قال مراسل حلب اليوم في حمص إن عدداً من أصحاب المحلات التجارية الكائنة في سوق الناعورة والسوق المسقوف وسط محافظة حمص فقدوا ملكيتهم، وأحقيتهم بإعادة افتتاح محلاتهم بعد انقضاء مهلة الإنذار المعلن عنها (شهرين) من قبل مجلس مدينة حمص.
وأوضح مراسلنا أن مجلس المدينة اتخذ عددا من الإجراءات التي لم يذكرها في الإنذار الصادر عنه حيث عمل على استملاك بعض المحال التجارية، إضافة لإلغاء عقود الإيجار طويلة الأمد المبرمة بين أصحاب المحلات وبين مجلس المدينةفي السوق المسقوف.
وكان رئيس مجلس مدينة حمص المهندس عبد الله احسان البواب قد أصّدر بتاريخ الخامس عشر من تشرين الثاني عام 2020 إنذاره الأول الذي تضمن خلاله مطالبة أصحاب المحلات في (سوق الناعورة) بتجهيز، وترميم محلاتهم، والعمل على إعادة استثمارها مجدداً خلال مُدّة أقصاها شهرين اعتباراً من تاريخه.
وأكّد الإنذار الصادر عن مجلس مدينة حمص التابع للنظام أنه “في حال عدم التزام أصحاب المحلات بالموعد المحدد لتنفيذ أعمال الترميم فسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم وفق الأنظمة، والقوانين المرعية”.

عشرات أصحاب المحلات ممن تمكنوا من البقاء في حمص هرعوا لصيانة محلاتهم خوفاً من استحواذ مجلس المدينة عليها بذرائع مختلفة بحسب ما أفاد (م. شيخ الورق) وهو أحد أصحاب محلات بيع الألبسة سابقا داخل (سوق الناعورة).
وأضاف “شيخ الورق” أن الإعلانات التي نشرها مجلس مدينة حمص على جدران السوق المسقوف، وسوق الناعورة تم اعتبارها بمثابة تبليغ رسمي لجميع التجار.
وأشار “شيخ الورق” إلى أن العديد من أصدقائه التجار لم يتمكنوا من ترميم محلاتهم نظراً لهجرتهم خارج سوريا، وعلى الرغم من محاولتهم توكيل ذويهم بمهمة الترميم، وإعادة استثمار المحلات خشية فقدانها، إلا أن (إذن الترميم والإصلاح) الذي يجب الحصول عليه من فرع المخابرات الجوية المسؤولة عن منطقة السوق لا تمنحه إلا لأصحاب الملكية حصراً دون سواهم، وهي الخطوة التي اعتمدت عليها أفرع المخابرات لوضع يدها على المحلات بحجة عدم تنفيذ ما جاء في إنذار مجلس المدينة.
مجلس المدينة يوسّع دائرة الأسواق المشمولة بقرار التهديد:
ووسّع رئيس مجلس مدينة حمص دائرة الأسواق التجارية المشمولة ضمن قرار إعادة الترميم، والاستثمار تحت طائلة اتخاذ الإجراءات التي وصفها بالقانونية، لتشمل أصحاب المكاتب، والمحلات في سوق التهريب، وسوق المقبي (المسقوف) بالإضافة لسوق الناعورة، وجاء في التعميم اللاحق لقرار الإنذار أنه ونظراً لحركة الترميم التي التزم بها عدد من أصحاب المحلات في سوق الناعورة بتأهيل محلاتهم فقد تقرر منح أصحاب المحلات في أسواق حمص مدة شهرين إضافيين لإنهاء عمليات الترميم والاستثمار، وإلا سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحك مالكيها.

منير أسعد (مدني) في العقد الخامس من العمر تحدث لحلب اليوم عن سعيّ مجموعة من المستثمرين المقربين من مخابرات النظام، لشراء أكبر عدد ممكن من المحلات التجارية من أصحابها خلال العامين الماضيين، لكن تمسك أبناء البلد بماضيهم، وإرثهم الذي تناقلوه عبر الأجيال حال دون عمليات البيع على الرغم من المغريات المادية الكبيرة التي قدمها أولئك المستثمرين.
وأضاف أسعد أن القرارات الرسمية التي يصدرها مجلس مدينة حمص، وغيرها من التعميمات، والتعقيدات الأمنية المتمثلة بموافقة فرع المخابرات الجوية على (طلب الترميم) ما هي إلا أساليب رخيصة تصبّ في مصلحة أولئك المستثمرين المعروفين بقيامهم بتبييض أموالهم من خلال هذه التجارة.
عاد من لبنان لترميم محله ليختفي في أفرع المخابرات:
وفي سياق متصل قالت زوجة أحد تجار السوق وتدعى أم محمد (مقيمة في لبنان) لقناة حلب اليوم خلال اتصال هاتفي إن زوجها ذو الستين عاماً، وعند سماعه بخبر (الإنذار) أسرع لجمع ما تيسر من أغراضه لمغادرة لبنان بعدما أمضى فيه نحو تسعة أعوام، وذلك بعد فشله بتوكيل أحد أقربائه بالمهمة.
وأضافت أم محمد: حاولنا إقناعه بعدم العودة، لكنه أصر على عدم التفريط بإرث عائلته ليتم اعتقاله بعد عبوره لنقطة الدبوسية الحدودية مع سوريا، حاولنا التواصل لمعرفة مكانه لكن للأسف لم نحصل على أي معلومة تقودنا إليه لغاية الأن لنخسر على إثرها المحل وصاحبه في آن واحد.
الحركة شبه معدومة لكنها أفضل من فقدان الملكية:
وكان عدد من أصحاب المحلات في السوق المسقوف عملوا على ترميم محلاتهم التجارية وسط سوق الصاغة، وهو الواجهة الأكبر للسوق المسقوف، وعلى الرغم من موقعه المتميز يقول أبو أمجد صاحب محل لبيع الأقمشة إن حركة البيع والشراء شبه معدومة، لأن لقمة العيش باتت الهاجس الأكبر لأرباب الأسر مقارنة مع شراء الأقمشة، وتفصيل الثياب.
وأضاف أبو أمجد: “اضطررت لاستدانة مبلغ 9 ملايين ليرة سورية لإصلاح الضرر الذي حلّ بجدران المحل بفعل قصفه جواً من قبل طائرات النظام، وبعد إصلاحه خوفاً من خسارته بشكل كامل، تعاملت مع أحد تجار دمشق الذي كانت تربطني بهم صلة عمل وثيقة، وأجبرت على استقدام بضاعتي (على المبيع) وهو مصطلح معروف بين التجار، لعدم امتلاكي ثمنها في الوقت الراهن”.
وأنهى أبو أمجد حديثه بالقول: نعلم جميعنا بشكل ضمني أن ما تقوم به دوائر حكومة نظام الأسد ما هو إلا محاولة لتظهر أن الحياة بدأت للعودة بشكل تدريجي لمدينة حمص، لكن واقع الحال يتنافى مع ذلك بشكل كبير، إذّ أن حركة البيع متوقفة بشكل شبه تام، والمحلات التي اعتدنا على التبضع منها في شهر رمضان تغلق أبوابها قبل الإفطار بشكل كامل، وتخلوا شوارع المدينة من أهلها مع حلول الليل.