نعت منظمة الرواد للتعاون والتنمية، وفاة أحد أهم أبطال لعبة كرة الطاولة في سوريا ومنسق النشاط الرياضي ضمن برنامج التضامن الاجتماعي في المنظمة “عامر عمر بركات” عن عمر يناهز 46 عاماً، إثر غرقه في نهر الفرات بمدينة جرابلس، أمس الخميس.
وينحدر “بركات” من مدينة حلب، وكان لاعب بين صفوف نادي الاتحاد لكرة الطاولة ومنتخب سوريا، ونال لقب بطل العرب في تنس الطاولة، ثم عمل مدربا في دولة الإمارات لمدة ست سنوات.
انضم إلى صفوف الثورة منذ بداياتها، وحوصر في مسقط رأسه حلب حتى خرج منها مهجرا قسريا عام 2016، ليقيم في مدينة الدانا بريف إدلب الشمالي، ومنذ مدة قصيرة نقل محل إقامته إلى جرابلس حيث التحق بمنظمة الرواد للعمل.
وحول تفاصيل الحادثة، قال “محمد قاسم” وهو موظف في منظمة الرواد وكان برفقة “بركات” حين حصول الحادث، إنهم ذهبوا إلى نهر الفرات كونه يعد المتنفس الوحيد لسكان مدينة جرابلس، وبعد تناولهم طعام الغداء، سبح “بركات” مع أولاده وأولاد “قاسم” ثم خرج من النهر لشرب كوب من الشاي، لكن ما هي إلا دقائق قليلة وبدأت ابنة “قاسم” تنادي على “بركات” لإنقاذ ابنه “عمر -16 عاما” وابنته “هاجر -12 عاما”.
وأوضح “قاسم” لـ “حلب اليوم” أن الأطفال كانوا يسبحون على مسافة قريبة منهم، لكن نهر الفرات مليء بالحفر العميقة، وللأسف سقط الطفلان في إحداها، ولمساعدتهما قفز الأب في النهر مجددا، لكن تمسك أطفاله به أعاق حركته في السباحة، لافتا إلى أنه بدأ ينادي على الناس للمساعدة كونه لا يتقن السباحة، ولم يكن يملك أية وسيلة للإنقاذ مثل الحبال أو الإطارات الهوائية.
وتابع “قاسم” في تفاصيل الحادثة قائلا: ” حاولنا المساعدة بعدما تجمع الأهالي على صوتي، لكن للأسف تمسك الأطفال بأبيهم أعاق عملية الإنقاذ، واستطاع شاب أن ينقذ حياة الفتاة وبقي الأب وابنه في الماء”.
وحول تدخل الدفاع المدني السوري للمساعدة، بيّن “قاسم” أن نقطة الدفاع المدني متواجدة داخل مدينة جرابلس، ولا يوجد أية نقطة مراقبة عند منطقة النهر، علما أن الاتصالات غير متوافرة فيها، مشيراً إلى أن الدفاع المدني وصل إلى مكان وقوع الحادث بعد ساعة تقريبا، واستغرقت عمليات تجهيز الغطاسين نحو ربع ساعة، واستطرد قائلا : ” منذ سبعة أشهر لم يتم إنقاذ أي أحد، الدفاع المدني بعيد عن هذه المنطقة، في كل مرة يصلون للبحث عن الغرقى وانتشال جثثهم”.
استطاعت فرق الدفاع المدني انتشال جثة الأب، أمس الخميس، ووجدوا جثة الابن اليوم الجمعة، ونقل الاثنان على دفعتين إلى الدانا لتشييع جثمانهما ودفنهما.
من جهته، أوضح مدير الدفاع المدني في مدينة جرابلس “نضال دبدوب” أن مركز الدفاع المدني يتواجد في منطقة تبعد عن النهر نحو 2 كم، مشيراً إلى أن الغطاسين يستنفرون أيام الجمعة وخلال الأعياد، وهي الخطة المعتمدة من الخوذ البيضاء.
وأضاف “دبدوب” لـ “حلب اليوم” أنهم لا يعلمون متى يصبح المكان مكتظا بالناس، منوهاً إلى أنهم يدرسون إنشاء نقطة غطس ثابتة عند النهر، ومحذرا من خطورة السباحة في نهر الفرات.
وبيّن مدير الدفاع المدني في جرابلس أن الفرق تستجيب بمجرد وصول البلاغ وأن تأخر الفرق يتعلق بتأخر وصول البلاغ إليهم، لافتاَ إلى أنهم نشروا أرقام الطوارئ الخاصة بهم في وقت سابق في منطقة النهر، وحتى لدى أصحاب المقاهي المتواجدة هناك.
وأجرى الدفاع المدني أربع دورات تدريبية للغطس خلال العامين السابقين والعام الجاري، في كل من حلب وإدلب، بحسب “دبدوب” الذي كشف أن عدد الغطاسين وصل إلى أكثر من 50 غطاساً يتوزعون في مناطق المسطحات المائية، بينهم 3 في مدينة جرابلس و3 في منطقة الغندورة.
وتعتبر الإطفاء والإنقاذ والإسعاف من مهام الدفاع المدني الأساسية، يضاف لها انتشال الغرقى و العالقين تحت الأنقاض وأيضاً الاستجابة للحالات الطارئة.
وتوجه “دبدوب” في ختام حديثه مع “حلب اليوم” بنصيحة حول اتباع إجراءات السلامة واصطحاب طوق نجاة وحبل أثناء السباحة، مشددا على ضرورة الحذر من خطورة نهر الفرات والمسطحات المائية في الشمال السوري.
يشار إلى أن عدد المدنيين الذين توفوا غرقاً في نهر الفرات بجرابلس، بلغ 10 أشخاص منذ بداية شهر تموز العام الجاري وحتى إعداد هذا التقرير بحسب الدفاع المدني، رغم التحذيرات التي توجهها فرقها بشكل مستمر.