أفاد مصدر خاص لقناة حلب اليوم أن اجتماعا جرى أمس الجمعة 10 تموز في بلدة جباتا الخشب بريف القنيطرة، جمع وفدا من الأمن العسكري التابع لإيران بأهالي البلدة.
وأشار المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، أن مندوبي الأمن العسكري قدموا من فرع سعسع المعروف بتبعيته المباشرة لإيران وحزب الله اللبناني.
وحضر الاجتماع من طرف إيران، رئيس فرع سعسع العميد طلال وعدد من ضباطه إضافة للقيادي السابق في الجيش الحر محمد العُر الجباوي الملقب أبو جعفر ممتنة والمعروف بقربه من إيران وحزب الله.
ومن بلدة جباتا الخشب حضرت شخصيات معارضة للنظام كان أبرزها: (ضرار البشير محافظ القنيطرة الحرة سابقاً، عبد الله البكار الملقب أبو مجاهد وهو قيادي سابق بالمجلس العسكري في القنيطرة، ودريد قبعاني الملقب بـ الاخطبوط قائد لواء سابق في الجيش الحر، وأبو شادي العز قيادي سابق ضمن ألوية سيوف الشام، ومرعي الحمدان الملقب أبو سليمان العز قائد لواء العز سابقا).
ووفق المصدر فقد طالب الأمن العسكري من أهالي “جباتا الخشب” عدم الانضمام للفيلق الخامس التابع لروسيا، حيث وجه رئيس فرع سعسع كلامه للأهالي قائلا: “إنتو شباب البلد وما بدنا ياكم تنضموا لروسيا، بكرة بتبعثكم لليبيا، وبيخلوكم تقاتلوا الحليف الإيراني لسوريا”.
إلا أن أهالي البلدة ردوا على المندوبين بالقول: “نحن ما بدنا ننضم لحدا، لا لإيران ولا لروسيا ولا للنظام”، ما أدى لحدوث مشادة كلامية بين الأطراف الحاضرة، حيث قال لهم ضابط من الأمن العسكري بلهجة التهكم: “يعني لمين بدكم تنضموا لإسرائيل” ليرد عليه أحد الأهالي الحاضرين: “فشرت نحنا لو بدنا إسرائيل من زمان دخّلناها للمنطقة”، ليغادر الوفد التابع الإيراني المنطقة بعد ذلك، دون الوصول لنتائج من الاجتماع.
وتخشى إيران انضمام شباب القنيطرة للفيلق الخامس الروسي وبذلك تخسر الشريط الحدودي المحاذي للجولان السوري المحتل “إسرائيل”، وهذا الموقع الذي تسعى إيران للسيطرة عليه يجعلها بموقع القوة والمسيطر على المنطقة في حال بسطت نفوذها عليه.
فيما تستخدم روسيا ورقة إيران للضغط على المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية بما يخص إسرائيل، إذ أن مهمة روسيا الكبرى هي إبعاد إيران عن حدود إسرائيل وحماية أمنها في سوريا، إضافة لسعيها لتحقيق مكاسب عدة منها ملف إعادة الإعمار وكسب تمويل له، ومحاولة الالتفاف على قانون قيصر إذ تشمل العقوبات داعمي الأسد.
وتحاول إيران جاهدة استدراج أهالي المنطقة لصفها وضمهم لصفوف قواتها، إلا أن البلدة التي لا تزال خارجة عن سيطرة النظام ترفض الانصياع لذلك ولم تنضم لاتفاق التسوية ورفضت الانضمام لاي من الفرقة الرابعة أو فروع النظام الأمنية التابعة لإيران وكذلك للفيلق الخامس الروسي.
ويقوم شباب البلدة من عناصر وقادة سابقين في الجيش الحر إضافة للأهالي بحماية البلدة وما حولها من بطش النظام وإيران وروسيا على حد سواء إلا أنه وبعد الاجتماع الأخير يخشى الأهالي أن يشن النظام وإيران حملة عسكرية مماثلة لما تعرض له الثوار في مدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حيث تم أخيرا تسليم أسلحتهم وتهجيرهم للشمال السوري بعد حلة عسكرية شنها النظام وإيران على المدينة، وخاصة أن السلاح الذي يملكه ثوار جباتا الخشب لا يكفي لمواجهات كبيرة وبعيدة المدى بحسب المصدر.
وكان المحلل السياسي د. محمود حمزة محمود ذكر لحلب اليوم، أن الأمور هي في تجاذبات بين روسيا وإيران والموالين لكلاهما، والصراع الآن في بداياته ولكنه سيزداد وفق تقديره، وسيكون الصراع على المستوى الأمني والعسكري وعلى مستوى الشركات الاقتصادية ومستويات مختلفة وستكون الكرة بملعب الأمريكان بحسب تعبيره.
لذلك يشهد الجنوب تنافساً روسياً إيرانياً لتوسيع النفوذ والتوسع في سوريا لضمان مصالح كل منهما، ولعلّ التنافس الظاهر بينهما في الجنوب السوري هو الأبرز، إذ تسعى روسيا لتقوية الفيلق الخامس في عموم سوريا وخصوصاً الجنوب السوري، عبر ضم أكبر قدر من أبناء المنطقة إليه، فيما تدعم إيران الفرقة الرابعة والأمن العسكري وتسعى جاهدة لبسط نفوذها في المنطقة عبر منح امتيازات للمنتسبين إليها.
الجدير بالذكر أنه ومنذ نحو أسبوعين انضم 400 عنصر سابق من الجيش الحر من أبناء ريف القنيطرة الجنوبي للفيلق الخامس معظمهم من المنشقين والمتخلفين عن الخدمة في صفوف قوات النظام، وهو ما أبدى مخاوف إيران ودفعها للاجتماع بأهالي جباتا الخشب لمحاولة منعهم من الالتحاق بالفيلق وجرهم لصفها.
ويعيش أهالي جباتا الخشب الآن ما بين مطرقة الروس وسندان إيران والنظام، وأمامهم خيارين لا ثالث لهما فإما الانضمام للفيلق الخامس باعتباره أهون الشرور أو المواجهة مع إيران، فهل ستشهد الأيام القادمة تصعيدا في ريف القنيطرة التي يميّزها موقعها الجيوسياسي عن غيرها