سلمية وبشجاعة جرائم النظام والإرهابيين على حد سواء”، وأضاف: “لن ننسَ أبداً مقاومي كفرنبل”.
تكريم الفارس..
كُرّمَ الصحفي الراحل “رائد الفارس”، بجائزة الشجاعة الصحفية الدولية، لتحلّيه بالشجاعة أثناء تأدية عمله الصحافي في ظل ظروف الحرب، وتفوق على 55 مرشحاً قتلوا أو فارقوا الحياة بين تشرين الأول 2018 وتشرين الأول 2019، وكان من المرشحين الصحفي السعودي المقتول “جمال خاشقجي”، وتسلم الجائزة “محمود الفارس” الابن الأكبر للصحفي “رائد” بداية عام ٢٠٢٠.
آثر “رائد الفارس” البقاء في “كفرنبل” بريف إدلب لخدمة شعبه وثورته، رغم تقديم العديد من الدول المغريات له للخروج من سوريا، وكان يعلم أن “الإعلامي أصبح هدفاً، ويحمل على أكتافه الثورة السورية” وأن “الوصول إلى الإنجازات في الثورة يحتاج إلى تضحيات” كما صرح هو بذلك قبل اغتياله، وكما قال ذات مرة: “الثورة هدمت مزرعة الأسد، وستبقى سوريا وطناً للسوريين يعيشون فيها”.